موقع “الهديل” يفتح نقاشاً عن أموال المودعين ضمن ثلاثة عناوين:
١- أزمة وطنية أم أزمة مالية فقط ..
2- خطورة جعل المصارف ضحية المودعين الضحايا.
3- أين حدود مسؤولية الدولة والمصارف
***
الحلقة الثانية
الخبير الاقتصادي د عدنان يوسف : مصلحة المودعين والمصارف هي مصلحة واحدة.
المصارف والمودعون في جبهة واحدة في مواجهة تعنت الدولة وتملصها من مسؤوليتها
هناك اتجاه عام الى وضع المودعين بوجه المصارف.
اليوم السعي من خلال خطة التعافي التي تدرسها الحكومة او التي تعمل عليها الحكومة بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي كان الهدف الاساسي منها هو تحديد الخسائر اي الفجوة المالية الموجودة دائما في مصرف لبنان والخسائر التي لحقت بالقطاع المصرفي نتيجة هذه الأزمة. والرقم الذي وصلنا له هو بحدود ال 75 مليار.
المقاربة التي تقوم على تحميل المصارف والمودعين جزءا كبيرا من هذه الخسائر هي مقاربة خاطئة.
اعتقد ان لبنان اليوم لا يستطيع العيش او النهوض وانجاز موضوع تعافي اقتصادي كامل من دون القطاع المصرفي الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني.
نص الحوار:
– سؤال : خطة التعافي الاقتصادية قائمة على انقاذ المصارف ام اموال المودعين؟
جواب :بالنسبة الى موضوع الاصلاح، لعل خطة التعافي والاصلاح الاقتصادية قائمة بالدرجة الاولى على مصلحة المودعين والمصارف المتبادلة. فمصلحة المصارف هي من مصلحة المودعين والعكس صحيح. وبالتالي، الطرفان لا بد وان يكونا في جبهة واحدة. السبب واضح وهو ان أذية اي مصرف في لبنان هي أذية مودعيه بالدرجة الاولى. لذلك، من الضروري الحفاظ على القطاع المصرفي اليوم من اي هزة جديدة وان ينجز مشروع اعادة الهيكلة بطريقة تضمن كامل ودائع المودعين كاملة من جهة واستمرارية عمل المصارف من جهة أخرى. حتى لو اضطررنا الى القيام بعمليات دمج للمصارف بمجموعة من المصارف التي تكون قابلة للحياة. وعلى الدولة ان تتحمل مسؤوليتها.
سؤال: من المسؤول عن أزمة المودعين اليوم الدولة ام المصارف؟
جواب: وبالطبع، حتى تنجح اي خطة لا بد من مقاربة موضوع الخسائر بطريقة علمية ومنهجية. الخسائر قد تكون بلغت اليوم ال 75 مليار دولار. الجهة المدينة التي تتحمل مسؤولية هذه الخسائر لأنها هي من اخذت واستدانت هذه الاموال وهي الدولة اللبنانية اولا عبر الحكومات المتعاقبة. والطرف الآخر هو مصرف لبنان. وهذا الاخير بدوره، هو من أعطى مبالغ كبيرة للدولة حتى استطاعت الاستمرار على مدى 25 سنة الماضية المحافظة على استقرار سعر صرف موحد استفاد منه جميع الشعب اللبناني. و”خطة التعافي لا بد وان تنطلق بداية من الحفاظ على كامل ودائع المودعين والحفاظ على القطاع المصرفي وهكذا نكون بصدد المحافظة على الاجيال القادمة”. ولتتحمل الدولة مسؤولياتها في هذا الاطار خصوصا ان الحكومات المتعاقبة لم تقم بخطط نهضوية تستطيع النهوض بالاقتصاد وتستطيع خلق فرص عمل كاملة وتدعم وتطور الانتاج المحلي من اجل تخفيض عملية الاستيراد وبالتالي تقليص عملية استخدام الدولار الذي يجلبه المودع الى لبنان لكي نستخدمه بعملية الاستهلاط وتسديد النفقات.
