الهديل

خاص الهديل : جدول أعمال افتراضي للقاء المتوقع بين عون ونصر الله ..

 

خاص الهديل:

الحلقة الأولى: “الخير فيما وقع”.. أو “صفقة الانتظار “..

بات هناك حاجة ملحة، من وجهة نظر المريدين لاتفاق مار مخايل، كي يلتقي الرئيس ميشال عون مع السيد حسن نصر الله. وبرأي هؤلاء فإن هناك حاجة أكبر أن يكون اللقاء ثنائياً، بحيث لا يكون هناك شخص ثالث معهما: لا جبران باسيل ولا الحاج حسين خليل.

لماذا؟؟

كون العلاقة بين نصر الله وعون هي علاقة أكبر من حزبية؛ فالرجلان تصافحا وتعارفا وتعاهدا وسارا معاً منذ نحو عقدين، ووصلا حالياً إلى لحظة تفرض عليهما جلسة تقويم ومراجعة حادة وجريئة وأيضاً جلسة ذكريات..

يفترض بأحدهما عند لقائهما أو فيما لو حصل اللقاء المتوقع، أن يبادر الآخر بالسؤال الصادم وهو: “هل نجح تحالفنا؛ أم أنه أساء للبنان وللتيار ولحزب الله؟؟”

ليس واضحاً من هو الطرف بينهما الذي لديه مصلحة أكثر من الطرف الآخر، في المبادرة لطرح هذا السؤال؟ فميشال عون قد يتردد في طرح مثل هذا السؤال، أو حتى في توجيه نقد عميق لتحالف أتى به رئيساً للجمهورية، ولا يزال يراهن عليه ليأتي بصهره جبران باسيل رئيساً للجمهورية(!!).. وعليه؛ فإن عون ليس لديه مصلحة في تهشيم تحالف مار مخايل الذي أعطاه رئاسة الجمهورية وممكن أن يعطي باسيل لقب فخامة الرئيس، وذلك رغم أن عون يدرك ضمنياً مدى الخسائر التي مُني بها التيار والبلد من هذا التحالف. قد يتبنى عون عند اجتماعه بنصر الله – حسب قريبين منه – مقولة تقول “أن التحالف خسر معركة فشل ولايته الرئاسية، ولكنه لم يخسر الحرب التي لا يزال يمكن ربحها من خلال الإتيان بباسيل رئيساً للجمهورية”!!

هذه الطريقة بالتفكير لدى عون، رغم استهجان الكثيرين لها، إلا أنها مفهومة للذين يعرفون الجنرال الذي يعاند ويكابر ويرفض الإعتراف بالحقائق الدامغة، حينما لا تكون في مصلحته. وحالياً يعيش الجنرال أقوى حالات إنكار الواقع بخصوص النظر لوضع صهره السياسي. ونصر الله الذي يعرف عون كثيراً، يدرك أنه يلتقي مع شخص لا يريد الإعتراف بأن صهره تعرض لزلزال سياسي، وهو بنسبة عالية، جاء الى حارة حريك من أجل باسيل المستقبل!! قد يكون بالتأكيد وصل “للسيد” ما قاله حليفه “الجنرال” في جلسة عائلية مؤخراً عندما عرضوا عليه الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية: جوزاف عون وسليمان فرنحية وزياد بارود وجورج خوري ونعمت افرام، الخ… علق عون قائلاً: كل هذه الأسماء تظهر أنه لا يوجد في لبنان من يستأهل رئاسة الجمهورية سوى جبران باسيل..

…من جهته السيد نصر الله، ليس واضحاً ما إذا كان له مصلحة بأن يبدأ لقائه المفترض مع الجنرال عون بالسؤال الصادم بخصوص ما إذا كان يحب الإعتراف بأن تحالف مار مخايل فشل؛ وأنه يجب الإعتراف بذلك أقله ضمنياً وبينهما، وبالتالي فإن المطلوب أقله أخذ فترة مراجعة عميقة لتحديد أسباب الفشل، وعما إذا كان التحالف بحد ذاته لا يزال مفيداً للطرفين؟؟!

