أكّد وزير الخارجية وشؤون المغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبد الله بوحبيب أن “دعم إيطاليا لبنان أساسي”، وقال: “إن إيطاليا تعد من أهم أنصار لبنان، وبيروت متناغمة مع روما في العديد من الملفات بما في ذلك ملفات المهاجرين”.
وتابع, في حوار مع وكالة “نوفا” الايطالية للانباء، على هامش النسخة الثامنة لملتقى “حوارات المتوسط” السنوي في روما، الحوارات السنوية التي أطلقتها إيطاليا في عام 2015 بهدف طموح “الذهاب إلى ما بعد الفوضى” واقتراح “أجندة إيجابية” في منطقة البحر الأبيض المتوسط الموسعة، “أعتقد أن هناك توافقًا كاملًا بين إيطاليا ولبنان في وجهات النظر حول العديد من القضايا”.
وشدّد على, “أهمية العلاقات الثنائية التاريخية والدعم الإيطالي المستمر للبنان بلد الأرز”.
وذكّر بوحبيب, “بالدور الأساسي للجيش الإيطالي في قوة التدخل التابعة للأمم المتحدة في لبنان “يونيفيل” التي ترى أن إيطاليا هي المساهم الأول في مهمة الأمم المتحدة بأكثر من 1100 جندي”، وأشاد ب”قدرة الكتيبة الإيطالية المعروفة ب”أصحاب الخوذ الزرق الإيطاليين” على “التخلي عن الموقف العسكري والتعامل مع الناس”.
وأضاف, “هناك تقدير كبير للدعم الذي قدمته إيطاليا، وبالنسبة لنا، هذا يعني أن إيطاليا التي تدعمنا ليست هذا الحزب أو ذاك، إنه دعم إيطاليا للبنان، صداقة ستدوم”.
وأشار بوحبيب إلى أنَّ “الدور المركزي للقوات المسلحة اللبنانية، التي تشهد أيضًا دعمًا واسعا من إيطاليا، والتي تعتبر العمود الفقري للبلاد”.
وأكّد أنَّ “الجيش اللبناني هو العمود الفقري لهذا البلد. إذا لم يكن لدينا القوات المسلحة اللبنانية ينتهي بنا الأمر في الفوضى, ويسعدنا أن تساعد إيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا وقطر الجيش اللبناني وقوات الشرطة على الوقوف والتواجد ومتابعة عملهم”.
واستعرض بوحبيب، خلال حواره مع “نوفا”، “الوضع في لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية مدمرة منذ عام 2019، وهي أخطر أزمة في تاريخها، وقابلة للاختراق بدرجة كبيرة للأزمات الإقليمية، ومن بينها الحرب في سوريا التي دفعت منذ عام 2011 ما يصل إلى مليوني لاجئ إلى البلاد مقابل 4.7 مليون نسمة من السكان الأصليين, وتشهد البلاد مأزقا سياسيا مؤسسيا بعد الانتخابات التشريعية في أيار التي لم يحصل فيها أي حزب على الأغلبية، مما حال دون تعيين رئيس جديد بعد انتهاء ولاية ميشال عون في 31 تشرين الاول واختيار رئيس جديد”، بحسب الوكالة.
وأردف بوحبيب قائلًا: “مررنا بكارثة اقتصادية قبل عامين وبدأنا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للتوصل إلى اتفاق يجب أن يصادق عليه البرلمان”.
وفي نيسان الماضي، وفي إطار اتفاق مبدئي، وعد صندوق النقد الدولي بقرض قيمته ثلاثة مليارات دولار، بشرط تنفيذ الإصلاحات، وأشار إلى أنه, “لم يتم التصديق على الاتفاقية حتى الآن بسبب جماعات الضغط على عكس ما تم التوقيع عليه مع الصندوق”.
واستشهد, “بجمعيات مصرفية وجمعيات تجار ووقائع أخرى للاقتصاد اللبناني تضغط من أجل عدم التصديق على الاتفاقية التي تنص على إصلاحات جذرية للنظام الاقتصادي من شأنها الإضرار بمصالحهم”.
ولفت إلى أنَّ “الدولة الديمقراطية لها الحق في معارضة جماعات الضغط”.
وأشارت الوكالة إلى أنه, “علاوة على ذلك، يواجه لبنان واحدة من أكثر القضايا حساسية والتي لها تداعيات مهمة على التوازن الاجتماعي الهش، والذي تعرض للخطر بشدة من جراء الأزمة الاقتصادية، هي قضية مليوني لاجئ ومشرد سوري، وكثير منهم يقيمون في البلاد منذ عشر سنوات على الأقل”.
