كثيراً ما نرى أشخاصاً يرتدون سماعاتهم في أثناء ممارستهم الرياضة أو الركض، فهل لسماع الموسيقى في أثناء ممارسة التمارين الرياضية فوائد فعلاً؟ أم هو لمجرد التسلية فقط؟
فوائد سماع الموسيقى أثناء ممارسة الرياضة
على مدار عقدين من الزمن، حقق العلماء في تأثير الاستماع للموسيقى على أداء التمارين، ووجدوا أنها ليست مجرد تسلية وإنما لها فوائد كبيرة.
تؤثر الموسيقى بشكل إيجابي على مزاجك، وتقلل من الجهد المتصور، وتزيد من القدرة على التحمل، وتجعل الرياضيين أكثر كفاءة عندما تتزامن مع حركاتهم.
أثناء الاستماع إلى الموسيقى، كان الناس قادرين على الجري لمسافة أبعد، وركوب الدراجة فترة أطول والسباحة بشكل أسرع.
كيف تؤثر الموسيقى على المزاج أثناء التمرين؟
وجدت إحدى الدراسات المنشورة بدورية Psychology of Sport and Exercise في عام 2018، أن الاستماع إلى الموسيقى أدى إلى زيادة بنسبة 28% في الاستمتاع بالنشاط البدني، مقارنة بعدم الاستماع إلى أي شيء.
وكان الاستمتاع أعلى بنسبة 13% بالنسبة للمشاركين الذين استمعوا إلى الموسيقى، مقارنة بأولئك الذين استمعوا إلى حلقات بودكاست.
في حين أن المشاركين الذين استمعوا إلى الموسيقى التي اعتبروها “ممتعة” لديهم مستويات أعلى من السيروتونين، وهو الهرمون الذي يعزز المشاعر الإيجابية، ومن خلال تعزيز المتعة يمكن أن يقل الجهد المتصور ليشعر الشخص بأن التمارين أقل صعوبة.
لكن ما النغمات التي تعمل بشكل أفضل؟ حسناً، يقول البروفيسور كراغورغيس إن الاستماع إلى “أي نوع من الموسيقى” سيقلل من الجهد المتصور سواء أحببت الموسيقى أم لا.
ويضيف وفقاً لمجلة Live Science العلمية الأمريكية: “الموسيقى التي تختارها عشوائياً تقلل من الجهد الذي تبذله بنحو 8% في شد التمرين المنخفضة إلى المعتدلة. أما في التمارين الأعلى شدة، فالموسيقى بشكل عام غير فعالة، ولكن الموسيقى المختارة جيداً يمكن أن تقلل من الجهد الملحوظ بنسبة 12%”.
ولكن بمجرد أن يمارس شخص ما أكثر من 75% من الاستهلاك الأقصى للأوكسجين خلال تمرين عالي الشدة، تكون الموسيقى “غير فعالة نسبياً” في التأثير على جهدك.
دع جسمك ينتقل إلى الموسيقى
يعود تاريخ البحث حول التفاعل بين الموسيقى والتمارين الرياضية إلى عام 1911 على الأقل، عندما وجد المحقق الأمريكي ليونارد أيريس أن راكبي الدراجات كانوا يقومون بالدواسة بشكل أسرع في أثناء قيام الفرقة الموسيقية بعزف الموسيقى عكس مما كانت عليه عندما كانت صامتة.
منذ ذلك الحين أجرى علماء النفس نحو 100 دراسة حول الطريقة التي تغير بها الموسيقى أداء الناس في مجموعة متنوعة من الأنشطة البدنية، تتراوح في شدتها بين المشي والعدو السريع.
ووفقاً لما ذكره موقع Scientific American، فإن من أهم صفات موسيقى التمرين الإيقاع- أو السرعة- وما يسميه علماء النفس استجابة الإيقاع، وهو مقدار ما تجعلك الأغنية ترغب في ممارسة الرياضة.
لدى معظم الناس غريزة لمزامنة حركاتهم وتعبيراتهم مع الموسيقى- للإيماء برؤوسهم أو النقر على أصابع قدمهم أو الرقص- حتى لو قاموا بقمع هذه الغريزة في العديد من المواقف.
ويختلف نوع الموسيقى الذي يثير هذه الغريزة من ثقافة إلى أخرى ومن شخص لآخر.
ووفقاً لما ذكره الموقع الأمريكي، فإن أكثر أنواع موسيقى التمرين شيوعاً هي الهيب هوب والروك والبوب.
السر في إلهاء الدماغ!
توضح الأبحاث الحديثة ليس فقط نوع الموسيقى الأنسب للتمرين، ولكن أيضاً كيف تشجع الموسيقى الناس على الاستمرار في ممارسة الرياضة.
الإلهاء هو أحد التفسيرات، إذ يراقب جسم الإنسان نفسه باستمرار، وبعد فترة معينة من التمرين يبدأ التعب الجسدي في الظهور.
يتعرف الجسم على علامات الإجهاد الشديد- ارتفاع مستويات اللاكتات في العضلات، وخفقان القلب، وزيادة إفراز العرق- ويقرر أنه بحاجة إلى استراحة.
هذه الموسيقى تقوم بالتأثير وإلهاء انتباه الدماغ، لتظهر فوائد الإلهاء عندما تواجه التمارين عالية الشدة، لتجعلك مثلاً تستطيع الركض لمسافة أطول مما كنت تركض مسبقاً وتشعر بتعب أقل.
كما تزيد الموسيقى أيضاً من القدرة على التحمل عن طريق إبقاء الإنسان مغموراً بمشاعر قوية، إذ غالباً ما يكون الاستماع إلى الموسيقى تجربة ممتعة بشكل لا يصدق، وتفتح بعض الأغاني الأبواب الذهنية التي يتحكم بها الناس في عواطفهم بالمواقف اليومية.
إذا كان المرء يتعاطف بقوة مع مشاعر المغني أو وجهة نظره، فإن الأغنية تصبح أكثر تحفيزاً.