الهديل

خاص الهديل: حزب الله وحسابات فوارق السباق الرئاسي بين باسيل وفرنجية وجوزاف عون !!

خاص الهديل:

الحلقة الثالثة (٣ من 4)

العماد جوزاف عون وحزب الله: مرشح تسوية في الداخل ومع الخارج..

توجد جملة أمور تجعل العماد جوزاف عون مختلفاً عن كل قادة الجيش الذين خاضوا معركة الانتقال من اليرزة إلى قصر بعبدا. لا يرمي هذا الوصف الى القول انه أفضلهم أو أقلهم أهمية، بل المقصود هو أن العماد جوزاف عون، لا يشبههم، فهو لا يشبه العماد اميل لحود ولا العماد ميشال سليمان ولا الجنرال ميشال عون.

…والحق يقال أن جوزاف عون حافظ على ميزة لنفسه جعلته متفرداً، ومفادها أنه “مرشح طبيعة المرحلة للرئاسة” وليس “مترشحاً للرئاسة”.

ولعل أدق وصف حول هذه النقطة ، يفيد بأن الخطة التي وضعها جوزاف عون لنيل رئاسة الجمهورية هي “اللاخطة”.. أي أنه لم يضع خطة ليصبح رئيساً للجمهورية، في حين أن لديه كل يوم خطة ليكون قائد جيش ناجح.

بمقابله، فإن ميشال عون أمضى ثلاثة أرباع حياته وهو يخطط لدخول قصر بعبدا، واميل لحود صعد على الدبابة السورية ليصل الى بعبدا، والحق يقال أن ميشال سليمان، كان أقل الحاحاً من عون ولحود لبلوغ الرئاسة، ولكنه فعل ضمن المعقول ما يقوم به أي صاحب حظ لنيل لقب فخامة الرئيس.

ما تريد السطور السابقة أعلاه قوله، هو أن جوزاف عون رغم أنه قائد جيش، ورغم أنه سبقه أربعة من قادة الجيش لرئاسة الجمهورية، إلا أن مشواره حتى الآن مع الطموح الرئاسي، يقدمه على أنه “مشروع جديد” من داخل بيئة المرشحين العسكر؛ أقله لأن أسلوبه بالتعاطي مع إغراء لقب فخامة الرئيس، اتسم بالرصانة وتماسك الأعصاب وعدم التهافت. وأقله من ناحية الجوهر لأنه نجح في امتحان أنه يقود آخر مؤسسة لا تزال تعمل في الدولة، وهو حافظ عليها، ونجح في جعلها تحافظ على أمن البلد ومؤسسات الدولة. 

…وعليه فإن الكلام عن أن البلد سئم مشهد انتقال قائد الجيش من اليرزة إلى قصر بعبدا، هو كلام يعبر عن انطباع عام موجود، ولكن جوزاف عون يقدم نموذجاً جديداً، في العلاقة بين قائد الجيش ومنصب رئيس الجمهورية.

…الى ذلك، هناك من يقول انه داخل معادلة البلد يوجد حالياً شخصان لديهما وزن نوعي؛ وهما قائد الجيش جوزاف عون وأمين عام حزب الله السيد نصر الله: فقائد الجيش يمثل آخر مؤسسة فاعلة داخل الدولة تقوم بحماية الدولة والبلد وتمنع سقوطهما. فيما نصر الله يمثل آخر نقطة ثقل ليس فقط داخلي بل إقليمي أيضاً، وذلك في ظل خروج كل الأوزان الإقليمية والدولية من لبنان.

إن هذه المعادلة تطرح فرضية تفيد أنه إذا أراد حزب الله حلاً لبنانياً للاستحقاق الرئاسي، فإنه لن يجد حالياً الا العماد جوزاف عون الذي يمثل آخر شكل مسؤول للدولة في لبنان، كي يتفاوض معه على تسوية منتجة.

…لا يوجد لدى حزب الله مفاوض محلي يجلس بمقابله على طاولة التسوية؛ فالقوات ترفض التفاوض معه، وهي أساساً تجد مشاكل بالتفاوض مع القوى التغييرية التي تقول معراب أنها تشبهها. ووليد جنبلاط يمكنه أن يفاوض على جزء من معادلة البلد، وليس على كل المعادلة؛ فيما السنة يبحثون عن صيغة للتفاوض فيما بينهم؛ وحده قائد الجيش يستطيع ذلك، ويستطيع أن يفاوض على تسوية تتسع للجميع، ويستطيع مفاوضة حزب الله على حصة الدولة في التسوية، وعند انتخابه رئيساً يستطيع جوزاف عون أن يبدأ مع بداية عهده عملية للاصلاح الاقتصادي ولانتاج تسوية في الداخل وتسوية للبنان مع الخارج، بينما عهد باسيل أو فرنجية أو معوض سيبدأ من نقطة استمرار الشلل وإستمرار الازمة.

إن أهمية جوزاف عون تكمن في أن لديه رصيد من الثقة من قبل الجميع، وحتى من قبل الذين لا يتمنون وصوله لبعبدا. وتكمن أهميته في انه مرشح تسوية في الداخل ومع الخارج.

ولكن ضمن هذه الجزئية الأخيرة هناك من يطرح سؤالاً عما إذا كان حزب الله يثق بجوزاف عون؟؟ وعما إذا كان الأخير يرى انه يمكن إيجاد تسوية للوضع الداخلي مع حزب الله؟؟..

هناك تسريبات مصدرها بيئات في حزب الله تقول ان حارة حريك ولدت لديها تحفظات على جوزاف عون من خلال تجربتها معه. وهي تخشى ان يكون جوزاف عون نسخة على طريقته، عن ميشال سليمان الذي رفض مهادنة الحزب في محطات كثيرة من عهده. ولكن داخل بيئات الحزب عينه هناك من يرى أن جوزاف عون قد يكون حلاً تفرضه ظروف البلد على الحزب، وأن على حارة حريك أن لا تنتظر من جوزاف عون أن يكون اميل لحود آخر، ولكنه بالتأكيد سيكون مسؤولاً في مقاربة العلاقة بين عهده وحزب الله.

وتقول هذه البيئات في حزب الله ان حرب الجرود التي أخرجت داعش والنصرة من لبنان، كانت حرباً تشاركية ضمت بأشكال مختلفة، إلى الجيش اللبنانيين، دوليين والنظام السوري وأيضاً حزب الله.. وهذه تجربة استراتيجية يمكن للحزب ان يعتبرها نقطة لا يمكن تجاهلها، في سجل العلاقة بين حارة حريك وقائد الجيش.

وهناك أيضاً داخل بيئات الحزب الأقل أهمية، من يرى أن حزب الله يمكنه أن يدفع تنازلات لعهد جوزاف عون بدل أن يدفعها للخارج؛ على أن تكون هذه التنازلات هي ثمن الحل السياسي الداخلي.. وعندها سينجح من جهة عهد جوزاف عون، وسينجح من جهة ثانية الحزب في الظهور كمضحي من أجل الاصلاح؛ ما يؤدي الى خروجه من الضغوط الخارجية، ومن تهمة أنه مسؤول عن حماية الفساد في البلد.

وخلاصة القول من كل ما تقدم، هو ان جوزاف عون يحمل للبلد، وبضمنه حزب الله، هدية وهي التسوية، فيما المرشحون الباقون الآخرون، أياديهم خالية من الهدايا وانتخابهم سيؤدي فقط، الى استمرار الأزمة.

Exit mobile version