الرّئيس سليمان من “جمعيّة مُتخرّجي المقاصد”: هدف إعلان بعبدا منع احتراب اللبنانيين في الخارج ولأجل الخارج… حزب الله تنكّر لالتزامه بسبب ارتباطه العقائديّ بإيران
شربجي: اعلانُ بعبدا من شانه ان يُنقذَ لبنانَ…اجتماعَ الحكومة لتسيير الأمورِ الضّروريّةِ للبنانيينَ ليسَ تحدّيًا لأحد
أكّدَ رئيس الجمهوريّة الأسبق العماد ميشال سليمان أنّه إذا كان اتفاقُ الطائف قد أوقفَ حروب الاخرين على أرضِ لبنان، فقد هَدفَ “إعلان بعبدا” ببنودِهِ كافةً الى مَنعِ احتِرابِ اللبنانيين في الخارج أو لأجل الخارج، سيّما بَند التحييد، الذي أصبحَ يُشكِّل الممر الالزامي إلى استِكمالِ تَطبيق الطائف، مثلَهُ مِثلَ إقرار الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق سائر البُنود التي أسلَفنا ذِكرَها، وتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية لِوضع خُطة مَرحلية لِتَنفيذ المادة 95 من الدُستور، بعدَ طَمأنَة الحريصين على هوية لبنان.
كلام الرّئيس سليمان جاء في لقاء حواريٍّ معه نظّمته “جمعيّة مُتخرّجي المقاصد الإسلاميّة في بيروت” بمقرّها في منطقة الصّنائع تحت عنوان: “التّكامل بين مؤتمر الطّائف وإعلان بعبدا” بحضورٍ سيّاسيّ وشعبيّ واسع. كانَ في استقبال الرّئيس سليمان رئيس الجمعيّة الدّكتور مازن شربجي وأعضاء الهيئة الإداريّة.
حضرَ اللقاء جمعٌ من القادة السّياسيين والوزراء والنّواب الحاليين والسّابقين تقدّمهم: الرّئيس فؤاد السّنيورة، الرّئيس تمّام سلام، الرّئيس سعد الحريري مُمَثّلاً بالنّائبة السّابقة رولا الطّبش، النّوّاب: اللواء أشرف ريفي، فيصل الصّايغ، وإبراهيم منيمنة، رئيسة مجلس الخدمة المدنيّة نسرين مشموشي، سفير المملكة الأردنيّة الهاشميّة الدّكتور وليد حديد، مُمثّل شيخ عقل الطّائفة الدّرزيّة الدّكتور طلال جابر، الوزراء السّابقون: العميد حسن السّبع، العميد مروان شربل، نهاد المشنوق، محمّد المشنوق، الدّكتور خالد قبّاني، القاضية أليس شبطيني، إبراهيم شمس الدّين، اللواء الرّكن شوقي المصري، المُستشار في السّفارة السّعوديّة فارس العامودي مُمثّلاً سفير خادم الحرميْن الشّريفيْن وليد بخاري، المستشار في السّفارة الفرنسيّة رومان كالغاري ممثلا السّفيرة آن غريو، المُستشار في السّفارة التّركيّة SERKAN KARIMAIOGLU مُمثّلاً السّفير علي باريش أولصوي، المستشار السياسي القائم بالأعمال في السّفارة التّونسيّة رضا شهيديّة، مستشار الرئيس ميشال سليمان بشارة خيرالله، النّائب السّابق الدّكتور عمّار حوري، النّائب السّابق الدكتور عاطف مجدلاني، أمين عام وزارة الخارجيّة والمُغتربين السّفير هاني شميطلّي، مدير عام وزارة المهجرين المهندس أحمد محمود، مُفتي طرابلس والشّمال السّابق الشّيخ مالك الشّعّار، الأمين العام لتيّار المُستقبل أحمد الحريري، رئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام، القنصل محمد الجوزو،القنصل جاك حكيم، الأمين العام السّابق لمجلس الوزراء المهندس فؤاد فليفل، الرّئيس السّابق للمجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان، التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي، اللواء إبراهيم بصبوص، الدّكتور غالب محمصاني، أعضاء المجلس البلدي لمدينة بيروت: المهندس محمّد سعيد فتحة، المهندس مغير سنجابة، ويسرى صيداني بلعة، المدير العام السّابق لمؤسّسة إيدال المُهندس نبيل عيتاني، الرّئيس السّابق لمجلس بلدية بيروت الدّكتور بلال حمَد، العميد نزار عبد القادر، العميد الرّكن خالد حمادة، العميد الرّكن رياض شيّا، العميد خليل حلو، العميد فؤاد خير، العميد ميشال شكّور، أمين عام “لقاء الجمهوريّة” نجيب زوين، الأمين العام السّابق لاتحاد المُحامين العرب المحامي عمر زين، رئيس مجلس العُمدة في دار العجزة الإسلاميّة أسامة شقير، الاستاذ هشام جارودي، رئيسة المجلس اللبناني للسّيدات القياديات مديحة رسلان، رئيس هيئة الدفاع عن بيروت المحامي صائب مطرجي، رئيس المُنتدى الوطني الإسلامي الحاج جميل قاطرجي، الدّكتور أحمد دبّاغ ، الدكتور محمد علم الدين، وحشدٌ من فعاليّات بيروت، وناشطون سيّاسيّون وحقوقيّون واجتماعيون، وأعضاء الهيئتيْن الإداريّة والإستشاريّة ومُتخرّجو الجمعيّة.
