تنتشر في لبنان ظاهرة المراهنات على نتائج المباريات في كأس العالم 2022، من خلال عدد لا بأس به من السماسرة، الذين يديرون هذه المراهنات من مكاتبهم أو مقاهيهم، أو حتى عبر تطبيقات الهاتف ومواقع إلكترونية مخصصة.
ويشرح نادر (اسم مستعار)، البالغ من العمر 45 سنة وهو أحد المهووسين بالمراهنات، فيقول: “توجد عدد من المواقع الإلكترونية في دول تشرّع القمار، لكل منها وكيل في لبنان، هو رأس الخلية، لديه عدد كبير من السماسرة يديرون المراهنات”.
ويضيف نادر، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “انطلاقا من أن المراهنات غير شرعية في لبنان، فهي تحتاج إلى واجهة وفي الغالب تكون مقهى أو صالون حلاقة أو عبر الهاتف”.
ويتابع: “منذ بداية المونديال كسبت قرابة 89 ملايين ليرة لبنانية، لم أغامر بأرقام كبيرة إلا أنني سأبدأ بذلك في التصفيات النهائية”.
ويبرز: “شريحة كبيرة من المتابعين لا تنظر إلى المونديال كونه حدثاً رياضياً فقط، بل تراه فرصةً لجني الأرباح، وذلك عبر المراهنة على المباريات، وترك الحظ يلعب دوره خصوصا في هذه الأيام التي تشهد بطالة غير مسبوقة بين الشباب في لبنان”.
ويوضح: “عمليا الرهان يبدأ بالمئات ليصل إلى الملايين، والرأس المدبّر هو سمسار، وتشارك معنا سيدات كذلك.. يقوم السمسار بوضع القواعد قبل بدء المباراة، فقد يراهن الشخص بمئة ألف على فوز فريق معيّن وفي حال فاز سيستعيد المئة وفوقها مليون، وهكذا دواليك”.
ويتابع ندير: “المراهنات المونديالية تحصل على نتائج المباريات والأهداف والأخطاء، وحتى على البطاقات الصفر والحمر، أمّا عن قيمة الرهان، فهي تبدأ من 100 ألف ليرة، وما فوق ولا سقف للمبلغ”.
ويستطرد: “داخل معظم مقاهي بيروت التي تستضيف عشاق المونديال، يجلس المراهنون في زوايا متعددة من دون أن يظهروا أنفسهم بأنهم مراهنون للعلن، ويبدأ العد، فإما أن تصيب من الفائز وتربح وإما أن تخسر وخلف كل هؤلاء مجموعة من السماسرة يديرون اللعبة ويجنون الأموال مضاعفة”.
ويختم: “هناك من يقضي ليلته في الطريق بعد الخسارة وهناك من يعود إلى منزله بالأموال الوفيرة
وفي مشهد آخر داخل أحد مقاهي المناطق الشعبية في بيروت التي ثبتت الشاشات العملاقة أمام المتابعين، كانت الحماسة تطغى على الأجواء خصوصا في الشوط الأول إثر تسجيل الهدف التونسي، لكن الأوضاع انقلبت إلى حزن وصمت في الشوط الثاني بعد تغير مجرى المباراة، باستثناء شاب واحد كانت ترتسم ملامح السعادة على وجهه.
لكن هذا الشاب لم يكن من مشجعي الفريق الفرنسي، وفق ما رواه أحد أصدقائه لموقع “سكاي نيوز عربية”، لدى السؤال عن سبب سعادته؟
فكان الجواب بأنه راهن مع إحدى صديقاته على نتيجة المباراة بمبلغ 50 دولار أميركي وربح مراهنات عديدة منذ بداية المونديال وبأنه عاطل عن العمل منذ أشهر، ووجد في المونديال فرصة لكسب بعض المال.
ما قول علم الاجتماع؟
يتوقف المتخصص في علم الاجتماع نظام إبراهيم عند ظاهرة المراهنات التي “تجتاح الأوساط الاجتماعية اللبنانية الغنية منها والفقيرة والتي قد يكون الوضع الاقتصادي المتدهور أحد أسبابها، ولكنه ليس الوحيد”.
ويضيف إبراهيم لموقع “سكاي نيوز عربية”: “هناك بعد سيكولوجي يرتبط بالنفس الإنسانية التي تميل إلى التحدي والمغامرة وإثبات الذات، اللافت أننا نجد العنصر النسائي في اللعبة أيضا”.
ويوضح بأنه: ” لا توجد في لبنان أية مكاتب تعنى بالمراهنة، بما في ذلك المراهنات المتعلقة بكرة القدم، وإذا ما حصل هذا الأمر فإنه يتم من خلال العلاقة الخاصة بين الأفراد المعنيين بذلك فقط”.
غياب الرقابة
أما عن الرقم التقريبي للأموال المتداولة في لبنان في المراهنات، فيقول إبراهيم: “تصل إلى ملايين الدولارات إذا ارتفع الرهان”.
ويلفت إلى أن “هناك نافذين يُراهنون بأموالهم، حتى عبر المواقع غير الشرعية”، مشيراً إلى أن “ملاحقة المخالفين غائبة تماماً عن يوميات الدولة”.
وعما إذا كان التداول بالمراهنات يؤثر على سعر الصرف اليوم، رجحت مصادر اقتصادية لموقع “سكاي نيوز عربية”، ألا يكون هناك أي رابط مباشر بين الأمرين، إذ أن المراهنات تتم في معظمها بالليرة اللبنانية، ولا ضرورة لدى المراهنين بشراء الدولار للمراهنة”