عقد عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله، مؤتمراً صحافيًا، في مجلس النواب، وقال:” مناسبة هذا المؤتمر هو اقترابنا من إمكانية المحاسبة في واحدة من ملفات الفساد الكبرى في مالية الدولة وهو ملف قطاع الاتصالات، بعد بدء المجلس النيابي الخطوات التنفيذية ابتداء من اليوم على ضوء الاجتماع المشترك لهيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل من أجل البت في طلبات القضاء إحالة وزراء اتصالات سابقين على المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وسنضع اليوم بين يدي الرأي العام معطيات ووقائع مرتبطة بمسار عملنا في إطار مشروعنا لمكافحة الفساد، خصوصا بعدما تبيَّن لنا بالأمس أنَّ أغلب النواب لم يكلِّفوا أنفسهم عناء قراءة ما قدمناه لهم من ملفات كاملة ضمن كتاب الفساد والقضاء، وهو حال كثيرين ممن نسمع مطالباتهم بكشف ملفات الفساد، ومحاسبة الرؤوس الكبيرة، من دون أن يتابعوا ما نقوم به، مع أنَّه متوافر بين أيديهم”.
أضاف فضل الله: “أثناء مناقشة مشروع قانون حول اتفاقية قرض للصرف الصحي في اللجان النيابية المشتركة أثار أغلب النواب تساؤلات حول هذا القطاع وحجم الإنفاق فيه، ووجود شبهات فساد وهدر وطلبوا إيضاحات ومعطيات وإجراء تحقيقات قانونية بما فيها تشكيل لجنة تحقيق نيابية، مع العلم أنَّ كل المعطيات متاوفرة بين أيدي النواب ولا يحتاج الأمر سوى إلى القراءة، وأن هناك مسارا قضائيا بدأ منذ سنتين، ويوجد إدعاء من القضاء على مجلس الإنماء والإعمار وشركات متعهدَّة، وهو منشور في كتاب الفساد والقضاء الذي أعددناه ووزعناه على النواب كافة، وأعدت تذكيرهم بهذا الأمر وتوزيع الكتاب عليهم الكترونيَّا ليكون على هواتفهم الشخصيَّة عسى أن يطَّلعوا على الملفات الكاملة، بدل قيام بعضهم بين فترة وأخرى وفي إطار المناكفة السياسية باالمطالبة بكشف ملفات الفساد مع انها في حوزته وهي أيضا بين أيدي المواطنين من خلال موقع الكتروني تحت عنوان الفساد والقضاء”.
وتابع :”من بين الملفات الكبرى، هناك ملفان آخران هما الحسابات المالية للدولة الذي قدمناه إلى القضاء وموجود لدى ديوان المحاسبة الذي يصدر تباعا قطوعات الحساب والتقارير المالية ويحوِّلها إلى الجهات المعنيَّة بما فيها القضاء، وإلى اليوم تمنع الحمايات الطائفية والسياسية محاسبة الرؤوس الكبيرة المتورطة في واحدة من أكبر الملفات التي ادت الى الإنهيار المالي.
الملف الآخر هو الفساد والهدر الكبيرين في قطاع الاتصالات، وهو متشعب إلى عدة ملفات كشفت الرقابة النيابية التي مارسناها ككتلة وفاء للمقاومة من موقعنا في رئاسة لجنة الإعلام والاتصالات منذ العام 2005 إلى اليوم ـ كشفت ـ وجود مخالفات كبيرة وفساد وهدر بمليارات الدولارات، حولناها جميعها إلى القضاء، وهي منشورة في هذا الكتاب، وعلى موقع إلكتروني وبين أيدي الرؤساء والنواب والوزراء ووسائل الاعلام وعموم الشعب اللبناني. والبدء اليوم بالخطوات العملية يؤكد أن الرقابة النيابية والمتابعة يمكن أن توصلنا إلى نتائج.