شربجي
بعد افتتاح اللقاء بالنّشيد الوطنيّ وكلمة افتتاحيّة تلاها رئيس اللجنة الإعلاميّة للجمعيّة الصّحافي إبراهيم ريحان، ألقى رئيس الجمعيّة الدّكتور مازن شربجي كلمةً رأى فيها أنّ استقلالُ لبنان تحقّق بِوَحدة اللبنانيين مسيحيين ومسلمين وارتبطَ ارتباطًا وثيقًا بإرادة العيشِ المشترك،واصبح وطنَ رسالة.
كما اعتبر شربجي أنّ ْصيغةُ العيشِ المشتركِ “تعرّضت الى اهتزازاتٍ عَقْبَ الاختلافاتِ بين قُواهُ السياسيةِ متحصّنةً بِعَباءة ٍطائفيةٍ مما افسحَ في المجال الى تعاظمِ التدخلاتِ الخارجيةِ فبات لبنانُ ساحةً للصراعاتِ والنزاعاتِ ولتصفيةِ الحساباتِ الاقليميةِ والدوليةِ ومهددًا بالدمار والتقسيم الى ان جاء اتفاقُ الطائف بمبادرة الأشقاء العرب، في مُقدّمهم المملكة العربيّة السّعوديّة، إذ جسَّد ارادةَ معظمِ الشعبِ اللبنانيِّ برفضِ حروبِ الاخرينَ على ارضِهم ورفضِ كلِّ اشكالِ التوطين والتقسيم ،وقد كان آيلًا حينذاك الى التقسيم،فانبثقت وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ لِتُحْيِيَ ارادةَ اللبنانيينَ بالعيشِ المشتركِ الاسلاميِّ المسيحيِّ وتُعيدَ وَحدةَ لبنانَ ارضًا وشعبًا ومؤسساتٍ وتجعلَه وطنا نهائيا لجميع ابنائه.”
وأضاف: “مَعَ انطلاقةِ ما سُمّيَ بالربيع العربي لم ينجُ لبنانُ من هذه الفتنِ بل زَجَّت القُوى السياسيةُ بنفسها بها خدمةً لجهاتٍ اقليميةٍ ودوليةٍ ففقدَ لبنانُ قرارَه الوطنيَّ وتماسكَه الداخلي ودخلَ مجددًا ساحةَ الخطر والفوضى العارمة . جاء اعلانُ بعبدا في هذه الفترةِ بمبادرةِ فخامةِ الرئيس العماد ميشال سليمان بهدفِ جعلِ كلِ القُوى اللبنانية تتوافقُ على المبادئ السياسيةِ الاساسيةِ التي من شانها ان تنقذَ لبنانَ وتُعيدَه الى الدورات الحياتيةِ السليمةِ التي فيها مصلحةُ كلِّ اللبنانيين .في الحقيقة حصل إعلانُ بعبدا على موافقةِ الجميع وتوقيعِهم واستبشرْنا خيرًا ،انما لاحقًا لم يلتزمْهُ البعض ،لذلك ليس مستغربًا ان نصلَ الى ما وصلنا اليه من مآسٍ وصعوباتٍ وآلامٍ يَصِحُّ تسميتُها بجهنم.”