سؤال: كيف ستتمكن الدولة من اعادة الديون ان كانت لا تملك الاموال؟
جواب : وبالتالي ان الدولة في موضوع تراتبية الخسائر يجب ان تتحمل مسؤولية حل هذه الازمة خصوصا انها دولة غنية بالامكانيات والموجودات على الرغم من ازمة السيولة الحالية نتيجة الوضع الاقتصادي العام ولكن الدولة هي تملك الكثير من الموجودات والاحتمالات كبيرة ان تكون دولة غنية بالنفط والغاز وبالتالي يصبح لديها قدرات دفق نقدي بشكل جيد مما يعفيها من الاستدانة وتستطيع تسكير العجز بموازنتها وتغطي نفقاتها وتستخدم فوائض الايرادات المتوقعة لتسديد ودائع المودعين التي استدانتها الدولة اساسا. هذه الخطة وهذه العملية قد تستلزم مدة زمنية طويلة ولكن ان تضطلع الدولة بمسؤولياتها من شأنه ان يطمئن المودعين ويخول المصارف ان تستعيد دورها بشكلها الاساسي.
سؤال: ما هي تداعيات شطب الودائع؟
جواب: اي خطة تعافي يجب اقرارها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية لا بد من ان تعتبر جميع الودائع ان كانت كبيرة او صغيرة هي حق مقدس يصونه الدستور وعدم اللجوء الى استسهلال شطب الودائع في اي خطة مدعومة من قبل صندوق النقد لأن عملية شطب الودائع ستكون نتيجتها صعوبة استعادة الثقة بالقطاع المصرفي مستقبلا. لا بد من وضع خطة تحاكي المستقبل امور سهلة وعند القيام يعملية الدمج المصرفي من دون ان تؤدي الى اغلاق اي مصرف ولكن يتم دمج المصارف في مجموعات مصرفية كبيرة قادرة على استقطاب رساميل جديدة.
سؤال: ما هو دور كل من الاطراف الثلاثة الدولة، المودعين والمصارف في خطة التعافي؟
جواب : ما اريد الوصول اليه هو انه عندما تعلن الدولة انها ستتحمل مسؤولية كامل الودائع والبنك المركزي طبعا هو جزء من الدولة وان كان مؤسسة مستقلة التي استهلكت اموال المودعين عبر الحكومات اللبنانية المتعاقبة بدينوها بالليرة اللبنانية او بالدولار الاميركي وبديونها التي سحبتها من البنك المركزي التي بلغت ودائع المصارف فيها لا تقل عن 86 مليار دولار اميركي. وبالتالي لا تستطيع الاطراف المدينة للمصارف والمودعين ان تقرر شطب الديون. من يقرر شطب الديون هو الدائن وليس المدين. وبالتالي لا بد ان تبادر الدولة الى اطلاق خطة تعافي واعلان ان الودائع مقدسة وانها ستعاد بالكامل على فترة زمنية طويلة وسيتم انقاذ القطاع المصرفي عبر عملية دمج المصارف لانتاج مجموعات مصرفية كبيرة تستلم ادارة هذه الودائع التي تقدر قيمتها بال 20 مليار دولار ( 100 الف دولار ستدفع لكل مودع وفق القرار المتداول) ووضع جميع هذه الودائع في صندوق وجميع الودائع معها وبالتالي الالتزامات على المجموعات المصرفية ستكون جدا قليلة. الدولة هي الراعي لكل هذا الموضوع على ان تتحمل الاخيرة مسؤوليتها وان تعيد الثقة بالقطاع المصرفي امام المودعين واثبات ان هناك دولة راعية لمواطنيها ومؤسساتها وهذا ما اثببته التجارب في العديد من الدول. الدولة اليوم لا تملك الاموال انما تملك موجودات واصول واحتمالات ايرادات مستقبلية تستطيع الاعتماد عليها من اجل انقاذ هذا الوضع. وختاما، اشدد على ان مصلحة المودعين والمصارف هي مصلحة واحدة.
لمتابعة الحلقة الأولى من الملف الرجاء الضغط على الرابط التالي: