مع اقتراب موسم الشتاء يتساءل اللبنانيون كيف سيكون الطقس في الأشهر المقبلة لاسيما مع ارتفاع أسعار المحروقات وغياب الكهرباء وكيف سيؤمّنون وسائل التدفئة وخاصة ان شتاء 2022 “بيّضها” حيث ضربت
لبنان خلال هذا الموسم سلسلة منخفضات جوية أدت إلى تراكم الثلوج التي لامست السواحل في شمال لبنان وتدنت درجات الحرارة بشكل كبير
ومنذ أكثر من أسبوع أغرقت الشتوة الأولى الطرقات والشوارع التي تحولت إلى أنهار ومستنقعات ولاسيما في بيروت وجونية بعدما غرقت بمياه الأمطار التي تساقطت بغزارة لأول مرة هذا الموسم على مختلف الأراضي اللبنانية وقد تسببت بمقتل شخص جرفته السيول في ذوق مصبح.
الأب ايلي خنيصر المتخصص بالأحوال الجوية أبدى رأيه بالتفصيل حول ما ينتظرنا على صعيد الطقس في موسم شتاء 2022 ـ 2023.
فقد أشار خنيصر إلى ان “لبنان لا يزال حتى الآن خارج خط المنخفضات الجوية والعواصف لأنه كما يُقال بين تشرين وتشرين صيف ثانٍ، وبحسب جغرافية لبنان تبدأ المنخفضات القوية والفعالة اعتبارا من منتصف تشرين الثاني وما بعده”.
ولفت إلى انه “من المنتظر في الأسبوع الثاني من تشرين الثاني الحالي ان يفتح خط المنخفضات على لبنان، وبالتالي سيؤدي هذا الأمر إلى تساقط الثلوج للمرة الأولى هذا الموسم على المرتفعات فوق الـ 2500 متر” .
هل نشهد تكرار سيناريو شتاء 2022؟ وهل من دلائل علمية لذلك؟
يجيب خنيصر: “حاليا وكما العام الماضي يضرب القطب الشمالي في شهر أيلول المناطق الشرقية لأوروبا والغربية لآسيا وعندما تتمركز التيارات القطبية في نزولها الأول على البحر الأسود وتركيا بين شهري تشرين الأول والثاني وعادة تتمركز هناك وتحافظ على هذا الخط بسبب لعبة الضغط الجوي وهذا ما حصل في موسم شتاء 2021ـ 2022 “.
وأضاف: “أحيانا يتأخر تساقط الثلوج على لبنان ومرد ذلك ان التيارات القطبية تكون ببداية الموسم بدأت تضرب غرب
أوروبا وشمال غرب افريقيا أي دول المغرب وشمال الجزائر لذا تضعف حركة التيارات القطبية شرقاً”.
وبحسب خنيصر، لبنان يتأثر كالشتاء الماضي بشرق أوروبا وغرب روسيا لأن التيارات القطبية تُعيد سيناريو العام الماضي من حيث النزولات القطبية. ولهذا نستنتج علميا ان شتاء هذا العام قد يكون شبيها بالعام الماضي من حيث سيطرة الرياح الباردة وتعمقها على مدار السرطان، أي الصحاري الافريقية الكبرى وشبه الجزيرة العربية، ومتى تم تبريد المناطق المدارية تزداد قساوة التيارات القطبية في منطقة الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وتركيا وشمال مصر، لذا شعرنا العام الماضي بالبرد القارس وتدنت درجات الحرارة في البقاع إلى -10 تحت الصفر” .
كيف ستكون نسبة الأمطار والمنخفضات لهذا الموسم؟
يقول خنيصر ان “حركة المحيط الأطلسي تشير لهذا العام حيث كثرت فيه نسبة الأعاصير إلى ارتفاع درجة حرارة المياه في المحيط ما يُساهم بتشكل الكثير من المنخفضات بسبب ارتفاع الرطوبة ومن المنتظر ان تغذي قارة أوروبا وشمال افريقيا والحوض الشرقي للبحر المتوسط”.
