الهديل

خاص الهديل: طوابق مبنى اتفاق مار مخايل الثلاثة: “دلع” أم “أزمة كبيرة”…

خاص الهديل:

 

يقال أن العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، هي علاقة لا يفهم كنهها إلا الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصر الله.. ولهذا السبب كان يقال طوال السنوات السابقة، أن العلاقة بين البرتقالي والأصفر تشبه مبنى من ثلاثة طوابق، الطابق الأول منه مؤثث ومسكون، ويقيم فيه تفاهم عميق بين الجنرال عون والسيد نصر الله.. أما الطابقان الثاني والثالث، فهما مهجوران وعاريان من الأثاث.. والمقصود هنا القول أن علاقة التيار والحزب هي علاقة ظلت فوقية، ولم تنزل مفاعيلها إلى الأرض وقواعد الطرفين، ولم يقم لا الحزب ولا التيار بترجمة كتاب اتفاق مار مخايل إلى اللغة الشعبية بحيث يصبح مقرؤا من قواعدهما الشعبية. 

..واستناداً الى كل ما كان يقال؛ فإنه يمكن اليوم القول أن ما يميز خلاف باسيل مع قيادة حزب الله هذه المرة، هو أنه خلاف يجري لأول مرة في الطابق الأول حيث يقيم رأسي قيادة الطرفين، وليس خلافاً يحدث داخل الطابقين الثاني والثالث غير المسكونين أصلاً؛ وغير المفعلين داخل مبنى اتفاق مار مخايل. 

وميزة ما يحدث اليوم تؤشر إلى ثلاثة أمور لافتة: 

 

الأمر الأول يتصل بحقيقة انه منذ سمح الجنرال عون لصهره باسيل بالإقامة في الطابق الأول من مبنى اتفاق مار مخايل الذي كانت مقصورة الإقامة فيه على: “السيد” و”الجنرال”، بدأت تتسرب منه اصوات الشجار، وبدأت تحدث توترات بداخله.. وقبل ذلك، كانت كل الخلافات تحدث في الطابقين الثاني والثالث غير المسكونين، وبين جمهور لم يدخل أصلاً إلى كنه مار مخايل، ولذا فإن مواقفه من الاتفاق هي عرضية ظرفية وغير مؤثرة. 

الامر الثاني: رغم ان دخول الصهر للطابق الأول أحدث فيه حالة من التوتر بين الفينة والأخرى، إلا أن هذه التوترات ظلت تحدث تحت سقف مقولة تفيد بأن “الخلاف لن يؤدي إلى حل الخلاف”. ولكن هذه المرة يبدو أن “الخلاف” تحول إلى “إختلاف” مع حزب الله، وأن سبب تغير هذه المعادلة (اي تحول الخلاف إلى اختلاف)، يعود بالأساس إلى ظهور حاجة – ربما – أكثر من تكتيكية لباسيل، تفيد بأن أي اشتباك سياسي يقوم به لن ينفعه لاستعادة توازنه فوق الساحة المسيحية، إلا إذا كان هذا الاشتباك مع حزب الله وبمواجهة حارة حريك..

 

 واليوم ثمة ميل للقول – من دون التسرع في الجزم – بأن باسيل حسم رأيه لجهة أن ما لدى حزب الله، لم يعد يكفي ما يحتاجه.. وعليه قرر الذهاب إلى أكثر من مناورة خلافية مع حزب الله، بل إلى “بروفا” اختلاف مع الحزب (وليس خلاف) وذلك حتى يرى ما إذا كانت هناك أثمان جدية داخلية وخارجية، يمكنه الحصول عليها نتيجة تحويل الخلاف إلى اختلاف مع الحزب.  

 

الأمر الثالث يتمثل بأنه داخل هذه الأزمة توجد عدة ملاحظات أو نقاط لا بد من التوقف أمامها: 

الأولى تتعلق بأن العلاقة بين نصر الله وعون هي علاقة يوجد فيها ما يمكن تسميته ب”توازن رعب”.. فالشخصان فهم كل منهما الآخر على نحو صار من الصعب أن يرتكب عون هفوات بحق نصر الله والعكس صحيح.. يمكن القول أن هناك توازن رعب بينهما من نوع أن كل واحد منهما يحاذر إثارة الآخر واستفزاز غضبه.

..أضف لذلك فإن عون مقتنع تماماً بأن له مصلحة استراتيجية مع نصر الله؛ والأخير مقتنع تماماً بأن له مصلحة استراتيجية مع عون. مصلحة الجنرال تكمن في أنه يعتقد أن حزب الله الإقليمي سيجلس على طاولة الحل الإقليمي عندما يصل ملف لبنان الى لحظة اعادة تسوية وضعه. ومصلحة السيد تكمن في أنه مقتنع بأن الغطاء العوني المسيحي أهم من أي غطاء مسيحي آخر، حتى لو تعرضت الحالة العومية لاهتزاز؛ فالعونية فيها كل خلاصة العناوين المسيحية: بيئة الجيش؛ الطبقة الوسطى ومسيحيو المدن وجبل لبنان (وليس الارياف والأطراف)؛ وزيادة على ذلك فيها الجنرال عون نفسه. أما العلاقة بين السيد وباسيل فهي علاقة لصالح نصر الله، بمعنى أنها غير ندية من الناحية المعنوية.. وهذه اللاندية يستفيد منها باسيل الذي يصبح لديه هامش لممارسة ما يسميه ايلي الفرزلي ب “الدلع” أو “الغنج”.. كما يستفيد منها السيد نصر الله الذي يوجد في شخصيته رغبة بممارسة “قيادة ابوية” مع حلفائه، وهذه صفة تمنحه ممارسة ليس فقط “نفوذ سياسي” عليهم يتمتع به بحكم موازين القوى، بل أيضاً نفوذ معنوي ابوي (مونة ودالة، الخ..) بحكم طغيان حضور شخصيته على شخصياتهم. 

 

النقطة الثانية التي يصل إليها تحليل الخلاف تتمثل بسؤال أساسي: هل الاشتباك السياسي الحالي هو بين حزب الله وباسيل فقط؛ أم أنه بين نصر الله وعون؟؟..

..إذا كان الجواب هو بين الحزب وباسيل فهذا يعني أنه مجرد حفلة دلع !! اما إذا كان بين نصر الله وعون فإن الأمر يعبر عن وجود “أزمة كبيرة”، كما قال الرئيس عون أمس من عند بكركي!!.

Exit mobile version