الهديل

مفتي طرابلس والشمال كما يراه الطرابلسيون والشماليون

 

*بقلم الشيخ مظهر الحموي*

 

لا شك أنكم تعلمون أن الغالبية العظمى من الهيئة الناخبة حريصة كل الحرص على أن يتمتع مفتي طرابلس والشمال بالعديد من المؤهلات والمواصفات التي تتوخاها في المفتي العتيد ليكون خير ممثل لهذا المنصب الديني الحيوي، ونحن نوافق أن يكون مفتي طرابلس حائزا لشروط مهمة، من أبرزها :

أولا : *على الصعيد الفكري :*

ألا يكون منتميا الى حزب أو تيار فكري ( مع إحترامنا للجميع) يثير الحساسيات والإشكالات مع سائر الأحزاب والجمعيات والتيارات مما قد يؤجج المناظرات والمشادات وتصاعد موجة الإعتراضات وربما الإتهام بالعقيدة ، وهذا أخطر ما يمكن أن يواجهه المسلمون وفي مثل هذه الظروف الحالكة التي تحيط بنا.

كما ينبغي أن يكون مفتي طرابلس والشمال وسطيا معتدلا وعلى مسافة متساوية من جميع الحركات والجمعيات والشخصيات الإسلامية ، الرسمية والدينية، وأن يكون في مقدوره لقاؤهم جميعا وتبادل الزيارات معهم دون تحفظ أو موقف مسبق ، ودون أن تعني الوسطية خلوه من أي رأي وموقف حكيم .

ثانيا : *على الصعيد الأخلاقي* :

أن يكون المفتي على عداء تام مع النفاق والرياء والمداهنة وإلتماس بعض الولاءات المحلية في مقابل أخرى، وان يكون ذا سمعة اخلاقية حسنة ومسلكية ناصعة لا يتندر بها الناس وبعيدا عن النميمة والضغينة وقذف الآخرين وسلاطة اللسان والتعالي ، أو التشهير بهم لإبتزازهم او الهزء بهم ومنهم ، وألا يكون له تاريخ معروف بالخصومة وسوء الظن.

وكذلك أن يكون له حضور فعال وشخصية مؤثرة ومقبولة من الجميع يتقبلها عامة المسلمين ، وتلقى موافقة من الشخصيات السياسية والدينية والإجتماعية بدون أي إعتراض منها على سلوك أو مزاج أو ضعف أو موقف.

ثالثا : *على الصعيد الشخصي* .

أن يكون جديرا بحمل الأمانة ذو شخصية قوية لا يخشى في الله لومة لائم ، ويعيد لمقام الإفتاء دوره التاريخي (المفقود) في تمثيل المسلمين السنة والرفع من شأنهم وإعلاء كلمتهم بكل جرأة وحكمة ووضوح وخاصة في مثل هذه الأيام إذ يعاني أهل السنة فيها من ترهل وتآكل وتفتت وإضمحلال وأنهم أمام مصير مجهول ومستقبل مظلم يزحف عليهم بكل أخطاره وأعبائه وأثقاله .

وأن يعمل على إستعادة دور  طرابلس وضواحيها وحضورها ونهضتها وأن يراجع سير أولئك المفتين الذين مروا في تاريخ طرابلس ليستقي منهم العبر والمواقف الشجاعة المشرفة والحضور المميز وليسعى الى إستعادة مكانة مفتي طرابلس (الممتاز) على جميع الصعد الدينية والإجتماعية بل وحتى السياسية.

وأن يكون ذا كفاءة عالية وموقع معروف من الوسط السياسي والديني والإجتماعي ، وله إسهاماته ودوره في خدمة الإسلام والمسلمين بإخلاص وتجرد وليس بغرض الوصول الى مأرب يخطط له بأساليب ظرفية تبرر الظفر بهدفه الذي يتوسل له التودد الزائف.

ويجدر به أن ينشىء بطانة صالحة ليس فيها مكان لأهل المصالح الخاصة بل عليه أن يضع في مقدمة إهتماماته وجوب إحداث إنقلاب جذري في مؤسسة الأوقاف الإسلامية وأن يمضي قدما في تحقيق ما يتمناه المسلمون من تطوير هذه الأوقاف وتنميتها وزيادة وارداتها والكشف على كل كبيرة وصغيرة وسوء التصرف بعقاراتها وتنميتها .

رابعا:*على الصعيد الديني.*

أن يكون منفتحا على رؤساء وأعضاء المؤسسات الدينية والوقفية والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وبخاصة سماحة مفتي الجمهورية في إطار من التوافق والإنسجام والإتفاق مما يعزز مركز الإفتاء المحلي ودوره في خدمة مسلمي المدينة وجوارها على الصعد كافة.

وفي هذا الإطار أن يكون قريبا من علماء المدينة وأئمة المساجد وخطبائها وموظفيها والمدرسين الدينيين يستمع الى مطالبهم وتمنياتهم بلهفة وصدق من أجل متابعتها وتحقيقها.

خامسا : *على صعيد المشاريع .*

ألا يكون جل همه اللهاث للوصول الى منصب الإفتاء بأي وسيلة حتى لو كانت غير مشروعة ، ثم يتخلى عن قضيته أو مهمته سوى إبراز شخصه الكريم وجلوسه في الصف الأول وتعزيز نفوذه وسلطته ، وإنما يحمل لمسلمي طرابلس والشمال العديد من المشاريع التي تصب في مصلحة وتطوير الأوقاف وإغنائها ودعم العلماء والأئمة والخطباء والمدرسين الدينيين وموظفي المساجد والمؤذنين لتحسين أوضاعهم المعيشية بما يحفظ لهم كرامتهم ومكانتهم والعمل على إنصافهم وإكرامهم بما يليق من راتب يكفيهم ذل الإرتماء في أحضان الغير واللهاث وراءهم من أجل الدواء والإستشفاء والطبابة أو صندوق مواد غذائية وما شاكل ذلك.

هؤلاء يجب أن نكفيهم حاجتهم ليمتنعوا عن الوقوف بأبواب أحد وأن يلتزموا مهمتهم الموكولة إليهم في مساجدهم ليكونوا منسجمين مع رسالتهم كدعاة ومرشدين وموجهين.

هذه هي بعض المواصفات التي نأمل أن تتمثلها الهيئة الناخبة في مفتي طرابلس والشمال المقبل والتي تحقق لهذه المدينة وشمالها المعطاء خطوة لافتة على الصعيد الديني والإجتماعي والوطني وهي امانة ومسؤولية لن يتخلى عنها أحد منا وعلى أدائها لأننا سنسأل عنها يوم القيامة .

وهنيئا لمن أخلص النية واستفتى قلبه في هذا الإستحقاق الديني الهام.

ولنستحضر حديث النبي ﷺ إذا ضُيِّعَتِ الأمانَةُ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ قالَ: كيفَ إضاعَتُها يا رَسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: إذا أُسْنِدَ الأمْرُ إلى غيرِ أهْلِهِ فانْتَظِرِ السَّاعَةَ.

 

 

 

 

 

Exit mobile version