كتب عوني الكعكي:
تحت شعار «لمّ الشمل»… استضافت الجزائر أوّل قمة عربية منذ 3 سنوات، مع استمرار الانقسامات التي تشهدها المنطقة.
وفي السياق نفسه، قالت الرئاسة الفلسطينية إنّ القمة العربية في الجزائر يومي الثلاثاء والأربعاء هي قمّة فلسطين والوحدة العربية.
وكانت جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة، قد عقدت آخر قمة لها في شهر آذار عام 2019 في تونس، قبل تفشّي وباء «كوفيد – 19».
واهتمت القمة من خلال وزراء الخارجية للدول المشاركة بمناقشة قضيّة الأمن الغذائي القومي العربي، ومشروع قرار حول الأعمال المنبثقة عن اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
أعود لمشاركة لبنان في القمة العربية… فالرئيس نجيب ميقاتي يمثّل لبنان في هذه القمة، رغم الرسالة، التي كان قد بعث بها رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الى مجلس النواب، مذكّراً بأنه وقّع مرسوماً باعتبار حكومة تصريف الأعمال مستقيلة، ما تسبّب بإرباك وجدال صعب.
وصل الرئيس ميقاتي الى الجزائر لتمثيل لبنان في القمة العربية في دورتها الحادية والثلاثين. وكان في استقباله في مطار «هواري بومدين» الوزير الأول (رئيس الوزراء) في الجزائر أيمن بن عبدالرحمن ووزير خارجية الجزائر رمضان العمامرة والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ما يعني اعترافاً رسمياً عربياً بشرعية وجود ميقاتي، وأنه بحكومة تصريف الأعمال يستطيع أن يمارس الصلاحيات الموكولة إليه.
ورغم ذلك كله، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في تصريح لشبكة «سكاي نيوز عربية»، أمس الثلاثاء، أنّ «الهدف الأساس في لبنان اليوم يتحدّد في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت ممكن»، مشدداً على أهميّة أن يكون الرئيس الـمُقبل جامعاً لكل اللبنانيين.
كذلك، أشار ميقاتي الى أنه يُفترض أن يبقى مجلس النواب مُنعقداً عندما تكون الحكومة مُستقيلة وتقوم بتصريف الأعمال في ظلّ الشغور الرئاسي.
والتقى الرئيس ميقاتي أمس، الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كما كان له لقاء آخر مع الممثل الشخصي لأمير البحرين، رئيس وزراء البحرين الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة.
فماذا يعني ذلك؟
أولاً: كل ما فعله الرئيس ميقاتي أنه لم يَسْطُ على صلاحيات رئيس الجمهورية كما ادعى جهابذة «التيار الوطني الحرّ»، والدائرون في فلكه…
ثانياً: حرص الرئيس ميقاتي على سدّ الشغور بأقل ما يمكن من الصلاحيات…
ثالثاً: لقد قوبل الرئيس نجيب ميقاتي بدعم عربي كبير وواسع من خلال استقباله واجتماعاته ومشاركاته في أعمال قمة «لمّ الشمل».
وأهم دعم له تأكيد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط دعم الجامعة الكامل للبنان من أجل تجاوز المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها، مشدداً على أهمية اضطلاع الحكومة الحالية بالاصلاحات الضرورية المطلوبة.
جاء كلامُ أبو الغيط خلال لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجزائر، أمس، على هامش القمة.
وأوضح جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للجامعة العربية، أن اللقاء تناول مجمل الوضع اللبناني، بما في ذلك التطورات السياسية الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية قبيل الدخول في فترة الشغور الرئاسي، حيث اعتبر ابو الغيط أن استمرار الشغور الرئاسي لفترة قد يطول أمدها، سيكون له تبعات سلبية علي لبنان في ظل التحديات الراهنة التي تواجهه.
