بقلم الشيخ مظهر حموي:
المسألة لم تعد تحتمل التسويف أو المداورة فضلا عن السكوت عنها أو تجاوزها ، رغم كل ما يمكن أن تثير من حساسيات لم أكن أبتغي أصلا إثارتها . كما لم أكن أروم (تقليب المواجع ) أو الضغط على الجرح عمدا ، بل تدارس أحوالنا وأوضاعنا .
إنها قضية المسلمين (السنة) في لبنان – هكذا بكل صراحة ووضوح – ولن نختبئ خلف أصابعنا.
إنها قضيتهم على المستويات الإقتصادية والإجتماعية والدينية والثقافية و(التمثيلية) والمناطقية بل قل على جميع الأصعدة .
فلم تعد أوضاعنا المتردية سراً نكشف عنه ، بل صار أحاديث المجالس والمنتديات والأسر ، والجميع يتساءلون بصدق عما حل بنا، والى أين المآل والمسير والمصير…
لهذا نأمل أن لا يستغرب بعضنا طرح قضية أوضاع المسلمين من جديد ، بل يجب أن يكون إستغرابنا وإستهجاننا إذا آثرنا السكوت على مضض وتجاهلنا هذه الأوضاع التي لا تسر صديقا البتة.
كما لا يجوز أبداً تحت أي ذريعة أو حجة بأننا نثير مسائل عنفت عليها الأحداث وأن نعض على جروحنا كي لا نتهم بأننا نتوسل اللغة الطائفية ونسارع لنطوق هذه الإتهامات المغرضة التي تطلق فورا كلما أراد المسلمون أن يتحدثوا عن أحوالهم وأوضاعهم ويتلطفوا بالإشارة الى غبنهم وحرمانهم.
أما إذا رغبت سائر الطوائف والمذاهب عرض أوضاعها وحرمانها ومطالبها فإنما هي من باب الإنصاف والمشاركة والعدالة ومسرة العيش المشترك في هذا الوطن .
ولا بد لنا في البدء من إطلالة تاريخية سريعة توضح مدى الجحود الذي منينا به خلال قرن من الزمن على الرغم من أن أسلافنا كانوا السباقين في الحرص على نشأة هذا الوطن حراً مستقلا فقدموا لذلك الشهداء وخصوصا في طرابلس عام ١٩٣٦ -١٩٤٣ م (ومن بينهم جدي الشهيد سعد الله الحموي الملقب -بالبيروتي- رحمه الله) وقد اثبتوا في العديد من الأزمات غيرتهم على وطنهم لبنان ووحدة أرضه وشعبه ومؤسساته.
ورغم ما مر على لبنان من ويلات ودمار في كابوس الحرب المسماة (أهلية) فقد إنبرى المسلمون (السنة) في طرابلس ومناطقها المجاورة وصيدا وبعض بيروت يتصدون لهذه العبثية بإعتماد الحوار والعيش المشترك سبيل تفاهم وتفهم ضرب فيه الشمال مثالا يحتذى في نموذج الوئام والإستقرار حتى في أتون المعارك اللاهبة.
وليس في ذلك أي منة أو إدعاء، إنما أردنا أن نشير الى الموقع الذي إرتضاه المسلمون في الوقت الذي استمر غيرهم يعمل فتكاً وتمزيقا وفساداً في قلب الوطن.
وكوفئ حملة السلاح بإستيعابهم في مؤسسات الدولة وبقي شباب المسلمين (السنة) الذين ما إنضوا في لواء أي مليشيا مبعدين عن الإنضمام الى هذه المؤسسات ، مما إضطر بعضهم الى إبداء الأسف والندم أنه لم يكن في عداد أولئك.
كنا السباقين في الحرص على الوطن فلم نلق إلا الجحود،
ولن نتوغل في هذا المجال أكثر حتى لا ننقاد الى استطرادات وزواريب لا يسرنا ولوجها .
ونكتفي هنا بالتساؤل عما كوفئت به مناطقنا حتى الآن.
بل ويحق لنا أن نستفسر عن الحرمان والظلم الذي يصابحنا ويماسينا يراوحنا ويغادينا.
بل ويحق لنا ان نعرف المغزى من عدم تمثيل الشمال وعاصمته طرابلس كما يجب بالحكومات المتعاقبة.
ولن ننسى هنا حرمان كفاءات شبابنا وجدارتهم ومناقبيتهم من تولي مناصب الفئة الأولى وفي المصالح ومجالس الإدارات الرسمية وغيرها..
ولماذا ريفنا لا يزال في القرن التاسع عشر ، ومدننا مهجورة من أبنائها ومؤسساتنا ومصانعنا ، وشبابنا يطوفون الشوارع بلا عمل ، وطلبتنا يائسون من متابعة علومهم ، وعائلاتنا تشكوا من مأساة صحية الى أخرى معيشية الى ثالثة مدرسية والى ضريبية وغيرها..
وهناك أسئلة أخرى وهي كثيرة والتي تعتمل في صدرونا منذ زمن ولم نجد لها جوابا يشفي الغليل حتى الآن.
وبعد هل نتحدث أكثر من ذلك عن أوضاعنا وأحوالنا التي ليست بخافية على أحد.
فمتى نستيقظ والى أين المسير والى اين المصير .
إنها مسؤولية كل منا بموقعه
فليتحمل كل منا مسؤليته .