من الأشياء التي يجب التذكير بها بمناسبة التساؤل عن كيف سيفكر نصر الله خلال لقائه المفترض بعون، وكيف سيقارب إشكالية الإعتراف بفشل مار مخايل من عدمه، هو موضوع البيئة المشيخية الشيعية التي ينتمي إليها السيد نصر الله.. فهذه البيئة تعتقد بقوة بالمقولة الدينية التي تقول: “الخير فيما وقع”، مثلاً عندما نجحت داعش بالسيطرة على أجزاء واسعة من العراق وانهارت قطعات واسعة من الجيش العراقي ومن الميليشيات الشيعية، اتجه الحرس الثوري لتقدير الوضع من خلال تبني مقولة الخير فيما وقع في العراق، وذلك بدل محاسبة الذات والركون للنتائج القاسية.. ويستطيع نصر الله اليوم الإتكاء على هذه النظرية (الخير فيما وقع في لبنان وخلال عهد عون) ليرى انطلاقاً منها بأن الإنهيار الحالي في البلد قد يكون بداخله فرصة كبيرة للتحالف العوني الماروني مع حزب الله الشيعي، بحيث يؤسس لإعادة بنائه وفق خطط شن هجوم سياسي معاكس، يحاكي في أهدافه طموحات الطرفين المستقبلية بخصوص ما يريدانه من لبنان وفي لبنان.

واذا صحت هاتان المقاربتان حول كيف يفكر نصر الله وكيف يفكر عون بخصوص نظرتهما لتجربة تحالف مار مخايل؛ فإنه يمكن القول أنهما قد يلتقيان بالمبدأ وليس بالتفاصيل، عند نظرية “الخير فيما وقع” التي يؤمن بها بشدة نصر الله كنافذة للخروج من سجن فشل تجربة مار مخايل خلال عهد عون؛ وعند نظرية “لنحاول مرة ثانية مع باسيل” التي يؤمن بها بشدة ميشال عون كنافذة للخروج من تجربة الفشل التي أصابت مار مخايل.

وبالخلاصة يتبين أن الرجلين اللذين تصافحا وتعاهدا قبل نحو عشرين عاماً، لا يوجد بينهما قاسم مشترك في هذه المرحلة سوى جبران باسيل.. فعون يريد توريث نصر الله صهره، ونصر الله لا يعرف غير باسيل وريثاً لعون. وهناك صعوبة أن يذهب نصر الله إلى تفكير يعترف فيه أن العونية السياسية التي تحالف معها في مار مخايل ستنتهي مع خروج عون من المشهد السياسي؛ إذ أن اعترافه بهذا الأمر سيعني اعترافه بانهيار كل الفلسفة التي وضعها قبل نحو ٢٠ عاماً تجاه الفائدة الاستراتيجية المستديمة لمشروع حزب الله اللبناني من ابرام تفاهم مار مخايل، وسيصبح نصر الله لبنانياً أمام معادلة مغلقة قوامها أنه جرب بناء تحالف مع أقوى شخصية مسيحية مارونية ولبنانية وسيادية ومن نسيج الجيش اللبناني، ولكن تحالفه هذا فشل استراتيجياً، وعليه لن يكون أمامه فرصة ثانية للنجاح في بناء تحالف استراتيجي داخلي غير تحالفه داخل الشيعة مع حركة أمل.. وكل الاعتقاد هنا هو أن نصر الله – ربما – سيحاول الهروب من هذه الخلاصة عن حصار مشروعه داخلياً، وذلك عبر التمترس وراء المقولة الثمينة “الخير فيما وقع”، ما يعني بالمحصلة ذهابه لمسايرة مقولة عون التي تقول “لنحاول مرة اخرى ولو مع باسيل” الذي ليس هناك وريثا لعون غيره ..

مثل هذه الطريقة بالتفكير هي المرجحة أن تسود اللقاء المفترض انه سيحصل قريباً بين عون ونصر الله؛ والسبب في ذلك يعود الى أن طريقة تفكير المشيخية الشيعية التي يعتمدها السيد من ناحية وطريقة تفكير العسكرتاريا اللبنانية (الجيش) التي يعتمدها الجنرال من ناحية ثانية، تتقاطعان عند فكرة واستراتيجية “الانتظار” التي تعني الرهان على ربح حرب الوقت وتمرير الزمن الصعب، رغم خسارة معركة عهد تحالف مار مخايل.. وهنا توجد نقطة لقاء الخلفيتان الاجتماعية العقائدية لكل من السيد والجنرال التي ستسمح لهما عند لقائهما المفترض قريباً، أن يعقدا فيما بينهما ما يمكن تسميته “بصفقة الانتظار” التي ترمي الى:

أولاً- احتواء الواقع الراهن السيء، 

وثانياً- الصمود عند مار مخايل بانتظار القادم من الوقت عله يوفر تغيير الواقع الحالي، وذلك على نحو جذري في المستقبل.. 

وثالثاً- الإقرار بأن باسيل هو حصان مار مخايل في مرحلة “صفقة الانتظار” بين السيد والجنرال ..

يتبع 

((في حلقة الغد: ما هي فكرة الانتظار عند نصر الله والمشيخية الشيعية من ناحية، وعند عون والعسكرتاريا اللبنانية من ناحية ثانية وما هي النقاط الافتراضية الأخرى على جدول أعمال اللقاء المفترض بينهما))

Exit mobile version