وتابع: “إذا كانت حركة المنخفض قد سبقت تعمق الكتل القطبية لا نشهد كميات من التراكمات الثلجية، وما حصل العام الماضي هو تأثر لبنان بموجات قطبية متتالية حوّلت كل المنخفضات الجوية إلى عواصف ثلجية حتى تدنى مستوى الثلوج ولامس السواحل اللبنانية، وقد يتكرر هذا السيناريو هذا العام بسبب تمركز الكتل القطبية فوق شرق أوروبا وغرب آسيا وهذا هو الخط الذي يتغذى منه لبنان بالبرد والصقيع”.
شتاءٌ قاسٍ؟
أشار خنيصر إلى انه “شهدنا هذا الموسم صيفا اعتياديا ولكن بسبب غياب الكهرباء والتبريد والحالة الاقتصادية الخانقة وانقطاع المياه لم يستطع اللبناني التكيف مع الحر وشعر بأن الصيف كان خانقا وحاليا وبسبب ارتفاع أسعار المحروقات وغياب التدفئة سيشعر المواطن بقساوة الشتاء أيضا حتى ولو كان اعتياديا، فكيف اذا شهدنا موسما كالموسم الماضي؟”
ماذا عن طقس الأيام المقبلة؟
يوضح خنيصر ان “لبنان يتأثر حاليا بحالة عدم استقرار بدأت منذ مساء أمس الإثنين وستستمر لغاية يوم الخميس نتيجة تدفق كتل رطبة من شمال ليبيا ومصر ستؤدي لأمطار متفرقة محلية خلال 3 أيام تشمل معظم المناطق بشكل متفاوت وستكون غزارتها يوم الأربعاء ملحوظة في المناطق الساحلية والجبال الغربية”.
ولفت إلى ان “تدفق الكتل الرطبة على البحر المتوسط سيستمر خلال القسم الأول من شهر تشرين الثاني وسيكون لبنان تحت تأثير الأمطار والثلوج مطلع الأسبوع الثاني من تشرين الثاني بسبب منخفض جوي قادم من جنوب أوروبا سوف يؤثر على لبنان بطقس ممطر وبارد ويترافق مع تدني بدرجات الحرارة وستتساقط الثلوج أثناء هذا المنخفض على المرتفعات ما فوق الـ 2600 متر”.
كيف بدا نشاط القطب الشمال في الأسبوع الأخير من تشرين الأول وبداية تشرين الثاني؟
تُشير الخريطة المرفقة إلى ان التيارات القطبية تغطي قسما كبيرا من القارة الأوروبية خاصة الشرقية وغرب آسيا، وسوف تطال الحوض الشرقي للبحر المتوسط وبخاصة لبنان على طبقة 700hpa أي على ارتفاع 3000 متر فتتدنى الحرارة الى -2، الامر الذي سيؤدي الى تساقط الثلوج على الجبال اللبنانية التي تعلو 2600 متر، إضافة الى انخفاض ملحوظ بدرجات الحرارة في كافة المناطق اللبنانية وبخاصة في ساعات الليل، كما يشرح خنيصر.
ماذا عن حركة المحيطات وتأثيرها على المنخفضات الجوية؟
يلفت خنيصر إلى “انه من حيث حركة الاعاصير في المحيطات، في العام الماضي بلغ عددها خلال الموسم الممتد من ايلول ولغاية كانون الاول 27 اعصاراً، تشكلت بين الاطلسي والمحيط الهادئ والهندي، وخلال هذا الموسم ارتفع عدد الاعاصير الى 18 اعصارا وسوف يضرب اعصاران جديدان جنوب الصين واميركا الوسطى ليصبح عددها 20 اعصاراً”.
وتشير كثرة عدد الاعاصير في المحيطات، بحسب خنيصر، الى ارتفاع درجة حرارة المياه وبالتالي نسبة التبخر التي تساهم بتشكل المنخفضات ودخولها الى القارات، فحركة المحيط الاطلسي لهذا الموسم تبدو جيدة وتعد القارة الاوروبية وشمال افريقيا ومنطقة الحوض الشرقي للبحر الابيض المتوسط بشتاء جيد جداً، فكيف اذا تزامنت المنخفضات الجوية مع تمدد الكتل القطبية فوق المنطقة؟
إذن على ما يبدو موسم أمطار وثلوج واعد بانتظارنا، على أمل الا تتحول هذه النعمة إلى نقمة وان يتمكن جميع اللبنانيين من تأمين وسائل التدفئة لمواجهة البرد والصقيع