الهديل

خاص الهديل : البحث عن فخامة الرئيس العتيد وفق معايير “طبخة” انتخاب الرئيس العراقي!!

خاص الهديل:

عندما تم اعلان الاتفاق المبدئي على ورقة هوكشتاين من قبل كل من لبنان وإسرائيل، عقد في نفس اليوم البرلمان العراقي جلسة أسفرت عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية العراقية هو السيد عبد اللطيف رشيد، وفي نفس الجلسة كلّف رشيد المنتخب منذ لحظات السيد محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة العراقية.

وعندما تم أمس توقيع اتفاق هوكشتاين في الناقورة بين اسرائيل ولبنان، كان مجلس النواب العراقي يعقد جلسة أسفرت عن منح الثقة لحكومة السوداني ..

من منظار العلم، فإن “الصدفة” تحدث مرة واحدة كل عدة سنوات، أما أن يتكرر مشهد الترابط بين خطوات التقدم في صفقة اتفاق هوكشتاين في لبنان، وبين خطوات حلحلة أزمة إعادة تكوين السلطة في العراق، مرتين اثنتين في أقل من شهر واحد، فإنما هذا يعني أن ما يحدث ليس “مصادفة”، بل “صفقة مقايضة” بين ملفين الأول اسمه العراق المعنية به ايران، والثاني إسمه ملف الغاز بين لبنان واسرائيل المعنية به ادارة بايدن.

في العراق يبدو أن مقتدى الصدر هو ضحية صفقة الحل الخارجي لأزمة العراق، ومن الواضح أن الذين دعموه وشدوا على يده ليصعّد مواقفه ضد الحشد الشعبي هناك، تخلوا عنه كونهم وجدوا أن هناك مصلحة لهم في العراق أكبر من تناقضهم مع الحشد وما يمثله في العراق.

… وفي لبنان لم يتضح بعد، ما إذا كان هناك طرف داخلي أو أطراف أساسية محلية ستدفع داخل اللعبة السياسية اللبنانية، ثمن اتفاق هوكشتاين، كما دفع التيار الصدري ثمن الصفقة في العراق (؟؟).. ولكن بمقابل هذا السؤال، هناك وجهة نظر تقول ان الجهات الخارجية التي رعت اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، لم يشمل اتفاقها على ترتيب الوضع الداخلي في لبنان، بل ما تم الاتفاق عليه هو ترتيبات جوهرية لملف اعادة انتاج السلطة في العراق، يقابله ترتيب على مستوى ترسيم حدود البحر بين لبنان وإسرائيل وتقاسم حقول الغاز بين الطرفين.. بمعنى آخر، فإن الاتفاق في البحر وما تحت البحر من غاز، لن يصل إلى البر واليابسة اللبنانية وما عليها من أحزاب وأزمات وسياسة فوق الأرض.

 

وبعيداً عما اذا كان اتفاق هوكشتاين له استتباعات داخلية في لبنان أم لا، فإن ما يبدو لافتاً بشدة للنظر، هو أن الوضع الداخلي في لبنان لا يزال منذ العام ٢٠١٩ يسير وكأنه ظل الوضع الداخلي العراقي. فما يحصل هناك من أحداث يحصل مثله في لبنان، ودرجة التطابق بين الحدثين اللبناني والعراقي منذ العام ٢٠١٩ حتى الآن عالية جداً وتصل لحد التناسخ.

 

..وعليه فإن المراقب يجد نفسه مدفوعاً للسؤال الآن، عما إذا كان رئيس الجمهورية العراقي الجديد السيد عبد اللطيف رشيد سيكون له مقابل على وزنه وبذات ملامحه السياسية في لبنان، كي يكون هو فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية؟؟

وتستدعي الإجابة عن هذا السؤال تسليط الضوء على الميزات الخاصة بالرئيس عبد اللطيف رشيد حتى يمكن الاستدلال من خلالها على الميزات المطلوب توفرها بالرئيس اللبناني العتيد..

أولاً عبد اللطيف رشيد هو وزير سابق شغل منصب وزير الموارد المائية، وثانياً كان مستشاراً للرئيس العراقي لفترة طويلة؛ وثالثاً، الميزة الأهم، وهو أنه أحد الأعضاء الفاعلين في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

 

وفي لبنان سيكون مفيداً خلال البحث عن رئيس جمهورية تتوفر فيه سمات الرئيس رشيد الذي رست عليه التسوية الخارجية ليكون “رئيس جمهورية وضع العراق الحالي”، التوقف عند حقيقة ان المطلوب رئيس من داخل نادي معايشة الأزمة، وأن يكون له سياسياً معنى حزب الاتحاد الكردستاني في معادلة العراق الذي يمثله البرزاني ذو العلاقات الخارجية القوية شرقاً وغرباً.

 

وفي لبنان، سيكون أيضاً مطلوب لانتخاب رئيس جمهورية، البحث عن رئيس تنتجه تسوية على وزن ما حدث في العراق؛ أي شخصية غير مدعومة من “حالة الاعتراض القوية” بل من “تسوية خارجية قوية”.

وعليه؛ فإنه اذا كان المطلوب في لبنان، اقتباس ما حدث في العراق لاختيار رئيس للجمهورية، فإن هذا يعني ان “معادلة طبخة فخامة الرئيس اللبناني” ستتضمن المواد والمعايير التالية: 

أولاً- حصول فكاك بين حالة الإعتراض الاساسية (حالة الصدر الشيعية في العراق) وبين أكبر كتلة تقليدية تؤيدها (أي حزب البرزاني الكردي). والواقع ان صفقة الخارج لإنتاج وضع عراقي داخلي يسمح بانتخاب رئيس اعتمدت على حالة قيامة البرزاني بفك تحالفه مع الصدر في موضوع تسمية مرشح واحد لرئاسة الجمهورية، وما يمكن أن يحدث في لبنان لتحقيق نفس المبدأ الذي حصل في العراق، هو حصول “حالة فكاك” من قبل حزب وليد جنبلاط الدرزي عن تحالفه مع قوة الاعتراض المسيحية الاساسية (القوات والكتائب) بخصوص تسمية رئيس للجمهورية. وواضح أن جنبلاط يُحضر في لبنان وفي أزمة رئاسة الجمهورية ليلعب دور البرزاني في انتخابات رئاسة الجمهورية في العراق.

ثانياً- ان معادلة انتخاب رئيس الجمهورية في العراق قامت على أساس إجراء تعديل قيصري في مجلس النواب، أسفر عن حدوث انقلاب على نتائج الانتخابات النيابية. وتمثل ذلك بخروج كتلة مقتدى الصدر “بإرادتها” من البرلمان، ما جعل الأغلبية تنتقل من جهة سياسية لجهة أخرى مغايرة تماماً…والسؤال هو كيف يمكن أن يحدث في لبنان ما حدث في العراق(؟؟)؛ وبكلام أوضح؛ هل يحدث أن يشهد لبنان خروج كتلة نيابية وازنة تشبه كتلة الصدر في موقفها السياسي من البرلمان أو أقله أن تحيد نفسها من هذا الصراع من تلقاء ذاتها أيضاً(؟؟)، أو أن تصطف في آخر لحظة مع مرشح التسوية الكبيرة وليس مع مرشح التحدي الكبير(؟؟)

Exit mobile version