الهديل

الشارقة تنجح في زراعة “الذهب الأحمر” بتقنية الضوء الإصطناعي

الزراعة في دولة الإمارات العربية نشاط قديم وقد تطور هذا القطاع بشكل سريع منذ عام 1971، رغم مشكلات عديدة مثل ندرة موارد المياه والأراضي الصالحة للزراعة، وملوحة التربة، والظروف البيئية الصعبة، وارتفاع تكاليف الإنتاج، والآفات الزراعية، وخسائر ما بعد الحصاد.

ومنذ سنوات تسعى الدولة إلى ابتكار حلول بديلة لإنتاج زراعي محلي عبر تبني أنماط زراعية مستدامة وذكية مناخياً تُركّز على الاستثمار الأمثل لوحدة الأراضي الزراعية وجودة المنتج المحلي وتعزيز قدرته على المنافسة، وتستند في مجملها إلى التقنيات والحلول المبتكرة كالزراعة من دون تربة (الزراعة المائية) والزراعة العضوية.

“الذهب الأحمر”
وبعد نجاح تجربة زراعة الطماطم والخس والخيار عبر تقنية الضوء، ها هي إمارة الشارقة نجحت في انتاج الزعفران المعروف باسم “الذهب الأحمر” نظراً لارتفاع سعره الذي ينافس سعر الذهب.

من دون استخدام المياه أو التربة أو الأسمدة، تم إنتاج حقول عمودية من الزعفران داخل مزارع الزبير في الشارقة حيث يتم تحضير أول حصاد للزعفران داخل الإمارة التي يستخدم سكانها من مواطنين ومقيمين آسيويين هذه النبتة في الكثير من أطباقهم ومشروباتهم، ناهيك بالفائدة الطبية لهذه النبتة، لا سيما دورها في علاج التوترات النفسية.

“زرعنا نحو 150.000 بصيلة من الزعفران في هولندا قبل نقلها إلى الشارقة لوضعها داخل مزارع عمودية، الزعفران واحد من أثمن التوابل في العالم بسبب المجهود الكبير في زراعته وتطلبه عمالة مكثفة للغاية”، يقول علي نقاش العباسي، مدير تشغيل المزارع وتطويرها في شركة “فيجي تيك” لـ”النهار العربي”.

تنتج كل زهرة ما يقارب ثلاث بويضات صغيرة يتم استخراج الزعفران منها. ومن المتوقع أن ينتج المحصول الأول في الإمارات بهذه الطريقة نحو 5.5 كيلوغرامات من الزعفران اعتماداً على الدرجة والجودة، ويمكن بيع كيلوغرام الزعفران من 850 إلى 3100 دولار أميركي، وفق العباسي.

تعد إيران الدولة الأولى عالمياً في زراعة هذه النبتة الثمينة تليها إسبانيا، ويعود السبب في ارتفاع سعرها الى أسباب عدة أبرزها دخولها في تركيبة أدوية لأمراض مستعصية وعلاجات نفسية، كذلك الإجراءات المعقدة في زراعتها وفق موقع “العلوم والحياة” الفرنسي.

المزارع العمودية
“باستخدام نظام المزارع العمودية، نحتاج لمساحة أقل بكثير للإنتاج بأكمله. عادة في الزراعات التقليدية يتم استخدام مياه الأرض ومبيدات الأعشاب، ولكن من خلال الزراعة الرأسية، هناك حاجة إلى مساحة أصغر مع إنتاج وجودة أكبر”، يشرح العباسي.

ويضيف: “بسبب ندرة المياه وتغيّر المناخ، توفر الزراعة العمودية عدداً متزايداً من المحاصيل في دولة الإمارات العربية المتحدة. تستخدم العملية تقنيات تربة محكمة بمصابيح LED اصطناعية لتحفيز النمو، مع قدرة بعض المزارع على إنتاج 10 أضعاف كمية طرق الزراعة التقليدية. هذه التقنية مفيدة بشكل خاص في الإمارات، بسبب ظروف النمو القاسية”.

الإمارات هي واحدة من أهم خمس دول مستوردة للزعفران الإيراني وتطوير سوق محلي الصنع سيجعل البلاد أقل اعتماداً على الواردات.
وتعتمد شركة “فيجي تيك” هذه التقنية لزراعة نحو 50 محصولاً آخر باستخدام طرق مماثلة للزراعة المائية في أربع مزارع في الإمارات.
يستغرق الأمر ما بين تسعة إلى عشرة أشهر حتى تصل بصلة الزعفران إلى مرحلة النضج، قبل أن تصبح جاهزة للحصاد.

وتم تجهيز كل مختبر مبني لهذا الغرض بوحدة خاصة لمعالجة الهواء لخلق البيئة الدقيقة المطلوبة مع ثاني أكسيد الكربون المناسب والضوء ودرجة الحرارة والرطوبة لنمو الزعفران.

ويشرح عباسي: “نحن نلعب مع درجة الحرارة لخلق البيئة المثالية لنموها، حيث تنتج كل بصيلة زهرتين إلى ثلاث أزهار، وبمجرد بدء نموها، يتم نقل المصابيح إلى الدفيئة (مكان يشبه الحاضنة فيها أضواء اصطناعية) للمرحلة التالية من دورة المحاصيل”.
ويختم بالقول: “يمكن زراعة الزعفران في أي مكان لكن التحدي يكمن في خلق البيئة المثالية له”.

Exit mobile version