الهديل

نتمنى على الرئيس بري فتح دورة تثقيف دستورية للنواب الجدد!

 

كتب عوني الكعكي:

ما جرى في جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في مجلس النواب منذ يومين، يجب أن نتوقف عنده بدءاً بالنائب نديم الجميّل الذي سأل الرئيس بري هل ستكون هذه الجلسة مثل الجلسات السابقة «مسخرة بمسخرة»؟ فأجاب الرئيس بري: «مثل ما بدّك، بدّك ياها مسخرة أو بدّك ياها جدّية». وما كاد النائب نديم الجميّل ينتهي من سؤاله، حتى توجّه النائب سامي الجميّل بسؤال آخر للرئيس بري قائلاً: على أساس أي مادة تُحدّد النصاب؟

فأجاب الرئيس نبيه بري (مادي أجريها من الشباك) طبعاً ساد الهرج والمرج والضحك في القاعة.. وأظن أنّ القليلين من السادة النواب يعرفون ماذا قصد الرئيس بري بجوابه… وكي ندرك ما قاله دولة الرئيس بري علينا بالعودة الى قصة هذا القول، فإنّ عدداً كبيراً من النواب على ما يبدو هم متفاوتون في الأعمار، لدرجة ان النكتة التي أطلقها الرئيس نبيه بري ابن العدلية والقضاء والمحاماة في معرض ردّه على النائب سامي الجميّل حين قال: «مادة اجريها من الشباك»، لم يفهمها الكثيرون من الحاضرين، وكذلك بالنسبة للصحافيين وراحوا يجتهدون في التفسير.

تعود النكتة الى خمسينات أو ستينات القرن الماضي في «العدلية» يوم قالها أحد القضاة حين سأل محامي سيدة متهمة بالدعارة في سيارتها قائلاً: وفق أي مادة تتهمها بالدعارة؟

أجاب القاضي يومذاك بموجب «مادي اجرا من الشباك»، والمقصود كيف ضبطت السيدة في سيارتها. ومنذ ذلك الحين يستعمل البعض هذا المثل للدلالة على بديهية الاتهام بالجرم.. حتى ولو لم تكن هناك مادة واضحة تدين المتهم.

اما الموضوع الذي أثار لغطاً في جلسة المجلس فهو أنّ بعض النواب يعتقدون أنّ العدد المطلوب من النواب كي تكون الجلسة شرعية هو الثلثين أي 86 نائباً في حال المجلس الحالي الكريم الذي يبلغ عدد النواب فيه 128.

وبالعودة الى التاريخ كما كتب الزميل الدكتور طلال حاطوم في جريدة «الجمهورية» انه منذ عهد الاستقلال، أيام الرئيس بشارة الخوري، نجد أنّ المادة 49 من الدستور تنص على ما يلي:

ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السرّي بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويُكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي.

معنى ذلك ان قصد المشترع واضح تماماً، بمعنى أنه حين يجتمع مجلس النواب في جلسة مخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية يُنتخب الرئيس بالثلثين، ما يعني أنّ النصاب في حدّه الأدنى لانتخاب الرئيس العتيد، لا يجوز أن يقل عن الثلثين، بدون أي اجتهاد أو حاجة الى شرح ولمن يطلب جلسات متتالية، وهذا حق مشروع، فكل الجلسات التي تلي الفصل الأول من الجلسة تنطبق عليها شروط الانعقاد الأساسية أي الثلثين… وفي نظر القانونيين ان العِرف هو بقوة القانون، ولن نسأل هنا عن انتخابات سابقة، ولكن سنستعرضها للاستفادة من وقائعها.

– انتخب الرئيس بشارة الخوري، أوّل رئيس للجمهورية بعد الاستقلال، حيث عُقدت الجلسة في 21 أيلول عام 1943 بحضور 47 نائباً من أصل 55. فنال الرئيس الخوري تأييد 44 نائباً و3 أوراق بيضاء.

– انتخب الرئيس كميل شمعون في 23 أيلول 1952 بحضور 76 نائباً من أصل 77، ونال شمعون تأييد 74 نائباً وورقة بيضاء وأخرى باسم عبدالله الحاج.

– انتخب الرئيس فؤاد شهاب في 21 تموز 1958 بحضور 56 نائباً من أصل 66، وحصل شهاب على تأييد 48 نائباً.

– انتخب الرئيس شارل حلو في 18 آب 1964 في حضور كامل أعضاء المجلس (99 نائباً)، ونال تأييد 92 نائباً.

– الرئيس سليمان فرنجية انتخب في 17 آب 1970 بحضور أعضاء المجلس الـ99، حيث فاز في الدورة الثانية بـ50 صوتاً .

– الرئيس الياس سركيس وفي حضور 90 نائباً من 97، فاز بالدورة الثانية بـ66 صوتاً.

– الرئيس بشير الجميّل بحضور 62 نائباً من أصل 92، فاز بالدورة الثانية بـ57 صوتاً.

– الرئيس أمين الجميّل نال 77 صوتاً من أصل 99.

– الرئيس رينيه معوّض بحضور 58 نائباً من أصل 73، فاز في الدورة الثانية بـ52 صوتاً.

– الرئيس الياس الهراوي وبحضور 52 نائباً من أصل 72، فاز بـ52 صوتاً.

– الرئيس اميل لحود حصل على 118 صوتاً حضروا من أصل 128 صوتاً.

– الرئيس ميشال سليمان جاء بعد 19 جلسة وانتخب في الجلسة العشرين بحضور 127 نائباً، ونال 118 صوتاً.

– الرئيس ميشال عون احتاج وصوله الى القصر 45 جلسة وبحضور 127 نائباً، فاز بـ83 صوتاً.

كل هذا يثبت صحة ما أقدم عليه دولة الرئيس نبيه بري.. وهنا أقترح أن يعمل دولته على إقامة دورة تثقيفية دستورية يعلّم فيها من لا يعلم من النواب القدامى أو الجدد تفسير القوانين.

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version