خاص الهديل:
الحلقة الثانية (٢ من ٤)
ما تبقى لفرنجية من رهانات على دعم حزب الله لطموحه الرئاسي..
مما لا شك فيه ان شعبية سليمان فرنجية داخل القاعدة الشعبية الشيعية المؤيد لحزب الله، كبيرة جداً، وهناك ود شعبي لدى شيعة حزب الله وحركة امل على السواء، “لأبو طوني”؛ وذلك بمقابل حالة عدم ارتياح لدى شيعة الحزب لباسيل، وعدم الرضا الكامل له من قبل شيعة حركة أمل.
..لكن السياسة من شرفة السرايا عادة ما يكون لها حسابات مصالح باردة، تختلف عن حسابات ساحات القرى حيث توجد عواطف الناس وليس فقط مصالحهم. ففي قيادة حزب الله، لا يوجد شيء اسمه المفاضلة بين ميشال عون وسليمان فرنجية، فالأول لا يقارن بأية شخصية مسيحية، وهذا الأمر اقتنع به “ابو طوني” خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، وتنازل عن فرصته الرئاسية التي كانت قريبة من يديه، تجاوباً مع قناعة حارة حريك بأن كل الدعم هو لعون، ومن دونه الطوفان. وحينها أجاب كريم بقرادوني بشكل حاذق على سؤال حيّر اذكياء وسذج تساءلوا أنه طالما عون وفرنجية حليفان كبيران لحزب الله، فلماذا يفضل الحزب ميشال عون على نحو مكشوف ومطلق؟؟.. واعتبر بقرادوني حينها أن الفرق بين عون وفرنجية من وجهة نظر حارة حريك، يوجد في بيت شعر للمتنبي يقول “فإن في الخمر معنى ليس في العنب”.
والواقع أن فرنجية الذي لم يجادل حزب الله بالأمس في أولوية عون عليه بموضوع الرئاسة؛ هو غير مقتنع اليوم بأن تكون هناك أولوية في الرئاسة لباسيل على حسابه. وعلى طريقته، يهدد فرنجية بأنه في حال أهمل الحزب طموحه الرئاسي هذه المرة، فهو لن ينتظر دورة أخرى ليترشح، وهو بنفس الوقت لن يتخلى عن مبادئه المؤيدة للمقاومة، ولكنه سيمارس إيمانه بها من بيته ومن داخل محترفه الصناعي الصغير الذي توجد فيه كل عدة التقاعد السياسي المبكر.
من مشاكل فرنجية التي تحول دون وصوله للرئاسة، توجد اشكالية أنه زعيم منطقة مسيحية محدودة، وليس زعيماً مسيحياً على مستوى البلد، وذلك على عكس ميشال عون المنتشر مع تياره البرتقالي مسيحياً في كل لبنان.
يقال أن أبا طوني ورث عن جده سليمان فرنجية إستراتيجية تموضع زعامته داخل حدود زغرتا الزاوية، لأن خروج طموحات آل فرنجية من هذه الزاوية المسيحية، سيجعل اعداءهم المسيحيين أكثر عدداً، وأكبر قدرة على ضربهم.. ولكن مجزرة اهدن التي نفذتها القوات اللبنانية ضد عائلة فرنجية في عقر دارهم، جعلت العائلة تنقسم حيال تأييد إستراتيجية أبو طوني الجد؛ وصار هناك من يقول ان حصر زعامة المردة في زغرتا الزاوية، لم يمنع تكاثر الأعداء المسيحيين، ولم يرد شرهم عن بيت العائلة في اهدن.
ويقال أيضاً ان طوني سليمان فرنجية وهو النسخة الأحدث في سبحة زعامة آل فرنجية، هو مع انتشار المردة في كل المناطق اللبنانية، ليصبح آل فرنجية “زعامة مسيحية لبنانية”، وليس “زعماء في منطقة مسيحية”. ولكن سليمان فرنجية الذي سامح قتلة والده، لا يزال مقتنعاً باستراتيجية جده عن التموضع داخل مربع زعامة العائلة، وعدم الخروج الى ما وراء أسوارها.
وفي غمرة أن فرنجية هو زعامة مناطقية محدودة؛ وان “فيه معنى العنب وليس معنى الخمر”، فإن “أبو طوني” يبقى لديه رهانات معتبرة في نطاق سباقه الرئاسي مع باسيل لنيل ود قلب حارة حريك:
أحد رهانات فرنجية هو أن باسيل ليس لديه أي تأييد نيابي خارج كتلته وكتلة الحزب، بينما أبو طوني لديه تأييد كتل غير قليلة.
هناك رهان آخر مفاده أن باسيل هو مرشح الشقاق الشيعي، نظراً لكون حركة أمل تعاديه بمقابل تأييد حزب الله له، بينما فرنجية هو مرشح وحدة الموقف الشيعي، حيث أن أمل والحزب لديهما نفس النظرة الإيجابية له.
وثمة رهانات أخرى كثيرة، منها أن “أبو طوني” هو نقطة لقاء بين مشروع الحزب الداخلي ومشروعه الإقليمي الممتد إلى سورية التي يعتبر آل فرنجية حلفائها التاريخيين.
.. ولكن قوة فرنجية في سورية، تشكل من ناحية أخرى إحدى نقاط ضعف ترشيحه، حيث يقال في كواليس داخلية وخارجية ان هناك جهات وازنة لا تستطيع أن تحتمل بشار الأسد رئيساً في سورية وحليفه سليمان فرنجية رئيساً في لبنان!!.
والواقع أن فرنجية هو بلا شك خيار لحزب الله، ولكنه خيار قد لا يكون الأفضل؛ لماذا؟؟:
أولاً- لأن فرنجية لا يستطيع أن يكون مدخلاً لتسوية لا داخلية ولا خارجية؛ علماً أن الحزب يبحث عن تسوية تعيد إنتاج السلطة في لبنان، خاصة وأنه تبين للجميع أن نتائج الانتخابات النيابية أسفرت عن حفر متاريس متقابلة بين القوى التي كانت متصارعة وتستمر بعد الانتخابات في صراخها.
ثانياً- لأن حزب الله في حال سار بخيار فرنجية فإنه سيصطدم بباسيل الذي لا يزال له دور ووجود في أجندة حارة حريك.
ثالثاً- لأن فرنجية هو خيار تحدي داخل بيئة ٨ آذار ومع بيئة ١٤ آذار..
ورغم كل هذه الموانع، فإن الحزب في حال وجد نفسه محشوراً بين اختيار رئيس مواجهة؛ أو الانصياع لرئيس يواجهه، فإنه سيختار الخيار الأول؛ وحينها سيكون فرنجية جاهزاً لقبول هذا الدور ..