خاص الهديل:
يتحاشى حزب الله لغاية اللحظة، الدخول بلعبة ترشيح أسماء لرئاسة الجمهورية.. وحتى الإسمين الاثنين المحسوبين معنوياً وسياسياً على الحزب، وهما جبران باسيل وسليمان فرنجية، فإن حارة حريك تحاول رمي ترشيحيهما في ملعبهما عبر القول ان عليهما الاتفاق على أن يتنازل أحدهما للآخر، حتى يستطيع الحزب تبني ترشيح أحدهما، وحتى يستطيع السيد حسن نصر الله أن يقدم لأحدهما “الوعد الرئاسي الصادق”.
الواقع أنه لا باسيل ولا فرنجية مرتاحان لهذا الموقف الذي يتبعه حزب الله من ملف ترشيحيهما.. ففرنجية يعتقد انه لو كان حزب الله جدياً في ترشيحه، لكان استطاع اقناع باسيل بالتنازل له.. وبالمقابل فإن باسيل يرى أن الحزب لا يزال يتهيب ترشيحه لأسباب داخلية وخارجية.
وفي أوساط حزب الله هناك “من يقول” أو “من يتكهن” أو “من يظن” ان قيادة الحزب منقسمة إلى قسمين بين باسيل وفرنجية، حيث هناك فريق يفضل ترشيح فرنجية، وأبرز شخصياته المعاون السياسي للسيد حسن نصر الله، الحاج حسين خليل، وفريق يفضل ترشيح باسيل، وأبرز شخصياته الكادر الموكل إليه في حزب الله بالتواصل مع باسيل.. ولكن حتى لو صح هذا التوصيف للموقف داخل حزب الله من ترشيح باسيل وفرنجية لرئاسة الجمهورية، فإن “الكلمة الفصل” في هذا المجال موجودة بالبداية وبالنهاية، عند السيد نصر الله الذي صار واضحاً أنه يفضل في هذه المرحلة، عدم التسرع بحرق أوراق الحزب الرئاسية، أو طرح رئيس تحدي بشكل مبكر، كما فعل الحزب في انتخابات الرئاسة الماضية، حينما رشح ميشال عون، وذلك قبل أن يصبح أيضاً مرشح القوات والمستقبل.. وبدل هذا المسار تفضل قيادة الحزب اليوم، ممارسة تكتيك الجلوس عند شاطئ البحر بانتظار أن تأتي “سمكة التسوية الخارجية والداخلية “بشأن فخامة الرئيس العتيد اليه، حتى يرى الحزب ما هي مصلحته فيها، وما اذا كانت “سمكة التسوية” هذه، تعبر عن تطورات خارجية ناتجة عن انفراحات أو مواجهات، مما يضع استحقاق فخامة الرئيس العتيد ضمن حسابات التصعيد او التهدئة..
والواقع انه من دون طرح ملف انتخاب رئيس الجمهورية ضمن اطار تسوية داخلية؛ فإن حزب الله سيظل يعتبر أن ما يسميه بالمؤامرة التي تستهدفه منذ العام ٢٠١٩، لم تنته بعد.. ولهذا فإنه سيعتبر محطة انتخاب الرئيس الاول، كما كل المحطات الانتخابية السابقة النيابية أو انتخابات رئاسة المجلس، إنما هي محطات يراد منها ان تشكل منصات داخلية لإضعاف حزب الله؛ وهذا المنطق يجعل الحزب لا ينظر إلى انتخابات رئاسة الجمهورية على انها استحقاق دستوري منعزل عن خطة استهدافه داخل لبنان، أو انه استحقاق منعزل عن خطة حرب العقوبات الاقتصادية ضده. ولذلك فإن حزب الله ينتظر تسوية معه على انتخاب الرئيس تتضمن أجوبة من جهات خارجية وداخلية على بعض أسئلته الإقليمية والداخلية.. وقبل ذلك لن يحسم الحزب جوابه المحلي على استحقاق انتخاب فخامة الرئيس الذي يعرف الحزب انه استحقاق يحظى باهتمام خارجي.
…يجد حزب الله صعوبة بأن ينظر إلى الاستحقاق الرئاسي بوصفه استحقاقاً محلياً، بل هو لديه ليس فقط كل الاعتبارات، بل كل المصلحة التي تجعله يرغب بأن ينظر إليه من منظار إقليمي ودولي، ذلك أن الحزب هو صاحب دور كبير في ايصال فخامة الرئيس لقصر بعبدا، ولديه قدرة كبيرة في وضع فيتو لمنع وصول فخامة الرئيس لقصر بعبدا؛ ومن هنا فإن حزب الله معني بالافادة من نفوذه الاكبر في عملية انتخاب رئيس الجمهورية التي تحظى باهتمام داخلي وخارجي: بمعنى انه لو حصلت تسوية داخلية على انتخاب الرئيس فإن الحزب سيكون صاحب حصة الأسد من الجبنة الموضوعة على طاولة هذه التسوية الداخلية؛ واذا حصلت تسوية خارجية على انتخاب فخامة الرئيس العتيد، فإن الحزب سيكون صاحب الحصة الأكبر من قطعة جبنة هذه التسوية. وبالنهاية فإن مسار هذا الواقع، يجعل حزب الله له مصلحة بانتظار “التسوية الدسمة” الخارجية أو الداخلية حتى يربح من عملية انتخاب فخامة الرئيس، وحتى يقلب صفحة الهجمة ضده التي تريد – من وجهة نظره – عزله داخلياً، وإبقائه تحت مطرقة المعادلات ذات الصلة بالاطراف المعنية بتقليم أضافر النفوذ الايراني في دول المنطقة..