على مدار الأسابيع الستة الماضية كان مجمع شاهراك إكباتان، الواقع غربي طهران ويقطنه نحو 50 ألف مواطن من الطبقة الوسطى، مسرحًا للاحتجاجات الليلية المناهضة للنظام الإيراني والمداهمات من قبل قوات الأمن في الوقت ذاته، حتى جاءت لحظة مقتل أحد عناصر جماعات الباسيج في داخل المجمع لتغير كل ذلك.
ووفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” كانت الاحتجاجات الليلية تبدأ بعد تجمع شباب وشابات في منطقة مفتوحة وسط المجمع وهم يهتفون “الحرية الحرية” و “نهايتك هنا أيها الدكتاتور”.
بعدها تعمد بعض الفتيات لنزع حجابهن والتلويح به في الهواء في تحد للنظام، بينما يهتف الآلاف من السكان الآخرين بشعارات مناهضة للسلطات من نوافذ شققهم.
في كل ليلة، تداهم القوات الأمنية وعناصر من جماعات الباسيج بثياب مدنية المنطقة وتلاحق السكان وتقبض على بعض منهم أو تقوم بضربهم.
وتبين الصحيفة أن حملة القمع في شاهراك إكباتان تكثفت الأسبوع الماضي بعد أن تعرض عضو في الباسيج للضرب والقتل داخل المجمع.
وأظهر مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي الرجل وهو ملقى على الأرض وقميصه منزوعا والدم يسيل على وجهه وجسده.
وألقت الحكومة باللائمة في مقتل عنصر الجماعات على من وصفتهم “مثيري الشغب المحليون” ونفذت مداهمة شبيهة لتلك التي تقوم بها القوات الخاصة لاعتقال مجموعة من الشبان المتهمين بعملية القتل.
خلال المداهمة دمرت قوات الأمن الأثاث في الردهات وحطمت الأبواب وألحقت أضرارا بالغة بالمصاعد بحسب سكان ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي. وأكد السكان أن قطع الزجاج والأثاث ملأت المكان، فيما تناثرت الدماء على الأرض.
وقال السكان إن العشرات من سكان شاهراك إكباتان، ومعظمهم من الشبان والشابات الذين خرجوا للاحتجاج، تعرضوا للضرب وإطلاق العيارات المطاطية ونقلوا إلى مراكز احتجاز، وكذلك تعرض العديد من البوابين، وكثير منهم من كبار السن، للضرب بالهراوات لعدم تعاونهم مع قوات الأمن.
ووصف أسرة مكونة من أربعة، بينهم أطفال، ما جرى في تلك عندما هزت سلسلة انفجارات كبيرة النوافذ فيما كانت أصوات الساكنين في المجمع تصدح بهتافات “الموت للديكتاتور”.
وقال الزوجان، في مقابلة مع الصحيفة عبر الهاتف من طهران، إن الهجوم على المجمع الذي وقع الأحد الماضي كان أشبه بـ”غزو عسكري” حيث أطلقت قوات الأمن النار على النوافذ واستخدمت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع.
وطلب الزوجان عدم الكشف عن هويتهما بالاسم خوفا من انتقام السلطات، التي اتخذت إجراءات صارمة ضد أولئك الذين شاركوا في الاحتجاجات.
وتشير الصحيفة إلى أن حملة القمع في المجمع تعد دليلا على مدى انتشار الاحتجاجات في إيران وعدم قدرة الحكومة على احتوائها حتى مع نشر قوات الأمن وحملات القمع القاسية.
وقال السكان إن غارة الأحد تمثل مستوى جديدا من العنف الذي تشنه السلطات حتى ضد الأشخاص في منازلهم من الذين لم يشاركوا في الاحتجاجات، بما في ذلك كبار السن والأطفال والمرضى والمعاقين.
وتكتسب الاحتجاجات، وهي واحدة من أكثر التحديات صعوبة التي تواجه قادة إيران من رجال الدين منذ عقود، المزيد من الزخم مما يزعج سلطات البلاد التي حاولت اتهام أعداء إيران في الخارج وعملائهم بتأجيج الاضطرابات، وهي رواية لا يصدقها كثير من الإيرانيين.
وشارك متظاهرون من مختلف طوائف المجتمع في الاحتجاجات إذ أدى الطلاب دورا بارزا وكذلك النساء، حيث لوح بعضهن بالحجاب وأحرقنه.
وقالت وكالة أنباء نشطاء حقوق الانسان (هرانا) إن 283 محتجا قتلوا في الاحتجاجات بينهم 44 قاصرا. كما قتل نحو 34 من أفراد قوات الأمن