خاص الهديل:
لا يوجد لدى الكثير من المرشحين لرئاسة الجمهورية أفكار حول ماذا يمكن أن يقدموا للبلد لإخراجه من أزمته. وكل ما يوجد لديهم هو الانتظار ليعرفوا من سيساعدهم على الوصول لقصر بعبدا، وضمن أية شروط ستوضع عليهم!!.
والواقع أن التدقيق بمعطيات هذا الوضع القائم حالياً، يقود إلى عرض الصورة التالية: الدول المعنية باستحقاق الرئاسة، تفضل بمعظمها، العماد جوزاف عون، لأن لديها فكرة عن تجربته الناجحة في قيادة الجيش، ولأنها اختبرت شفافيته، وتنظر إليه على أنه نموذج عن البقية القليلة من الشخصيات اللبنانية المعتبرة نظيفة الكف.
..وبكل الأحوال، يلاحظ أن هذه الدول تقوم بقياس معطيات الإنتخابات الرئاسية الحالية، انطلاقاً مما حدث في الإنتخابات الرئاسية الماضية. ومحصلة هذه المقارنة تظهر أنه في انتخابات ٢٠١٦، كان التنافس الجدي يدور حصراً بين سليمان فرنجية وميشال عون.. بمعنى آخر فإن التنافس الجدي على رئاسة الجمهورية كان يتم بين مرشحي البيت الواحد، المعروف ببيت حزب الله، حيث أنه لم يظهر أن هناك مرشحاً جدياً آخر من بيت ١٤ آذار، ينافس مرشحي حزب الله المتنافسين، إذ أنه حتى ترشيح سمير جعجع حينها، كان ترشيحاً مرحلياً، ويشبه ترشيح ميشال معوض اليوم؛ بمعنى أنه كان ترشيحاً هدفه من قبل ١٤ آذار – أو بقايا ١٤ آذار – استدراج ٨ آذار أو ما يمكن تسميته “ببيت حزب الله الرئاسي”، للتفاوض على رئيس وسطي غير فرنجية وغير ميشال عون، ولكن ما حصل في النهاية. هو أن الجميع، بما فيهم سعد الحريري وسمير جعجع، وبقايا ١٤ آذار، دخلوا إلى داخل “بيت حزب الله الرئاسي” ليتنافسوا من داخله على اختيار أحد مرشحي حزب الله الرئاسي: عون او فرنجية!.
..وبكلام آخر، فإن مشهد الاستحقاق الرئاسي للعام ٢٠١٦ كان مسرحه الموالي والمعارض حصرياً، موجود داخل بيت حزب الله الرئاسي، حيث لا مرشحين جديين للرئاسة من خارج “بيت حزب الله”، وليس مطروحاً أية شخصية للتنافس الجدي على رئاسة الجمهورية من خارج مرشحي “بيت حزب الله الرئاسي”.
وفي الإنتخابات الرئاسية الحالية، هناك محاولة، أو هناك دينامية تفرض نفسها، تشي بأن مشهد انتخابات ٢٠١٦ يتكرر في انتخابات ٢٠٢٢ التي تجري بكاملها أيضاً في داخل “بيت حزب الله الرئاسي”، وبين مرشحين هم حصراً من داخل “بيت حزب الله الرئاسي”، وأنه ليس هناك مرشحين جديين (فرنجية أو من يرشحه باسيل) إلا من داخل “بيت حزب الله الرئاسي”.
وكل ما يحصل اليوم هو أن هناك تنافساً بين فرنجية كمرشح وبين باسيل كمعارض لترشيحه، فيما ميشال معوض هو مرشح انتظار معرفة كيف ستنتهي لعبة شد الحبال داخل بيت حزب الله الرئاسي بين فرنجية وبين باسيل..
..أما على مقلب قائد الجيش العماد جوزاف عون، فهو لا يعلن حتى الآن أنه مرشح، بمقابل أن باسيل يستبق إعلانه ذلك، ويضع عليه فيتو حتى قبل أن يقول جوزاف عون أنه مرشح للرئاسة؛ أما فرنجية فهو يحاول الإيحاء بأن منافسه هو قائد الجيش، وليس جبران باسيل؛ وهو بذلك يحاول الإيحاء بأن ترشيحه من قبل “بيت حزب الله الرئاسي” تم حسمه، وتجاوز عملياً فيتو باسيل، رغم أن هذا الإيحاء ليس دقيقاً، بدليل أن حزب الله يعتبر أن حواره المتوتر مع باسيل وعون لا يزال مستمراً لمعالجة اعتراض باسيل على ترشيح فرنجية؛ وبدليل أيضاً أن حزب الله لم يشطب من حساباته احتمال تأييده لترشيح جوزاف عون، ولكن ذلك لم يحدث إلا ضمن حدوث احتمالين اثنين:
الاحتمال الأول يعتبر من خلاله الحزب أن جوزاف عون هو خيار تالي بعد فرنجية بالنسبة إليه، أي أنه سوف يذهب إليه في حال احترقت ورقة فرنجية وأوراق مرشحين آخرين تخبئهم حارة حريك حتى الآن..
الاحتمال الثاني الذي سيذهب ضمنه حزب الله لخيار جوزاف عون، يأتي في سياق توقع أن يذهب باسيل إلى خيار دعم ترشيح مرشح تحدي حزب الله ميشال معوض، وذلك كرد من قبل باسيل على تمسك نصر الله بترشيح فرنجية.. وفي هذه الحالة سيرد نصر الله على باسيل بدعم ترشيح جوزاف عون لقطع الطريق على وصول مرشح تحدي الحزب معوض إلى الرئاسة.
..حتى الآن هذه هي المعادلات التي تتحكم بمعركة الإنتخابات الرئاسية التي لم تنضج بعد طبختها، لا بالنسبة لمرشح الثنائي الشيعي وهو سليمان فرنجية، ولا بالنسبة لمرشح معراب وبعض السياديبن وهو ميشال معوض، ولا بالنسبة لهوية مرشح التسوية بين باسيل وحزب الله، وأيضاً بين ميشال معوض والورقة البيضاء.
ومن الجانب الآخر يمكن قراءة نفس هذه الصورة للاستحقاق الرئاسي، بالشكل التالي: ما ينقص سليمان فرنجية هو دعم باسيل له، وهو أمر مستحيل حتى الآن. وما ينقص جوزاف عون هو إعلانه ترشيح نفسه وهو أمر لا يريده قائد الجيش حتى الآن، لأنه حتى اللحظة يعتبر نفسه أنه في مهمة مقدسة وطنياً، وليس لديه وقت لغيرها، وهي الحفاظ على مؤسسة الجيش..
.. وما ينقص ميشال معوض هو جدية دعمه من قبل الذين يقترعون له الآن، وخاصة كتلة وليد جنبلاط وحتى أيضاً القوات اللبنانية.. وما ينقص شخصيات مثل ازعور والبستاني وزياد بارود وغيرهم، هو أنهم ينتظرون لحظة بدء دور مرشحي فلتة الشوط، وهي لحظة لم تأت بعد.