خاص الهديل:
لم تتحدث واشنطن حتى الآن مع أي طرف خارجي أو عربي أو لبناني بإسم مرشح لرئاسة الجمهورية. والمستويات السياسية الأقل أهمية التي تتحدث مع لبنانيين بموضوع رئاسة الجمهورية، تستمع للآراء بأكثر مما تعطي آرائها، ما يوحي بأن الخارجية الاميركية لا تزال في مرحلة تجميع المعلومات وليست في لحظة اتخاذ قرارها بخصوص هذا الاستحقاق. وكان الاميركيون بالعادة يسربون، ومنذ وقت مبكر من المعركة الرئاسية، أسماء يفضلون ترشيحها لرئاسة الجمهورية. أما اليوم فإن واشنطن لم تقترح أي إسم للرئاسة، لا علناً ولا تلميحاً، ولكن معلومات لموقع الهديل أكدت أن واشنطن حددت لبيروت متى هو السقف الزمني الذي يجب عدم تجاوزه في إبقاء الفراغ الرئاسي.
وقبل الخوض في تفصيل هذه المعلومة، يجدر استعراض نماذج سابقة من كيفية تعامل العم سام مع الاستحقاق الرئاسي في لبنان، بغية تكوين فكرة عن أسلوب واشنطن في التعاطي مع طبخة فخامة الرئيس اللبناني.
بعد أن شارفت ولاية اميل لحود على الانتهاء، زار وفد من الخارجية الأميركية شخصية لبنانية رسمية، وقدم له ورقة فيها أربعة أسماء يفضل الأميركيون أن يكون أحدهم رئيساً للجمهورية.
وقدم حينها الوفد الأميركي لمحدثه اللبناني خطة تقترحها واشنطن لكيفية اجراء الانتخابات وهي تتألف من ثلاث نقاط:
الأولى أن يتم انتخاب أحد الأسماء الأربعة المذكورين في ورقة الوفد الاميركي.
الثانية أن تقوم بكركي بتقديم الغطاء السياسي لعملية انتخاب رئيس الجمهورية.
الثالثة ان يقوم الجيش بتأمين الحماية العسكرية لجلسة انتخاب الرئيس.
وعلقت الشخصية اللبنانية التي زارها وفد الخارجية الأميركية حينها على الأسماء الأربعة التي تضمنتهم الورقة الأميركية، بالقول:
أولاً- كل الأسماء الأربعة هم انكلوسوكسون، وليس بينهم شخصية فركوفونية.
ثانياً- الأسماء الأربعة لشخصيات شبه مغمورة وليس بينهم أية شخصية من نادي المرشحين للرئاسة التقليدين؛
ثالثاً- الأسماء الأربعة ينتمون لفئة الاعمار الشابة (العقد الرابع من العمر وبدايات العقد الخامس).
رابعاً- لم يكن بينهم اسم العماد ميشال سليمان الذي وصلت إليه رئاسة الجمهورية حينها.
وتقول تلك الواقعة أن الأركيين لا ينجحون دائماً باتصال مرشحهم لرئاسة الجمهورية، ولكن بالغالب ما ينجحون بمنع ايصال الشخصية التي لديهم فيتو عليها إلى قصر بعبدا.
ولكن السؤال الأهم ليس من هي الشخصية التي يريدها العم سام لرئاسة الجمهورية، بل متى يقرر العم سام التدخل لانجاح عملية انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان…
خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أوصلت ميشال عون لرئاسة الجمهورية، شاع تحليل بأنه لو تأخر انتخاب عون عدة أيام، لكان فاته قطار الوصول إلى بعبدا، لأن انتخاب ميشال عون آنذاك حصل قبل أيام من انتخاب ترامب رئيساً لأميركا.. وحينها جرى انتخاب عون على أساس ان هيلاري كلينتون التي تريد الانفتاح على طهران، هي من ستفوز بانتخابات الرئاسة الاميركية، وليس ترامب الذي كان التقدير حينها أنه لو فاز فإنه سيتشدد ضد إيران، ويلغي الاتفاق النووي.
وأحد الدبلوماسيين الأوروبيين قال حينها، أن عون فاز بفضل التقدير الخاطئ لدى خصومه لما قد تسفر عنه نتائج الانتخابات الاميركية.
وحاليا تعلّم اللبنانيون من الاخطاء، وانتظروا بصبر وأناة نتائج الانتخابات النصفية، واليوم هناك انتظار لمعرفة متى سيقرر بايدن التدخل في انتخاب فخامة الرئيس وضمن أية ظروف وشروط، وهل لدى واشنطن مرشح لا يزال داخل المفلف المقفل، أم أنها ستكتفي بأن يكون لديها فيتو على بعض المرشحين..
لقد وردت مؤخراً معلومات من واشنطن تقول أن الأميركيين حددوا للبنان سقفاً زمنياً عليه إجراء الانتخابات قبل الوصول إليه؛ وهذا السقف الزمني هو شهر حزيران المقبل الذي سيشهد استحقاق ذهاب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى التقاعد..
قد يكون الأميركي متوجس من حصول فراغ في هذا الموقع، كونه موقعاً على صلة بمصالح الأمن القومي الأميركي (تبييض الأموال والتهرب من الضرائب)، الخ..
هناك من يقول أن حزب الله ينتظر جلاء الموقف الأميركي الذي صار واضحاً ان موعده في حزيران المقبل، ولذلك فهو يحاول إبطاء حدة التنافس على الوصول إلى قصر بعبدا، بين باسيل وفرنجية، وذلك تحت شعار قليل من الصبر حتى تتضح نوايا العم سام خلال الربع الأول من العام الجديد..