الهديل

لم تؤجّل الدولة اللبنانية رفع أسعار الصرف؟

على رغم الإعلان المتكرّر عن تعديل أسعار الصرف في لبنان، إن كان سعر الصرف الرسمي أو سعر الدولار الجمركي، لم تسلك هذه القرارات طريقها إلى التنفيذ رغم إنها أصبحت حاجة إقتصادية ملحّة في ظل الأزمة الإقتصادية التي يشهدها لبنان.

 

وفي هذا الإطار، أكد الخبير الإقتصادي محمد الشامي في حديث أنّ “سبب التأخر والمماطلة في تطبيق قرارات رفع أسعار الصرف إن كان سعر الصرف الرسمي أو سعر الدولار الجمركي يعود لأسباب تنقسم إلى شقّين، شق إقتصادي وعلمي وشق سياسي”.

 

ولفت إلى أنه “في الشق العلمي، من الصعب وفي ظل غياب الرؤية العلمية الشاملة المتكاملة أن نعدّل أسعار الصرف إذ أنّ للبنان خصوصية حيث لا يمكن إعتماد سعر صرف دون دراسة علمية، فلبنان يعيش على الإستيراد وبالتالي تعديل أسعار الصرف موضوع حساس جداً لأنه مهما حاولنا سيمس كل مواطن لبناني وكل شخص يعيش على الأراضي اللبنانية بتفاصيل يومه”.

 

وأكد أن “غياب الرؤية العلمية هي سبب أساسي في هذا التأخير إذ أننا نحتاج إلى رؤية ذات أبعاد عديدة منها سياسية وإقتصادية ومالية ونقدية وإجتماعية، على أن يكون تعديل سعر الصرف جزء من هذه الرؤية”.

 

وأشار إلى أنه “أيضاً في الشق العلمي، حتى الآن ليس هناك تقييم واضح للخسائر ولحجم الأزمة المالية في لبنان، بل هناك أرقام متضاربة بين المصرف المركزي ووزارة المالية والوزارات المعنية. وغياب أرقام واضحة عن الخسائر وحجم الهوّة المالية وكيفية توزيع هذه الخسائر، يشكّل سبب آخر يؤدي إلى تأخير تعديل أسعار الصرف”.

 

ووفقاً للشامي “تأخر الإصلاحات القانونية والإجرائية والمراسيم التنفيذية للخطط والقوانين على رغم مطالبة صندوق النقد الدولي والهيئات المانحة بها سبب علمي آخر لتأخير تعديل أسعار الصرف، ففي ظل غياب هذه الإصلاحات أي تعديلات في سعر الصرف ستكون نتائجه كارثية على لبنان بغياب الرؤية الشاملة”.

 

 

وأكد أنه “في الشق السياسي، هناك مماطلة في إقرار سعر الصرف الرسمي لأن هناك جهات لاتزال تبدّي المصالح الشخصية والحزبية والطائفية الضيّقة على المصلحة الإقتصادية، وهي بطبيعة الحال تمسك بمكامن القرارت في الدولة”.

 

ولفت إلى أنه “لايزال البعض في لبنان يعوّل على إتفاق دولي معيّن يحمل في طيّاته تبعات ومنافع إقتصادية هائلة للبنان كما كان يحصل في السابق، إلا أنّ هذا الرهان خاطئ. فاليوم بعد جائحة كورونا، المجتمع الدولي لا يبدي إهتماماً كبيراً بلبنان، فلبنان يعاني من أزمة إقتصادية في عين عاصفة إقتصادية علمية حيث تعاني دول الإتحاد الأوروبي والصين وكبرى إقتصادات العالم من أزمات متعددة”.

 

واعتبر الشامي أنه “لا يزال اليوم هناك أشخاص وجهات معيّنة مستفيدة من تأخير تعديل اسعار الصرف لتمرير صفقات وحسابات معيّنة نظراً لوجود رغبة لديها بإستمرار نهش ما بقي من كيان لبنان المهترئ”.

 

وشدد على أنه “ببساطة في الشق السياسي، ليس هناك رغبة لدى أي أحد في سدة المسؤولية العمل على الخروج من الأزمة لأنه مستفيد من الأزمة حتى الساعة، فالدولة اللبنانية دولة غنية ولديها مقدرات وقادرة، لكن البعض مازال مستفيداً ولا رغبة لديه للخروج من هذا الآتون المظلم الذي نعيش فيه اليوم. وطالما هذه الرغبة غائبة لن يكون هناك سعر صرف واضح اذ يفترض أن يكون جزء من خطة متكاملة وإذا لم تأتِ هذه الخطة من الصعب أن يعدّل سعر الصرف، وإن جرى تعديل سعر الصرف دون خطة متكاملة فعندها ستكون آثاره كارثية على المواطن وسيمس حياته اليومية بكل تفاصيلها مهما كان الرقم الذي إعتمد”.

 

الاقتصاد اللبناني

Exit mobile version