وأردف: “لم يكُن ضيفُنا في جمعيّة مُتخرّجي المقاصد الإسلاميّة الرّئيس العِماد ميشال سليْمان يريدُ أن يرى لبنانَ يَهْوي إلى القعر، فيما آخرون كانوا يَسعَوْنَ جُهدَهم لأنْ يَهْوِيَ إلى “جهنّم”. اليوم وقع ما قد وقع، ولكنّ لم يَفُتِ الوقت. فإعلانُ بعبدا ببنوده كافّة مَثَلُهُ مَثَلُ اتفاقِ الطّائفِ ودُستورِه، فيها حبلُ الخلاص، لمن يريدُ أن يُنقِذَ لبنانَ ومؤسّساتِهِ، و يعيدَ ه الى شرعيّاتِهِ الوطنيةِ والعربيةِ والدولية.”
وقال شربجي مُخاطباً القوى السّياسيّة: “يكفينا انتظارُ الخارجِ عند كلِّ استحقاقٍ، ليتدخّلَ، فعلى المعنيّينَ انتخابُ رئيسٍ جديدٍ للجمهوريّة يكونُ حَكَمًاً بين اللبنانيين، لا طرفًا فيهم. إنّنا لا نكتفي بالدعوةِ الى الانتخاب كما كُنا بل نطلبُ الإسراعَ في انجازِ هذا الاستحقاقِ الدستوريِّ اذ نخشى ان يَعُمَّ الفراغُ في مناصبَ عليا للدولة اداريةٍ وماليةٍ وامنيةٍ فهل من خطرٍ اعظمَ من خطرٍ كهذا.”
كما أكّد أنّ اجتماعَ مجلسِ الوزراء لتسيير الأمورِ الضّروريّةِ للبنانيينَ ليسَ تحدّيًا لأحد، بل هو ما ينبغي على الحكومة فعلُهُ تحتَ العنوانِ الضّيّقِ لتصريف الأعمال وتسييرِ أمورِ اللبنانيينَ الحياتيّةِ وما يُيَسّرُ لهم الحدَّ الأدنى من مُقوّماتِ الاستمرارِ على قيدِ الحياة. إنّ تأمينَ استمراريّةِ الحدِّ الأدنى من عملِ ما تبقّى من المؤسّسات، ليسَ تجاوزاً لموقعِ رئيسِ الجمهوريّة ولن يكون، وإن كانَ كذلك، فسنكونُ في جمعيّة مُتخرّجي المقاصد الإسلاميّة أوّلَ الرّافضينَ وأوّلَ من يرفَعُ الصّوتَ انطلاقاً من مبادئنا الوطنيّةِ التي تَعتبرُ الدّستورَ اللبنانيَّ واتفاقَ الطّائف مَرْجِعَهما الأوّل…
ختاماً، اعتبر الدّكتور شربجي أنّ من يتحدّى اللبنانيين فعلاً هو من يُقاطِعُ الجلساتِ الرّاميةَ الى تسيير أمورِ اللبنانيينَ لأهدافٍ سياسيّةٍ شخصيّةٍ ضيّقة، وكأنّه يأخذ البلدَ رهينةً لتنفيذ مطالبِه، لكنّه في الوقت عينِه لا يستطيُع أن يُؤمِّنَ لـ”الرهينة” مُقوّماتِ البقاءِ على قيد الحياة.
الرّئيس سليمان
بعدَ عرضٍ لتقرير مُصّور يحكي الترابط العميق والتكامل بين “إعلان بعبدا” واتفاق الطّائف، ألقى الرئيس العماد ميشال سليمان كلمة جاءَ فيها:
عندما نتَحدّث عن الجمهورية ودولة لبنان الكبير والميثاق الوطني والاستقلال والهوية لا يَسعُنا إلا أن نَذكُر المقاصد بتاريخِها العريق الذي يُشبه حد التطابق تاريخ لبنان بمراحلهِ الذهبية وبِنَكباتِه۔۔۔ فالتحية الى الرِجالات الكِبار الذين أحبوا المقاصِد كمِثلِ حُبِهم للبنان۔۔۔
والشكر لجمعيةِ المتخرجين لدعوتي لهذا اللقاء الحواري في هذه الظروف الصَعبة التي يمرُّ بها الوطن۔
سيداتي وسادتي،
منذُ ثلاثة عقود وثلاثة أعوام، (33 سنة)، أوقفَ إتفاق الطائف حروبَ الآخرين على أرضِ لبنان الكبير الذي يَدخُل مِئَويتَه الثانية. وعلى الرغمِ من الاستقرارِ النسبي الذي سادَ وانعكسَ إيجابًا على البلادِ والعباد، لم تجد الطبقة السياسية في لبنان سبيلًا إلى تنفيذِ الإصلاحات التي تَضَمنتها وثيقةُ الوفاقِ الوطني، ولا الآليات الدستورية التي رسَمتها.
