الهديل

خاص الهديل: ثلاث سمات رافقت عون في كل محطاته: “التقلب” الحاد و”العنف” المتطرف و”الفشل” المتكرر ..

خاص الهديل:

 

 

يريد البعض من العونيين ومن خصوم العونيين على السواء، أن يجعلوا من فترة نهاية عهد ميشال عون بمثابة وقت لمحاكمته سياسياً. العونيون يريدون القول أن صورة عون لم تتضرر نتيجة أن البلد انهار خلال عهده.. وهؤلاء سيسيرون ليلة ٣١ تشرين أول تحت يافطة “ما خلونا”. وخصومات عون وهم كثر، يريدون القول أن صورة عون لم يبق منها إلا الرماد، وأن ما كان يُسمى “بالحلم العوني”، تبين أنه وهم كبير.

يبقى القول أنه لا العونيين يستطيعون الدفاع عن عهد الجنرال، ولا خصومه من جماعة الأحزاب السياسية تستطيع نصب قاعة محاكمته بمناسبة انتهاء عهده. فعون بلا شك خرج من رئاسة الجمهورية وهو مثخن بجراح الفشل وانتهاء الهالة التي أحاطت به لفترة طويلة، وعون بلا شك لم يفشل لوحده بل معه فشلت كل منظومة أحزاب السلطة في لبنان؛ ويحق على الجميع تبادل العبارة المقدسة: “من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر”.

 

لا شك أن الرئيس ميشال عون لعب دوراً لافتاً في الحياة السياسية اللبنانية. وبعيداً من هذه اللحظة المشبعة بالانفعالات وبالتوتر المستطير، فإن ما يمكن لفت النظر إليه في لحظات خروج عون من قصر بعبدا، هو ثلاثة سمات في شخصيته تلخص كل مسيرة هذا الرجل الذي حلم دائماً أن يصل لرئاسة الجمهورية، ولكنه يتفاجأ اليوم بأنه لو ختم حياته بعنوان “الجنرال”، كان ذلك سيكون أفضل له من أن يختم حياته بعنوان “فخامة الرئيس”.

 

السمة الأولى: خاض عون على مدار حياته تجارب كثيرة، ولكن جميع هذه التجارب تميزت بسمة سلوكية وسياسية واحدة. وهي “التقلب” في التوجهات والتناقض الحاد في خيارته الأساسية؛ فهو كان بداية ضد سورية، ومن ثم أصبح مع سورية، وكان بداية ضد حزب الله ومن ثم أصبح مع حزب الله، وتقلب أكثر من مرة بين خيارات مع وضد الحريري (الخ).. وعليه فإن السمة الأولى التي طبعت سلوكه طوال عمر تحاربه المستمرة هي “التقلب” في خياراته الأساسية وذلك الى حد التناقض الحاد.

 

السمة الثانية التي طبعت سلوك ميشال عون منذ بدايته حتى الآن؛ هي “العنف”.

… لقد كان ميشال عون في كل تجاربه عنيفاً وانفعالياً ومتطرفاً سواء كان في وضعية “اليمين” أو “اليسار”، وفي كل مرة ومحطة من تجاربه، كان يأخذ الأمن والاستقرار والاقتصاد في البلد الى الهاوية والخراب، وليس إلى “حافة الهاوية” كما يفعل السياسيون المحترفون. وليس هنا مجال ذكر حروب عون الكثيرة والتي جميعها عرضت البلد لخسائر غير قليلة في الأملاك والأرواح.

 

أما السمة الثالثة التي طبعت سلوك عون السياسي فهي “الفشل” المتكرر.. فهو بدأ بحرب التحرير وفشل فيها، وكلف البلد ثمناً كبيراً. وكان بدأ حرب الإلغاء وفشل فيها، وانتهى في المنفى وسمير جعجع في السجن، والمسيحيون بين فكي الاحباط. وبدأ تجربة رئاسة الجمهورية التي خاض كل حروبه السابقة من أجل الوصول إليها، بوصفه “الرئيس القوي” وانتهى بأنه أفشل رئيس جمهورية شهده لبنان، وبأن البلد أصبح ركاماً في عهده، والدولة لم تعد موجودة.

 

والواقع أن هناك ثلاثية سلوكية رافقت ميشال عون طوال حياته وفي كل محطاته السياسية؛ وهي: “التقلب” الحاد، و”العنف” المتطرف؛ و”الفشل” المتكرر…

 

… ومع ذلك فإن كل ما هو مطلوب اليوم، هو أن يخرج ميشال عون من قصر بعبدا كرئيس للجمهورية، أي من دون اعتبار مناسبة تسليمه للقصر بفعل انتهاء ولايته، هي لحظة محاكمة له؛ فوقت كتابة التاريخ ليس الآن، بل الآن هو وقت إثبات أن الديمقراطية اللبنانية لا يزال فيها روح تؤدي الى حسن تداول السلطة ولو بالحد الادنى.. ومن يحاول أن يبالغ بالاحتفاء ايجاباً بخروج عون من بعبدا، أي يحاول تصوير المشهد وكأن عون عائد من فتح عظيم، وأنه “بطل قومي”، سيكون تصرفه هذا، مؤذ لاحترام عقول كل اللبنانيين؛ وبالمقابل، من سوف يحمل السيف ليرقص فرحاً بخروج عون من القصر، بوصفه هو سبب كل المصائب التي طالت البلد، سوف يكون من الأفضل له ان يردد مع ذاته العبارة عينها: “من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر”!!

Exit mobile version