عندما تكون إلين نجالا على دراجتها النارية في شوارع داندورا، وهي منطقة عشوائية مزدحمة في العاصمة نيروبي، يتوقف الناس ويحدقون. وبينما تتجول على متن دراجتها الزرقاء، كان الأطفال والكبار، على حد سواء، يلوّحون وينادون.
ونجالا هي واحدة من عدد متزايد من الشابات اللواتي انضممن إلى صفوف قطاع «بودابودا» في كينيا، الذي يتكون من عدد كبير من سائقي «دراجات الأجرة»، الذين يدعمون النقل العام الذي غالباً ما يكون فوضوياً؛ ويخدم نحو أربعة ملايين من سكان نيروبي.
وكان عمل سائقي «بودابودا»، سواء على طول الأرصفة المليئة بالحفر في نيروبي، أو الطرق الترابية للقرى في الريف، حكراً على الرجال تقريباً. ولكن مع ارتفاع كلفة المعيشة في كينيا، وتغير أدوار الرجل والمرأة بالنسبة للأجيال الشابة، يرتدي المزيد من النساء الخوذات، ويصبحن سائقات تاكسي على الدراجات النارية.
ولكن حتى في الوقت الذي يوفر فيه العمل مرونة وعائداً أفضل من العديد من الوظائف التقليدية، يجب على النساء الكفاح للتغلب على المضايقات والمخاطر في العمل، في مهنة تعتبر على نطاق واسع وظيفة الرجل.
وفي موقف تاكسي الدراجات النارية، حيث تعمل نجالا، أصبح الرجال يقدرون مهاراتها. وتقول هي عن زملائها: «إنهم يحبون المزاح، لكنهم يظهرون الاحترام». وسارع أحد الزملاء، الذي يطلق عليه لقب «جوكر»، إلى مدح زميلته في العمل، قائلاً: «إنها سائقة جيدة»، متابعاً «تحصل على العديد من العملاء».
دافع الضرورة
في عام 2015، عندما بدأت فايث أسيبوا العمل كسائقة أجرة لدراجة نارية في حيّها بضاحية كيبيرا، كان وجود النساء في هذه المهنة نادراً جداً، لدرجة أنها كانت توصف بأنها الأولىفي نيروبي. والآن، تترأس أسيبوا، البالغة من العمر 32 عاماً، الفرع النسائي في نيروبي في جمعية «بودا» في كينيا، الذي يضم حالياً 42 عضواً.
وتقول أسيبوا: «هناك الكثير من الشابات اللواتي يحاولن الانضمام إلى «بودابودا». وبفضل خبرتها، يمكنها مساعدة السائقات الجديدات للانخراط في المهنة. وفي ذلك تقول: «أساعدهن في العثور على التدريب والحصول على المعدات المناسبة، حتى يتمكنَّ من العمل بأمان».
وعلى الرغم من الخطوات الكبيرة الأخيرة، لايزال الافتقار إلى التمثيل النسائي والتكافؤ مستمراً في جميع أنحاء كينيا.
وجلبت الانتخابات التاريخية، في أغسطس، عدداً أكبر من النساء إلى السلطة أكثر من أي وقت مضى، إذ أصبح خُمس النواب البرلمانيين، الآن، من النساء؛ لكن ذلك لايزال دون الهدف الذي وضعته كينيا في ما يتعلق بتمثيل الجنسين.
وفي الوقت نفسه، من بين نحو 1.5 مليون سائق «بودابودا»، تقول جمعية بودا للسلامة في كينيا إن هناك 5000 امرأة فقط يقدن الدراجة النارية. والطبيعة غير المنظمة لهذا النشاط تجعل من الصعب تحديد الرقم الدقيق. ومع ذلك، فإن الصعود الأخير للمرأة في هذا المجال قد لاحظه صندوق الأمم المتحدة للسكان، والذي ساعد في إطلاق فرع النساء في جمعية «بودابودا» في كينيا. وقدمت المنظمة التثقيف بشأن العنف والصحة والإنجاب، وقالت إن السائقات قد استفدن من التدريب، وأصبحن جاهزات للعمل في الشارع.
ويقول المسؤول في برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان، كيغان كورير: «إنهن أكثر تأثراً بمعظم هذه القضايا بسبب الطبيعة الأبوية للمجتمع»، مضيفاً «أعتقد أن الدافع لتحقيق عائد أفضل، شجع معظمهن على الانضمام إلى القطاع الذي يهيمن عليه الذكور»، مشيراً إلى أن معظم سائقات تاكسي الدراجات النارية لديهن أدوار مزدوجة، كأم ومعيلة وحيدة للأسرة.
وكبدائل أكثر أماناً، تنتشر الدراجات النارية للأجرة، في كل مكان في كينيا – ومعظم شرق إفريقيا – لكن هذا القطاع يعاني وصمة عار شديدة. والغالبية العظمى من الدراجين هم من الشباب المعروفين مجتمعياً باسم «فيجانا» باللغة السواحلية، وينظر إليهم الكثيرون بسلبية. ومن الاتهامات بالقيادة غير الآمنة، والسرقة والمضايقات، أو حتى تأجيج الاضطرابات السياسية، فإن سائقي «بودابودا» هم بمثابة مركز شامل لكل الأمراض التي تصيب المدن الكينية، وهم غير مرحب بهم من قبل سائقي السيارات والمشاة على حد سواء.