أما وقد شكّلَ هذا التعثُر خِشيةً من تصاعدِ الاضطراباتِ وتجدُد الحرب الأهلية، كان لا بد من الإتفاق على “إعلان بعبدا – 2012” وثيقةً متكاملةً مع دستورِ الطائف ومكمِّلةً للميثاقِ الوطني 1943.
تَضمنَ اتفاقُ الطائف الذي أصبح دستورَ البلادِ 4 عناوين رئيسية وهي:
-1 تحرير لبنان وبسط سيادة الدولة على أراضي الوطن كافة
-2 إلغاء الطائفية السياسية مع الالتزامِ بميثاقِ العيش المشترك
-3 تأكيد عُروبة الهوية والانتِماء والالتزام بالمواثيقِ الدولية وأبرزُها عدم الانحياز وحرية الشعوب في تقريرِ مصيرها
-4 إقرار إصلاحات متعددة وآليات تهدُف إلى ضمانِ حُسنِ تنفيذ الاستحقاقات الدستورية والإدارية
نشأت “المقاومة” كحاجة في ظل تفكُكِ الدولة، وبفضِل التفافِ الشعب من حولِها، لعِبت الدورَ الأساسي في تحرير جنوب لبنان عام 2000 (خُطاب قسم الرئيس العماد ميشال سليمان 25 أيار 2008). ومع عودة الاستقرار إلى البلاد وإعادة توحيد المؤسسات، برزَت الحاجة الُملحَّة إلى إقرار استراتيجية وطنية للدفاعِ عن لبنان تستفيد من قُدرات “المقاومة” وتضع سلاحَها وإمكانياتَها تحت إمرة المؤسسة العسكرية، المولَجة حصرًا امتلاك عناصر القوة لفترة انتقالية تنتهي لدى تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة والعتاد التي تُمكنه من وضع خُطة للدِفاع عن الأرضِ والأجواء والمياه الدُولية (تصور الاستراتيجية الوطنية الدفاعية التي طرحها الرئيس ميشال سليمان للمناقشة 2012).
ومن أجلِ تنفيذ مُندرجات الطائف، عَقدْتُ خلال ولايتي الرئاسية (2008-2014) أكثر من 20 جلسة حوار برعاية الجامعة العربية طبقًا لاتفاق القوى السياسية في الدوحة عَشيّة انتخابي (أيار 2008) وكان الموضوع الرئيسي فيها تعزيز سُلطات الدولة وإقرار استراتيجية وطنية للدفاع.
عَقدتُ هذه الجلسات بحضور رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي ومجلس الوزراء الحاليين والسابقين وشخصيات فكرية واجتماعية وسياسية تَمثَلت بالكِتل النياية الموالية والُمعارِضة والُمستقِلة، وحَرصتُ على تشكيل هذه الهيئة وفقًا لتأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية المنصوص عنها في المادة 95 من الدستور.
تزامن العدد الأكبر مِن هذه الجلسات مع الأزمة المالية العالمية واعتداءات إسرائيل الهَمجية على غزّة والضِفة الغربية، ومع الربيع العربي – الدموي الذي جابَ البلدانَ العربية وحَطَّ في سوريا وتَطايرت شظاياهُ إلى لبنان سنة 2011، فتركّزَ الجهدُ على منعِ امتدادِ اللهيبِ إلى الداخل اللبناني.
تَرافقَ هذا المناخ الُملبَّد بالغيوم اقليميًا مع تَعثُّر في تنفيذِ الاصلاحات المنصوص عنها في الدستور، وحال دون إقرار الاستراتيجية الدفاعية. وبالتالي بَسْط سيادة الدولة وتعزيز سُلطتِها.