وأوضح أنَّ “اللاجئين السوريين بدأوا في الوصول إلى سوريا عام 2011، لكن الوضع الآن في سوريا هادئ نسبيًا. من الواضح أنه لا يوجد بعد حالة سلام واسع النطاق، لكن لا توجد حرب”.
وأضاف, “لذلك هناك عدد قليل جدًا من اللاجئين في الوقت الحالي ممن لا يزالون يأتون من سوريا، ولكن منذ عام 2011 لدينا مليوني لاجئ من بين سكان لبنان الذين يزيد عددهم قليلاً عن 4 ملايين”.
وتابع, “لذا، فإن اللاجئين السوريين يشكلون حوالي نصف اللبنانيين, وهؤلاء الناس, اللاجئون يستهلكون مواردنا وبنيتنا التحتية وخدماتنا من الكهرباء إلى الماء للوصول إلى المدارس, خبزنا مدعوم من الحكومة ويستهلكون حوالي 40 بالمائة منه, لذا فإن هذا يمثل تكلفة كبيرة على مواردنا المالية”.
وأشار إلى أنَّ, “الجانب الأكثر إشكالية وأهمية ليس الجانب المالي بقدر ما هو وجود مليوني سوري تمولهم المنظمات الدولية للبقاء في لبنان”.
وعبّر بوحبيب عن اقتناعه بأنه “لا يوجد لاجئون سياسيون في البلاد، ولكن قبل كل شيء الأشخاص الذين قرروا البقاء في البلاد على وجه التحديد لأن المنظمات الدولية توفر لهم الموارد للعيش في لبنان”.
ولفت إلى أنَّ, “هناك شعور سائد في لبنان بأنه إذا توقف المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي عن تقديم الأموال والطعام للسوريين (الذين يقدمون هذه الخدمات في سوريا) في لحظة سيعود هؤلاء الأشخاص إلى وطنهم”.
وعن الوضع السياسي الداخلي قال: “أجرينا انتخابات في أيار الماضي, وكانت النتيجة حالة من الجمود مع عدم فوز أي حزب بأغلبية لانتخاب رئيس, في نظام ديمقراطي، إذا لم تكن هناك أغلبية، فيجب تقديم التنازلات، لكن هذه العملية لم تبدأ بعد”.
وأضاف, “نحن في المرحلة التي لم يتحدث فيها الطرفان مع بعضهما البعض بعد حول هذا الملف المحدد”.
وعن ترسيم الحدود البحرية قال بوحبيب: “منذ فترة طويلة كان لدينا اتفاق مع قبرص لترسيم الحدود البحرية، لكن لم يتم الانتهاء منه في انتظار اتفاق مع إسرائيل, والآن بعد أن توصلنا إلى اتفاق مع إسرائيل بوساطة الولايات المتحدة، عقدنا أول اجتماع مع القبارصة وسنلتقي مرة أخرى لوضع اللمسات الأخيرة على ترسيم الحدود البحرية”.
وتابع, “لم نبدأ بعد في وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بشأن الحدود البحرية الشمالية مع سوريا. نحن ننتظر التوقيع مع قبرص وبعد ذلك سنرى”، مؤكدا أن “لبنان وسوريا تجريان حوارا حول هذا الملف بهدف التوصل إلى اتفاق “رابح للجانبين” يعود بالفائدة على البلدين”.
وفي موضوع العلاقات الإقليمية، لا سيما مع دول الخليج، أكّد بوحبيب أن “العلاقات اليوم طبيعية, وهناك دولة تساعدنا حقًا أكثر من غيرها في لحظة الحاجة هذه قطر”.
ولفت إلى أن, “الدول الأخرى وعدتنا بالمساعدة، لكن لا أعرف ما إذا كانوا سيأتون أم لا, والعلاقات جيدة وأن دولاً مثل السعودية لا تزال تدعم لبنان على المستوى الإنساني, كما أن لدينا علاقات طبيعية مع إيران”.
واستكمل, “نأسف لما يحدث في البلد الآن، ونأمل أن يتمكنوا من إيجاد حل لصالح الحرية والانفتاح، لكن هذا ليس من شأننا”.
وشدّد على, “أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”.
وحرص بو حبيب على تأكيد “الأهمية الكبيرة التي تغطيها مبادرة مثل حوارات المتوسط للفرصة التي تتيحها جلسات المنتدى والمناقشات على مستوى الفاعلين الدوليين وإمكانية عقد لقاءات ثنائية”، معربا عن تهانيه لوزارة الخارجية الإيطالية ومعهد الدراسات السياسية الدولي بقوله: “أهنئ المعهد ووزارة الخارجية، وآمل أن أكون هنا العام المقبل إذا كنت لا أزال وزيرا”.