الهديل

لا رئيس للجمهورية للمرّة الثالثة… ولا للمرّة الألف

 

كتب عوني الكعكي:

لا أريد أن أكون متشائماً، فلا الموضوع موضوع عدد الجلسات النيابية التي سَتُعْقد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا دخل للحساب في مثل هذه التطوّرات.

بكل صراحة وبكل وضوح، موضوع انتخاب رئيس للجمهورية بحاجة الى اتفاق دولي… وكي نعود الى التاريخ، حيث مررنا بتجربتين اثنتين قبل اليوم:

الأولى بعد سنة ونصف السنة من انتهاء عهد «ملك السياحة الصيفية والشتوية» إميل لحود في 23 تشرين الثاني 2007، بقينا سنة ونصف السنة من دون رئيس جمهورية حتى جاء «مؤتمر الدوحة» في قطر، حيث دُعي الزعماء اللبنانيون كلهم الى هناك وبدعوة كريمة من أمير قطر حمد آل ثاني… وبعد جلسات خاصة وعامة تم الاتفاق على مجيء ميشال سليمان رئيساً للجمهورية… وللتاريخ نوضح أيضاً، إنّ موقفه من دخول «الحزب» الى بيروت في 7 أيار واحتلال بيروت لساعات لأسباب سخيفة، كان السبب الذي ساعده في الحصول على مكافأة من الجميع لأنّ المطلوب رئيس حيادي لا يميل الى أي فريق… وهذا ما حصل.

المرة الثانية كانت الأسوأ في تاريخ لبنان. إذ استفاد الجنرال عون من إبرام اتفاق مع قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع سُمّي بـ»اتفاق معراب» الذي جاءت فيه ثلاثة بنود:

أولاً: يدعم قائد «القوات اللبنانية» ترشيح الجنرال ميشال عون ليكون رئيساً للجمهورية..

ثانياً: مقابل ذلك تمّ الاتفاق على المناصفة في عدد الوزراء عند تشكيل أي حكومة.

ثالثاً: الاتفاق على المناصفة في عدد النواب بين «القوات» والتيار الوطني الحرّ. فانتهى الفراغ الذي بدأ في 14 أيار عام 2014 بانتخاب ميشال عون بتاريخ 31 تشرين الأول عام 2016.

بالفعل أعطى الدكتور سمير جعجع فخامته ما يريد، ولم يحصل بالمقابل على شيء.

وبهذه المناسبة لا بد من الإشارة الى ان نيّة الدكتور سمير جعجع كانت حفظ الدم المسيحي والابتعاد عن التقاتل بين «القوات» وبين «التيار».

كما علينا أن نتذكّر انه عند انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان بقينا سنتين ونصف السنة بدون رئيس حيث كان الرئيس برّي يدعو النواب الى انتخاب رئيس فيأتي النواب الى المجلس للتصويت للدكتور سمير جعجع، وكان الرئيس سعد الحريري في كل مرة يضغط على نوابه للنزول الى المجلس مع علمه مسبقاً انه لن تتم العملية لأنّ «الحزب» وجماعة 8 آذار لا يمكن أن يقبلوا بمرشح من 14 آذار.

خمسون مرّة ذهب الرئيس سعد الحريري الى المجلس، وفي كل مرّة يحدث الشيء نفسه: لا انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

اليوم، وكأنّ التاريخ يعيد نفسه.. مع بعض التكغيرات الصغيرة، التي لا تقدّم ولا تؤخر… ويمكن الانتباه الى بعض المتغيرات وهي:

أولاً: هناك 13 نائباً يسمّون أنفسهم بالتغييريين، وهؤلاء ترشحوا على أمل أن يغيّروا.. ويبقى السؤال: هل يستطيع هؤلاء الإجابة، كما قال لي أحد الظرفاء، بـ»أنّ النيّة موجودة لكن القدرة غير متوفرة».

ثانياً: خروج الرئيس سعد الحريري من الترشح للنيابة شكّل «تبعثراً» في الصوت السنّي، وأصبح أهل السنّة مبعثرين لا يوجد اثنان من الناجحين على «قلب واحد» في ظل ظروف معروفة.. والأنكى ان هناك عدّة محاولات جرت لتوحيدهم ولكنها باءت بالفشل، لأنّ كل واحد من النواب يعتبر انه هو المؤهّل ليكون الزعيم… و»بين حانا ومانا ضاعت لحانا».

اليوم، نحن أمام واقع جديد.. هو ان التبعثر والانقسام على صعيد الخارطة النيابية يجعل من المستحيل الاتفاق على رئيس بطريقة ديموقراطية.

أقول كلمتي هذه وأنا كلّي ثقة من أنّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية بحاجة الى اتفاق دولي… والأيام بيننا.

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version