السيدات والسادة،
مع بِدء التورُط في الحربِ الدائرةِ في سوريا عن طريقِ دعمِ الطرفين الُمتصارعَين بالسلاحِ والرجالِ وامتداد هذا التورط من قِبَل “حزب الله” الى الصراعات الاقليمية الأُخرى، ومع تأسيس بعض الخلايا الُمسلَّحة في الخارج، ظهرت الحاجة للاتفاق على إطار سياسي شامل يَسمحُ بتجاوزِ العقباتِ الُمتعددةِ ويهدِفُ إلى تَحصينِ وثيقةِ الوفاق الوطني.
هذه العقبات والعَثرات تَلخصت بما يلي:
-1 استحالة إقرار استراتيجية دفاعية في ظُلّ التباين الكبير بين أهداف “حزب الله” وإيران من جهة، وبين السياسة العامة للدولة الُمتمثِلة بالُمبادرة العربية للسلام من جهةٍ أخرى، وبدلًا من حلِّ الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة، نشأت ميليشياتٌ جديدةٌ وسرايا مسلحة تحت عُنوان التحرير.
-2 تَصاعُدْ نغمةَ الحفاظِ على حقوقِ الطوائف والُمطالبةِ باعتمادِ القوانين الانتخابية ذات الطابع المذهبي، بدلًا من العملِ على تحضيرِ الأرضية اللازمة لإلغاء قاعدة التمثيل الطائفي ضُمنَ دوائر المحافظات.
-3 تثبيت مذاهب المواقع الوظيفية والوِزارية بالارتِكاز على الُمحاصصةِ بدلًا من الاعتمادِ على الاختصاصِ والكفاءةِ والمداورة، والامتِناع عن تحقيق استقلالية السُلطة القضائية.
-4 العودة إلى الُمجاهرةِ بالفيدراليةِ أو باعتمادِ اللامركزيةِ المالية بدلًا من الذهابِ إلى تطبيق اللامركزية الإدارية الموسّعَة، مُقابل تصريحات مُتعدِدة واضحة تَعتَبِر لبنان واقعًا تحت النفوذ الإيراني وواجهة مُتقدِمة لُمخطَط المواجهة الإيرانية نظرًا إلى ارتباطِ “حزب الله” تنظيميًا ولوجستيًا وعقائديًا وماليًا بإيران، ومُجاهرة قيادَتِه بهذا الانتِماء.
-5 بروز ممارسات تُهدد هوية لبنان وتضعَهُ في عزلةٍ دوليةٍ غير مسبوقة، الأمر الذي أثار مخاوِف وقَلق مُعظَم القِوى الُممثِلة للطوائفِ والمذاهب، وبالتالي الإحجام عن تَشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية والتمسُّك بالمناصفَةِ على كلِّ المستويات.
هذه العَثرات والعقَبات والمخاوِف، رسّخت القناعة لديَّ وبالتشاور مع اللجنة التحضيرية للحوار التي شكّلتُها في مطلع ولايتي الرئاسية، أنه لا غِنى عن إطار سياسي واسع، فدَعوتُ إلى جلسةٍ بتاريخ 11/06/2012 بعد انقطاعٍ طويلٍ وبعد جولةٍ على الدول العربية، فكان “إعلان بعبدا” الذي أُقرَّ بإجماعِ الحاضرين وتأييد القوات اللبنانية الذي غابَ رئيسُها عن الجلسة.
وتنفيذًا لرغبةِ أعضاء هيئة الحوار الوطني تمَّ العمل على اعتِماد هذا الإعلان وثيقة رسمية لدى مجلس الأمن الدولي ولدى الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، كما اعتَبرتهُ بعض الدول الصديقة (فرنسا) مرجعية Reference تَستنِدُ إليها في علاقاتِها السياسيةِ مع لبنان وفي المحافلِ الدولية.
دعا “إعلان بعبدا” إلى تطبيق اتفاق الطائف والتمسُك بمُقدِمةِ الدستور وتعزيز سُلطة الدولة والقضاء ودعم الأجهزة الأمنية والتزام القرارات الدولية وفي مُقدِّمها القرار 1701.
بالإضافة إلى ذلك، تميّزَ هذا الإعلان بالبند 12 الذي أقرَّ بضرورة تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصِراعات ما عدا ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحق اللاجئين بالعودة وعدم التوطين.
كما حرِص البند 13 على ضبط الأوضاع على الحدود اللبنانية-السورية وعدم السماح بإقامة مِنطقة عازلة ومنع استعمال لبنان مقرًا أو ممرًا أو منطلقًا لتهريبِ السلاح والمسلحين.
