مع زيادة أعداد السيارات الكهربائية حول العالم، زاد الاهتمام كذلك بمسألة إعادة تدوير البطاريات من خلال المرافق التي بدأت في الانتشار مؤخراً. أحد هذه المرافق، هي منشأة في ولاية ماردين تستطيع إعادة تدوير البطاريات وإعادة إنتاجها.
بالتوازي مع مساعيها لحجز مقعد متقدم لها في مجال صناعة سيارات المستقبل الكهربائية من خلال سيارتها الوطنية “توغ”، التي يُنتظر أن تكون على الطرقات في الربع الأول من العام المقبل، لم تغفل تركيا عن تركيز جهودها أيضاً على مجال البطاريات، الذي يعد أحد أهم عناصر النقل المستقبلية.
وفي الوقت الذي تزداد فيه أعداد السيارات الكهربائية حول العالم، ازداد الاهتمام كذلك بمسألة إعادة تدوير البطاريات من خلال المرافق التي بدأت في الانتشار مؤخراً. إحدى هذه المرافق، هي منشأة في ولاية ماردين التي ليس لديها القدرة على لعب دور قيادي في إعادة تدوير البطاريات وحسب، ولكن أيضاً في إعادة إنتاجها.
ووفقاً لممثلي الصناعة الذين تحدثوا لموقع TRT Haber، يمكن لتركيا أن تصبح مركزاً عالمياً جديداً بفضل المنشأة في ماردين التي تعد واحدة من أهم بوابات تركيا إلى العالم في مجال إعادة تدوير البطاريات، والتي ظهرت إلى العلن بعد ضخ استثمارات تجاوزت حاجز المليار دولار.
منشأة مليارية
تُعد مرافق “إيتي باكر مازداغ” (Eti Bakır Mazıdağı) لإعادة تدوير المعادن وإنتاج الأسمدة المتكاملة، والتي جرى إنشاؤها في ماردين بقيمة استثمارية تبلغ نحو 1.1 مليار دولار مثالاً جيداً من حيث إظهار كيف أن الاستثمار المناسب في الوقت المناسب سيوصلك إلى موقع مهم عالمياً.
فمن خلال هذه المنشأة يجرى تحويل المواد الخام التي ظلت خاملة لسنوات إلى منتجات. هنا، يُحصل على المعادن ذات القيمة المضافة العالية من بعض المنتجات المتبقية، والتي لطالما اعتُبرت “قمامة” ، باستخدام تقنيات مطورة خصوصاً. بعض منها الكوبالت والنحاس والزنك، والتي تعتبر معادن “استراتيجية” في عالم صناعة الإلكترونيات والبطاريات.
ويرجع الفضل في كل ذلك إلى “مجموعة شركات جينكيز” (Cengiz Holding) التي جلبت هذه التقنية إلى تركيا وجعلتها في المركز الأول والوحيد في العالم الذي يمكنه استرداد الكوبالت من البيريت. وفي الوقت نفسه، فهي تلبي 2% من إنتاج الكوبالت في العالم وحدها.
نحن نتحدث عن منشأة تتميز بخصائصها مثل كونها أهم مصنع متكامل للأسمدة في تركيا. وإلى جانب كونها الاستثمار الخاص الأكبر حجماً في المنطقة، فهي تسهم أيضاً بالهجرة العكسية للعقول التركية، وتُنتج منتجات ذات قيمة كبيرة، معظمها يحل محل المنتجات المستوردة.
وفي هذا السياق تحديداً، تجدر الإشارة إلى أن المنشأة تسهم بـ620 مليون دولار سنوياً لسد العجز في الميزان التجاري الخارجي لتركيا.
مركز عالمي جديد
بالإضافة إلى كل الميزات التي ذكرناها سابقاً، يُعتبر أن المنشأة ستصبح أحد أهم المراكز في العالم، وبالأخص في مجال “إعادة تدوير البطاريات في المستقبل”، وفقاً لإمري كايش أوغلو، مدير عام المنشأة. والذي بدوره أشار إلى أنه بفضل دراسات البحث والتطوير الخاصة بهم، توصلوا إلى صيغ مختلفة لصنع نفايات ذات قيمة مضافة عالية، إذ يحتل منجم الفوسفات مكانة مهمة في هذه الصيغة، بالإضافة إلى المنشأة التي كانت تنتظر طوال 30 عاماً في منطقة في ماردين.