وأضاف المتحدث أن الأمين العام أكد على دعم الجامعة العربية الكامل للدولة اللبنانية من أجل تجاوز هذه المرحلة الدقيقة، مشدداً على أهمية اضطلاع الحكومة الحالية بالاصلاحات الضرورية المطلوبة، وفي ذات الوقت اضطلاع السياسيين اللبنانيين بمسؤوليتهم، وضرورة إعلاء المصلحة الوطنية فوق أيةاعتبارات أخرى وصولا لتوافقات تفضي إلى انهاء الانسداد السياسي والحيلولة دون الدخول في فراغ رئاسي لا تتحمله البلاد.
من جانبه، أعرب ميقاتي عن تقديره للدور الذي تقوم به الجامعة العربية من أجل مواكبة لبنان في مختلف المحطات والتحديات التي تواجهه، وتطلعه لمواصلة هذا الدور بنشاط وفعالية في سبيل حشد الدعم العربي للبنان ومساعدة شعبه على تجاوز التحديات السياسية والاقتصادية الراهنة التي يمر بها.
رابعاً: كانت لقاءات ميقاتي بالقادة والمسؤولين العرب تدلّ على ضرورة عودة لبنان الى عرينه العربي، بعدما كان قد أبعد نفسه بسبب سياسات جبران باسيل، حين كان وزيراً للخارجية…
خامساً: أهم لقاءات ميقاتي أمس غير لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، كانت للممثل الخاص لملك البحرين الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة في مقر إقامته.
أكد رئيس الحكومة “ان صلاحيات رئيس الجمهورية لا تعود بموجب الدستور الى رئيس الحكومة، بل الى مجلس الوزراء، وسنعمل على ادارة شؤون البلاد من دون استفزاز، ولكن الاولوية تبقى لانتخاب رئيس جديد للبلاد وتأليف حكومة جديدة، وان يكون التعاون والانسجام قائما بينهما. ومن هذا المنطلق سيبقى تعاوننا مع المجلس قائما وفاعلا”.
وعن احتمال دعوته مجلس الوزراء الى الانعقاد، لفت ميقاتي الى انه “اذا لم يكن من موجب وطني أساسي وملح فإنني لن ادعو الى جلسة لمجلس الوزراء وسنستمر في تصريف الاعمال بشكل عادي. وفي حال استجد اي أمر طارئ فسأقوم بالتشاور المسبق مع المكونات التي تتشكل منها الحكومة قبل اتخاذ اي قرار”.
وردا على سؤال عن احتمال مقاطعة بعض الوزراء الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء أجاب: “اذا كان النصاب مؤمنا تنعقد الجلسة وتتخذ القرارات بأكثرية الثلثين. واتمنى ان يكون التعاون من قبل الجميع لتمرير هذه المرحلة الصعبة”.
وعما اذا كانت حكومة تصريف الاعمال مخوّلة استكمال توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، اجاب: “لقد وقعنا اتفاقا أوليا مع صندوق النقد الدولي، وللتوقيع النهائي ينبغي استكمال تحقيق اربعة بنود. حتى الان اقر مجلس النواب القوانين المتعلقة بالبندين الاولين، وفي حال استكمال اقرار القوانين المتعلقة بالبندين الثالث والرابع في ما يتعلق بالتحويلات الى الخارج وهيكلة المصارف، فهذا يعني موافقة ضمنية على توقيع الاتفاق النهائي”.
وقال: الدستور يلحظ انه إذا كانت الحكومة مستقيلة وتصرف الأعمال، يبقى عمل مجلس النواب قائماً لمواكبة عملها.
خلاصة القول: إنّ مشاركة ميقاتي في القمة أثبتت ان توقيع مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة هي لزوم ما لا يلزم.
وأخيراً… فإنّ التهديد بسحب وزراء “التيار” من الحكومة لم يَعُدْ قائماً ولا مُجْدياً.. فوزير الخارجية عبدالله بو حبيب، ووزير الطاقة وليد فياض وهما المحسوبان على جبران باسيل يشاركان في القمة برفقة ميقاتي، لذا أقول لعون وباسيل ومن لفّ لفهما: “خيطوا بغير هالمسلّة”.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*