وأختَتم بوجوبِ استئنافِ الحوار ومُناقشة الاستراتيجية الدفاعية بصورة رئيسية.
وبالفِعل تمَ طرح تَصور رئيس الجمهورية للاستراتيجية كمُنطلَق للنقاشِ في شهر أيلول 2012، وقد ارتكزَ على وضع قُدرات المقاومة واستعمالِ سلاحها وأُمرتِه بتصرف الجيش لفترة انتقالية تنتهي مع تجهيزِه بالقُدرات التي تمَكِنهُ من وضعِ خطة للدفاع عن الأراضي والأجواء والمياه اللبنانية.
وفي إطار تأييدِها ودعمِها لـ”إعلان بعبدا”، نشطَت الأمم المتحدة لإقرار وإطلاق مجموعة الدعم الدولية للبنان ISG من مجلسِ الأمن، بُغية توفير الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي، وقدَمت المملكة العربية السعودية تلبيةً لرغبتي، هِبةً غير مسبوقة للجيش اللبناني مِقدارها 3 مليارات دولار، لكن للأسف توقفَ الحوار وتَنكّرَ “حزب الله” لالتزامه في “إعلان بعبدا” وتوغل في الحرب السورية، فتعثرت المسيرة الإصلاحية وعمَل مع الفريق المؤيد لهُ على تعطيلِ انتخاب رئيس جديد للبلاد لمدة سنتين ونُصف السنة، سعيًا لانتخاب الرئيس الذي يدعَم سياستَهُ ويَغض الطَرف عن سلاحِهِ وعن حروبهِ في الدول العربية، وقد أدى قطِع رأس الدولة (الشغور الرئاسي) إلى دخولِ “داعش” إلى جرود عرسال وخَطف عسكريين وذبحهم.
السادة الكرام،
إذا كان اتفاقُ الطائف قد أوقفَ حروب الاخرين على أرضِ لبنان، فقد هَدفَ “إعلان بعبدا” ببنودِهِ كافةً الى مَنعِ احتِرابِ اللبنانيين في الخارج أو لأجل الخارج، سيّما بَند التحييد، الذي أصبحَ يُشكِّل الممر الالزامي إلى استِكمالِ تَطبيق الطائف، مثلَهُ مِثلَ إقرار الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق سائر البُنود التي أسلَفنا ذِكرَها، وتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية لِوضع خُطة مَرحلية لِتَنفيذ المادة 95 من الدُستور، بعدَ طَمأنَة الحريصين على هوية لبنان.
مداخلات
بعد انتهاء كلمة الرّئيس سليمان، شهِدَ اللقاء مداخلات من الحاضرين، أبرزهم الرّئيس فؤاد السّنيورة والنّائب فيصل الصّايغ رئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام، الصّحافي إبراهيم ريحان والمحامي محمود الناطور، والصّحافي جاد أخوي.
تناولت المُداخلات محطّات مفصليّة في عهد الرّئيس ميشال سليْمان، الذي كشفَ أنّ تأجيله للاستشارات النّيابيّة المُلزمة بعد إقالة حكومة الرّئيس سعد الحريري الأولى، باستقالة أكثر من ثلث وزرائها، كان هدفه إفساح المجال لإعادة تكليف الرّئيس الحريري تشكيل الحكومة، وهذا كان محور اتصالاته العربيّة والإقليميّة حينذاك.
وعن دور الجيش أثناء أحداث السّابع من أيّار 2008، كَشفَ الرّئيس سليمان أنّ قيادة الجيش والقوى الأمنيّة تفاجأت بانتشار العناصر المُسلّحة في شوارع بيروت حينذاك، خصوصاً أنّ الجيش اللبنانيّ كان قد أرسل 15000 ضابط وعسكريّ إلى الجنوب بعد حرب تمّوز 2006، وكان لتوّه خارجاً من معركة نهر البارد ضدّ تنظيم “فتح الإسلام” الإرهابيّ وكان القرار السياسي قد طلب من الجيش عدم التدخل في الاعتصام الدائم في وسط بيروت. كما نفى كلّ ما يُقال من شائعات ومعلومات مغلوطة عن تلكَ الفترة، مُستشهداً بالقيادات السّياسيّة والأمنيّة التي كانت في سُدّة المسؤوليّة يومها.