توجد في هذا الملف مجموعة إدعاءات من القضاء المختص على وزراء وموظفين في الإدارة العامة وشركات، اختفى أثر بعض هذه الإدعاءات في دهاليز القضاء، وعثرنا على بعضها الآخر لدى قضاة تحقيق، وسبق وتقدمت بشكوى لدى التفتيش القضائي على القضاة المقصرين، بينما صدر حكم قضائي مبرم في جرم التخابر الدولي غير الشرعي لمصلحة الدولة اللبنانية وتمت إدانة المتورطين، ولكن ما يعنينا اليوم هو الإدعاء على الوزراء، لأنَّ له مسارا قضائيا خاصا. فالنص الدستوري ( المادتان: 70، 71) يجعل محاسبة الوزراء من مسؤولية المجلس الأعلى، كمحكمة خاصَّة، والقانون 90/13 حدِّد آلية الإحالة عليها كتوجيه الإتهام وتشكيل لجنة تحقيق، ثمَّ المحاكمة. مع الإشارة إلى أنَّنا حاولنا إجراء تعديل على هذا النص باقتراح قانون لم توافق عليه أكثريَّة المجلس فسقط بالتصويت، وبقيت محاسبة الوزراء محصورة في المحكمة الخاصة”. ى
واردف فضل الله: “توجد ثلاث إحالات من القضاء إلى المجلس النيابي، وهي تطال ثلاثة وزراء سابقين للاتصالات، واحدة صدرت من القاضي أسعد بيرم بجرم هدر 10 ملايين دولار، وأخرى من المدعي العام المالي علي ابراهيم بجرم هدر بمئات ملايين الدولارات، وتمَّت إحالتهما عبر النيابة العامَّة التميزية، أما الإحالة الثالثة فوردت ضمن تقرير مفصَّل من ديوان المحاسبة يبيِّن هدر كبير في قطاع الاتصالات من بينها وجود شبهات حول إنفاق 6 مليارات دولار على الموازنات التشغيلية وأغلبها كانت بيد الوزراء والموظفين الكبار.
تمَّ الاتفاق في اجتماع هيئة المكتب ولجنة الإدارة والعدل، على ضم هذه الإحالات إلى ملف القضيَّة ليبت بها المجلس النيابي، وبما أنَّ القضاء أجرى تحقيقاته اللازمة والمجلس النيابي بدأ إجراءاته العمليَّة، فإنَّ المسار القانوني يفترض المباشرة بالاجراءات القضائية، لتبيان الحقائق، ونحن لا نريد ان نستبق الأمور قبل أن يصدر حكم نهائي من المحكمة لمحاسبة المتورطين. ورغم أنَّ الآلية القانونية فيها تعقيدات، فإنها الوحيدة المتاحة أمامنا للمحاسبة”.
وقال فضل الله :البلد اليوم يعاني من أزمة حادَّة واحدة من أسبابها الرئيسية الفساد والهدر وغياب المحاسبة، ولذلك نحن أمام فرصة حقيقية للبدء بمسار إصلاحي من خلال فرض المحاسبة، وإعادة الثقة لمؤسسات الدولة، وإرسال رسالة قوية لكل من سولت له نفسه المس بالمال العام ان الحساب آت ولو بعد حين والمسؤولية، وهذا في حد ذاته سيكون عاملا رادعا للذين لا يزالون ينهبون المال العام من دون محاسبة”.
وختم فضل الله: تقع اليوم مسؤولية وطنية على كل نائب صارت بين يديه المعطيات الكاملة من جهة وسيكون أمام صدقية شعاراته عندما يتم إحالة الملف إلى الهيئة العامة، ولكل الذين شكَّكوا بعملنا في مكافحة الفساد وسألوا عن الملفات التي تودي بالرؤوس الكبيرة، فإنَّ ما بين أيديهم اليوم واحدة من الملفات الكبرى التي فيها الكثير من الرؤوس الكبيرة، ونحن قمنا بكل ما تفرضه علينا مسؤولياتنا وسلكنا المسارالقضائي القانوني وهو الوحيد المتاح للمحاسبة، وسنتابعه مهما كانت التحديات والعقبات”.