الهديل

خاص الهديل : باسيل يضع “مسدس التقسيم” على الطاولة: قياديو إضطراب الطوائف!!!

خاص الهديل:

 

في الحياة السياسية اللبنانية برزت الكثير من الظواهر التي لمع نجمها لوقت محدد، ثم اختفت كما يصدم شهب بأرض نائية.. ولكن بعضها ظل بعيد الأثر في وجدان الجماعة التي خرج منها ومثلها أو حتى في الوجدان الوطني..

ولبنان واحد من البلدان القلائل الذي شهد الكثير من الشخصيات التي لعبت أدوار الظاهرة السياسية، قياساً بالكثير من الدول التي تفوقه مساحة ونسبة سكانية.. وربما حدث ولا يزال يحدث ذلك لأن لبنان هو دولة ال ١٦ طائفة وليس دولة الموطن، وربما لأن البلد هو مساحة للقطاع الخاص حتى بالسياسة والأمن والعسكر!! إن فرداة التركيبة اللبنانية جعلت منه بلد الظواهر السياسية والايديولوجية والأمنية وحتى العسكرية، وكل واحدة من هذه الظواهر كان لها رموزها ولا تزال تنجب رموزاً لها أو تستورد رموزاً لها.. فحتى ياسر عرفات مثلاً كان ظاهرة في لبنان رغم أنه ليس لبنانياً ولديه قضية موجودة خارج لبنان. ومع ذلك فإن ظاهرة ابو عمار خلال تجربته اللبنانية، تحكمت لحد بعيد بتوازنات بلد الأرز الداخلية على مدار نحو عقدين من الزمن..

.. والإمام موسى الصدر الذي جاء من إيران إلى لبنان كان ظاهرة وطنية في لبنان بمثلما أنه كان ظاهرة شيعية، ودامت ظاهرته المتصلة للآن بوجدان المجتمع اللبناني، نحو عقد من الزمن.

.. وكمال جنبلاط كان ظاهرة سياسية أدت أدواراً لبنانية مهمة على صلة بتجربة اليسار على مستوى العالم وبالأصالة اللبنانية على مستوى تقاليد الشوف وعالية. ريمون ادة كان له أيضاً بصمته في حياة البلد، رغم أنه أمضى ثلاثة أرباع حياته مهاجراً في باريس.. والقائمة طويلة، ولكن دائماً كان هناك عبرة واحدة طالما قالها رفيق الحريري الذي كان أيضاً ظاهرة سياسية، ومفادها ليس هناك أحد أكبر من بلده… وبخصوص الذين أدوا دور الظواهر السياسية في بلد الأرز وكانوا غير لبنانيين، يمكن إضافة تحوير بسيط على عبارة الحريري لتصبح: ليس هناك أحد أكبر من لبنان.

.. ولكن لماذا الآن كل هذا الكلام عن الشخصيات التي برزت كظواهر سياسية في الحياة اللبنانية؟؟..

أولاً لأن في هذه المرحلة برزت شخصية سياسية تحاول تأدية دور الظاهرة السياسية؛ فيما هي بتعبير أدق باتت إشكالية سياسية.

لقد تقصد باسيل أن تلحق به هذه الصفة أو هذا النعت أو هذه الشبهة. مثلاً كمال جنبلاط كان صاحب مشروع ولم يكن يريد افتعال أنه ظاهرة سياسية. بينما باسيل حاول أن يكون ظاهرة حتى لا تتم مقارنته من قبل عمه بأترابه الأصهر، وحتى يظل صهراً متقدماً بين الأصهر الثلاثة وذلك على وزن عبارة اميل لحود الذي كان يريد الإشارة إلى رئيس الجمهورية بوصفه الرئيس المتقدم بين الرؤساء الثلاثة اللبنانيين. وكان ولا زال باسيل يريد أن يكون الأول في عيون ميشال عون داخل عائلة الأخير الجديدة المكونة من أزواج بناته الثلاث.

ليس هناك أحد في لبنان لديه مشكلة مع طموحات باسيل، ولكن الجميع في لبنان- عدا ميشال عون- لديهم مشكلة مع تضخم الغدد الوصولية عند باسيل.. وآخر مظاهر مرضه هذا هو قوله: نحن نريد اللامركزية الإدارية وسنطبقها على الأرض إذا لم تطبق قانوناً.

يمثل هذا الكلام خطراً واحداً كبيراً على الأقل، وهو خطر يجب أن يستدعي تحركاً وطنياً يقول لباسيل بشكل واضح: لا تلعب بالنار!! ..

ويتمثل هذا الخطر بأن باسيل اخذ ملف اللامركزية الإدارية من كونه ملفاً إصلاحياً يتحدث عنه دستور الطائف، إلى كونه رد فعل سياسي مسيحي، على ما يصوره باسيل بأن المسلمين من حلفائه وخصومه، قاموا بكسر الشراكة مع المسيحيين كونهم عقدوا جلسة حكومية رغم إرادة “باسيل الصهر”.

هذا الاستخدام لموضوع اللامركزية الإدارية يسبغ عليها فكرة، وكأن جبران باسيل يهدد بأنه إذا لم تحترم معادلته السياسية فإنه قادر على وضع مسدس التقسيم على الطاولة انطلاقاً من جعل مطلب اللامركزية الإدارية طريقاً مسيحياً باسيلياً اجباري للشراكة وإلا فالفراق..

وهنا يجب تذكير باسيل بما قاله رفيق الحريري لا أحد أكبر من بلده.. وبما تقوله تجربة ياسر عرفات بأن لا أحد أكبر من لبنان.

التهديد بجعل اللامركزية الإدارية طريقاً للتقسيم، هو مؤامرة ضد تطبيق هذه الفكرة، وتحويلها من أسلوب استراتيحي لترشيد النظام المركزي وجعلها أكثر مرونة، إلى مؤامرة إستراتيجية تأخذ المسيحيين في لبنان إلى فكرة كردستان العراق ومنطقة قسد في شرق شمال العراق.

قبل أيام كتب موقع الهديل في ذات هذه الزاوية عن الطوائف المضطربة، ويمكن هنا بمناسبة باسيل الحديث عن قيادات الاضطراب الطائفي، حيث يجري التحذير من أن ظروف ما يحدث في العراق ولبنان والمنطقة قد يقود للأشتباه بأن هناك من يدفع الأكراد والموارنة للتعبير عن ازماتهم برد فعل مضطرب يؤذيهم ويؤذي تماسك مجتمعاتهم الوطنية!!. وكل هذا من شأنه على مستوى لبنان للبحث عن رئيس جمهورية لبناني ماروني، لديه في سجله أعلى ميزات الوحدة الوطنية المدعومة بوقائع الممارسة والبيئة التي يأتي منها، وليس بالخطابات والشعارات.

Exit mobile version