كتب عوني الكعكي:
الحادث المؤلم الذي حدث أمس في قرية العاقبية، قضاء صيدا، أثار لغطاً كبيراً، ما دعا الكثيرين الى التساؤل: من المسؤول عن هذا الحادث؟ ومن يقف وراءه؟
لقد ظلّت الأوضاع هادئة في الفترة الأخيرة، فكل من الطرفين (اليونيفيل وحزب الله) يختبر الآخر على أرض الواقع. فاليونيفيل لم تغيّر في نظام دورياتها ومهامها لكن الأمر تغيّر فجأة حين حدث إشكال مسلح مع عناصر مسلحة أخرى في العاقبية، نجم عنه مقتل جندي وجرح آخرَين. واختلفت الروايات حول الموضوع ما دعا الى التأمل الموضوعي لكشف سر هذا الحادث المفاجئ والخطير.
لا شك في ان هذا الحادث ليس من مصلحة لبنان ولا اللبنانيين ولا حتى في مصلحة «الحزب»…
صحيح ان المنطقة التي حصل فيها الحادث ليست من مسؤولية القوات الدولية، والمسؤول الأول والمباشر عنها هو الدولة والجيش اللبناني، وهذا يأخذنا الى السؤال: هل الدولة مسؤولة فعلياً عن الحادث؟
الدولة موجودة… وغير موجودة، وما يزيد من تدهور الأمور هو الأوضاع الاقتصادية من ناحية والأوضاع السياسية من ناحية أخرى والأوضاع المعيشية من ناحية ثالثة، كلها تداخلت مع بعضها البعض فأصبح من الصعب لا بل من المستحيل ضبط الأمور…
لا نقول هذا الكلام لنبرئ الدولة من مسؤولية ما حدث… ولكن علينا أيضاً أن نقدّر انه في ظل هكذا أوضاع فإنّ الفلتان الأمني هو البطل في هذه الظروف.
كذلك أيضاً… هناك مسؤولية على «الحزب»… وهنا لا يمكن إلاّ أن نحمّل الحزب مسؤولية ولو معنوية كي لا نقول مباشرة، بالرغم من ان مسؤولاً كبيراً في حزب الله أجرى العديد من الاتصالات مستنكراً الحادث ونافياً أن تكون هناك أي مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة له بالحادث.
من ناحية أخرى، نسأل: ماذا عن العناصر غير المنضبطة التي تكون حاضرة و»ناطرة» عند كل مناسبة أو حتى من دون مناسبة لتصطاد في المياه العكرة؟
خلاصة الموضوع يجب أن نحاول استرضاء القوات الدولية ونقف «عند خاطر عناصرها» خصوصاً اننا بحاجة إليهم.
سؤال هنا لا بد من طرحه: ماذا عن المتطرفين الدينيين وكل الأطراف الأخرى؟ لأنّ هناك أكثر من طرف في هذا الموضوع.
هنا لا بد من القول إنّ الأكثر احتمالاً للقيام بهكذا أعمال هو ان من قام بهذا العمل هم المتطرفون الدينيون… ولكن في الحقيقة لغاية هذا الوقت… لم يتم الكشف عن أي معلومات ترجّح هذا الرأي أو ذاك.
وحرصاً على سمعة الأمن اللبناني، وعلى مصلحة الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، لا بد من العمل على كشف الذين قاموا بهذه العملية. وفي حال لم يتم التوصل الى نتيجة فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.
بقي احتمال وحيد، ولكنه ضعيف جداً، وهو أن يكون هذا الحادث حادثاً فردياً لا تقف وراءه أي جهة، ويمكن أن يكون قد حدث صدفة.
صحيح أنّ الحادث لم يكن جديداً، فقد حدثت أحداث أخرى مماثلة له ضد اليونيفيل، لكن الخطر يكمن في ان هذا الحادث أسفر عن إطلاق نار وانقلاب آلية ومقتل جندي من الكتيبة الايرلندية وجرح ثلاثة آخرين.
أعود لأقول: ليت الحادث يكون فردياً… وسنبقى ننتظر نتائج التحقيق بفارغ الصبر عسى أن يتوصّل المعنيون الى معرفة الأسباب الحقيقية… ولكن من يعلم؟
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*