كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
لا ينفك رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يوجه رسائله المباشرة والمُبطّنة في مختلف الاتجاهات التي من شأنها ان تفك أسره رئاسيا علّ ما كان معجزة وبات واقعا منذ ست سنوات يتكرر اليوم والمحظور يصبح مباحاً والحلم حقيقة.
قبل ان يعتلي الرئيس ميشال عون عام 2016 سدة الرئاسة لم يكن احد من اللبنانيين يتوقع او يتخيّل حتى، ان تسوية على غرار تلك التي ابرمت بين الرابية ومعراب ثم بين الرابية وبيت الوسط يمكن ان تبصر النور، لكن في عالم السياسة لا مستحيل، والابيض قد يتحول اسود في اي لحظة. شأن يراهن عليه باسيل على الارجح ويخدمه في ذلك اكثر من عامل قد يكون الفراغ اهمه، اضافة الى توقيع اتفاق الترسيم، وقد كانت له حصة الاسد فيه من جانب الرئيس عون بعدما خصه وحده بالاسم فيه، علّ التسهيلات التي قُدمت تفك عنه طوق العقوبات الاميركية وتفتح الدرب الرئاسية.
لكن، ازاء الهواجس تلك، التي يعرب عنها لبنانيون كثر، عمدت الادارة الاميركية منذ ايام الى توجيه رسالة الى المجموعات اللبنانية الاميركية والمواطنين اللبنانيين الاميركيين جاء فيها: “في ما يتعلق بصفقة الترسيم البحري ، أشار البيت الأبيض إلى أهمية معرفة اللبنانيين واللبنانيين _الأمريكيين بما يلي:
1-الترسيم البحري هو اتفاق أميركي مدروس جيدا ومفيد لجميع الاطراف.
2-لا صفقة ولا تنازلات لـ”حزب الله” أو لـ”جبران باسيل”. ولا تملك الإدارة سلطة عقد أي صفقات. باسيل يجب أن يمر بالمحكمة الفيدرالية الأميركية لشطب نفسه من قائمة العقوبات”.
-لن تكون هناك فوائد مالية للسياسيين أو لمن ينشئون الشركات. نحن وشركة توتال نتخذ الإجراءات اللازمة للتأكد من أن الصناديق الاتئمانية السيادية ستفيد الشعب اللبناني فقط! ولا دولارات للسياسيين!”
اذا، على ذمة البيت الابيض ليس ثمن تسهيل الترسيم رفع العقوبات عن باسيل وبالتالي لن يقدم الاتفاق الاميركي- الايراني ايضا، إن حصل، وهو مستبعد، هدايا لرئيس التيار، ربما كانت صالحة منذ سنوات لكنها لم تعد اليوم.
وتبعا لذلك، يبقى السؤال المنطقي على ماذا يراهن باسيل اذاً، هل على تحوّل في المشهد الداخلي وهو لذلك لا ينفك يغازل حزب الله؟ بدت لافتة تغريدته ليل امس حينما كتب في حسابه الخاص عبر “تويتر”: “اتفاق الترسيم والاستخراج الذي أنجزه لبنان هو نموذج أو مثال عن كيف تكون الاستراتيجية الدفاعية بحيث تكون الدولة المرجع الأساس فيها والمقاومة عنصر قوة مساند وملتزم بسياسة الدولة وقرارها، وهيك مشروع المقاومة لا يتعارض مع مشروع الدولة وبنائها لا بل يعزّزه”.
بتغريدته، وبحسب ما تقول اوساط سياسية في المعارضة لـ”المركزية” وجه باسيل رسالة طمأنة للحزب وضمانة انه في ما لو انتخبه فإنه، وكما عمه، لن يمس بسلاحه غير الشرعي ولن يطبق القرار 1559 بحصر السلاح بيد الشرعية، بل يمضي في شرعنة سلاحه الى جانب الدولة،من خلال فذلكة استراتيجية دفاعية على قياسه، متجاهلا وجود الجيش اللبناني وسائر الاجهزة الامنية القادرة وحدها على حماية لبنان من دون الحاجة لـ”عنصر قوة يساندها” ولا لمسلحين يساندون ويعززون مشروع بناء الدولة، وقد زال الخطر الاسرائيلي بعد الترسيم باقرار جميع المعنيين، ولا دولة حقيقية بوجود جيشين وسلاحين مهما كان السلاح الثاني وفي يد أي فئة.
ومن الحزب الى واشنطن، اذ حدد باسيل لنفسه دور صلة الوصل والقادر ان يمون على الضاحية في اي اشكال قد يستجد على الخط الترسيمي بعد التوقيع.
معادلة باسيل هذه، التي تصيب بسهامها في شكل خاص اتفاق الطائف، في زمن دفع البعض نحو محاولة تغييره من خلال قطع الطريق على استكمال تطبيقه، ، لن تجدي نفعا في ازالة عوائق وصوله الى بعبدا. وتسليف مواقف الدعم لحزب الله علّها تنفع في حمله على تبني ترشيحه، لن تفتح له ابواب القصر، بحسب الاوساط، فزمن الاول تحوّل، والاغلبية النيابية التي كانت في يد الحزب لم تعد، وتجربة التيار الوطني الحر المريرة في الرئاسة وقد هدمت لبنان، لن يغامر بتكرارها اي طرف سياسي ولن تحتويها اي تسوية مهما علا شأن مبرميها. والرئيس لن يكون الا من توافق عليه الاكثرية، ولا اكثرية لباسيل، تختم الاوساط.