وعندما أدمجوا الصيغة التي طوروها مع الفوسفات في ماردين، ظهرت واحدة من المنشآت القليلة في هذا المجال ليس فقط في تركيا، ولكن على مستوى العالم أيضاً. فوفقاً للمدير العام، فإنه حتى قبل إنشاء هذا المرفق، كانت تركيا تشتري الأسمدة الفوسفاتية في الغالب من الخارج، لكن بعد تشغيل هذا المكان، انتهى الاستيراد تقريباً.
ولافت كايش أوغلو إلى مثلث صناعي مهم في هذا المجال، حيث يُحصل على خام البيريت عند استخراج النحاس من ولاية قسطمونو، وينقل إلى المنشأة في ماردين بالسكك الحديدية، حيث يُجرى فصله ومعالجته بطرق خاصة جداً لأخذ الكوبالت الموجود فيه.
أما عن ضلع المثلث الثالث فيقع في إنجلترا، وتحديداً في شركة Iconichem التي تمتلك المرافق الرائدة في العالم في هذا المجال، والتي استحوذت عليها الشركة التركية، ما مكنها من “نقل التكنولوجيا” إلى المصنع في تركيا.
ولا تقتصر ساق المملكة المتحدة على هذا، إذ تُحوَّل المواد المنفصلة أو المعالجة في ماردين إلى منتجات “ذات قيمة مضافة عالية” في المصنع في إنجلترا. وفيما تشكل هذه المنتجات المواد الخام لعديد من القطاعات مثل المحفز والزجاج والسيراميك وكذلك تقنيات البطاريات، يُنتظر بعد فترة وجيزة أن تُجرى كل هذه العمليات في تركيا، وسيجرى تجربة إنتاجات مختلفة في المنشأة في إنجلترا.
إعادة تدوير البطاريات
تتمثل إحدى أهم قدرات هذه المنشأة في استعادة الكوبالت والنيكل والليثيوم وعناصر أخرى من البطاريات المستعملة. في الوقت الحالي، جرى توفير إمكانية إعادة تدوير البطاريات في بعض الأجهزة الإلكترونية ومنتجات مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة، لكن الهدف الأساسي هو بطاريات السيارات الكهربائية.
بينما تعتبر البطاريات أهم مكونات السيارات الكهربائية، يعد الكوبالت ذو قيمة كبيرة لهذه البطاريات. وأهم قاعدة إنتاج لهذا العنصر هي مناجم إفريقيا. ومع ذلك، لا توافق الحكومات والشركات الدولية الكبيرة جداً على الظروف الإنسانية للعاملين في المناجم في إفريقيا. لذلك، يريدون اللجوء إلى مناطق أخرى. في هذه المرحلة تحديداً تبرز تركيا وجهةً رئيسيةً.
وفي هذا السياق، قال إيمري كايش أوغلو: “معاييرنا أفضل من تلك المقبولة في العالم. لهذا السبب، يمكن لإفريقيا والصين وتركيا أيضاً لعب دور رائد في هذا المجال. منشآتنا، لا تبرز فقط في إعادة تدوير البطاريات المنتهية الصلاحية، يمكنها أيضاً صنع المعادن الثمينة التي نحصل عليها من البطارية التي تتحلل لاستخدامها في إنتاج بطاريات جديدة. ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنه بعد فترة، سنكون قادرين على إنتاج المواد الخام لإنتاج البطاريات في هذا المصنع. نحن نبني نظاماً بيئياً قوياً للغاية”.
وختم كلامه قائلاً: “نحن منشأة تخلق نفايات سلبية. لا نعيد تدوير نفاياتنا ونعيد إدخالها في النظام فحسب، بل أيضاً نجمع النفايات من المصانع الأخرى. كما نولّد الكهرباء الخاصة بنا منها”. مشيراً إلى أنه بفضل هذه التقنيات باتت تركيا تمتلك منشأة متطورة تسهم في رسم مستقبل صناعة التعدين على المدى الطويل.
TRT