الهديل

خاص الهديل : لقاء جنبلاط باسيل: “الساعة السياسية تنتظم وتعود إلى الوراء”..

خاص الهديل:

 

من خارج التوقعات تم فجأة إعلان خبر اعتزام جبران باسيل زيارة وليد جنبلاط وأيضاً اعتزام وليد جنبلاط إستقبال باسيل.  

البعض اعتبر الخبر مفاجأة على أساس أن وليد جنبلاط شيء، وباسيل شيء آخر، وأن كلاهما بعد تطورات السنوات الأخيرة، أصبحا خطين متوازيين لا يلتقيان أبداً.

..ببساطة هذا الإعتقاد خاطئ، وهو المفاجئ، وليس لقاء باسيل بجنبلاط أو حتى عدم لقاء باسيل بجنبلاط هو المفاجئ.. ما يجب إدراكه خلال متابعة هذا النوع من الأخبار اللبنانية هو التالي:

أولاً- ليس هناك خلاف بين زعماء طوائف لبنان، بل هناك تباينات لها علاقة بأن مصالحهم في لحظة ما تتناقض وليس مبادئهم. 

ثانياً- كل واحد من زعماء الطوائف يحتاج للآخر من أجل تأكيد نفوذه داخل طائفته، ومن أجل شرعنة وجودهم جميعهم داخل معادلة حكم البلد، بإسم أنهم يمثلون الطوائف غير المتفقة والذين يحتاجون لدور زعمائها كي تنتظم العلاقة بينهم وكي تستقر منظومة الدولة الطائفية؛ وهذا يعني أن زعماء الطوائف ليس من مصلحتهم تجاوز حالة انقسام الطوائف إلى المواطنة. وعلى هذا، فإن الخلافات البينية بين زعماء الطوائف تفيدهم من أجل شد العصب الطائفي لصالح تأكيد زعاماتهم.. 

وما يجب اعتباره مسلمة في هذا المجال، هو أن كل خلاف بين زعماء الطوائف مصيره التوافق والاتفاق على حله، لأن هذا الخلاف يمثل نزاع مصالح مؤقتة وتكتكية، وليس نزاعاً سياسياً. 

ثالثاً- أن زعماء الطوائف بكل فئاتهم لديهم عدو واحد هو القوة الجديدة، وهو التغيير ووعي الرأي العام تجاه فكرة المواطنة التي هي نقيض الطائفية والريعية، وعدا ذلك فليس لهم أعداء ولا خصوم ..

 ..وبالعودة إلى أخبار زيارة باسيل لجنبلاط انطلاقاً من موقعها في سياق أخبار قتل الوقت السياسي، فهي بلا شك تأتي في إطار حاجة باسيل كي يقول أنه ليس في عزلة سياسية داخلية وحاجة جنبلاط كي يقول للعالم وللداخل أنه يمارس “سياسة الأبواب المفتوحة” كرمى لعيون الاسهام في تسهيل عملية انتخاب فخامة الرئيس التي يريدها الخارج والداخل. 

..ولكن بمقابل موجبات المصلحة المشتركة التكتيكية الجنبلاطية والباسيلية للقاء في هذه اللحظة؛ فإنه من ناحية ثانية هناك تجربة بين الرجلين كانت مريرة، وذلك عندما عمد باسيل خلال عهد عمه إلى تجاوز الخطوط الحمر في العلاقة بين زعماء الطوائف، وذلك من خلال محاولته تحدي نفوذ المختارة في منطقتها وعقر داره ما تسبب حينها بحادثة قبرشمون الشهيرة، والتي يمكن وصفها بأنها قطعة من احداث ١٨٦٠ جرت في العام ٢٠١٩. 

والواقع أن العلاقة بين باسيل والمختارة هي علاقة تتمحور ضمن عاملين أساسيين: 

العامل الأول يتعلق بالصراع على المرجعية السياسية لمنطقة الشوف – عاليه؛ فباسيل يعتقد أنه يجب على المختارة أن تقر بأن المرجعية في هذه المنطقة يجب أن تكون بالتساوي بين المختارة الدرزية والزعامة المسيحية العونية.. وهو الأمر الذي لا تعترف به المختارة التي تعتبر أن خاصية هذه المنطقة هي درزية، فيما هويتها الوطنية هي درزية مسيحية تاريخية مشتركة. 

العامل الثاني يتعلق برغبة التيار الوطني الحر ببدء شق طريق سياسي مع المختارة يؤدي بالنهاية الى إنهاء حالة التحالف الانتخابي الجنبلاطي مع القوات اللبنانية في الجبل، ذلك انه يوجد داخل التيار البرتقالي قناعة بأن جنبلاط لا يستسيغ القوات اللبنانية لا ايديولوجيا ولا سياسياً، ولكنه يتحالف مع القوات كون العونيين لم يبادروا للحوار معه، وبدل ذلك فإن العونيين تصرفوا نحوه بشكل جعلوه يشعر بأنه عالق بين خيارين اثنين: من جهة هناك العونيون الذي يشكلون خطراً على مكانته كمرجعية في الجبل، ومن جهة ثانية، هناك القوات الذين – بنظره – يعقدون مع الاشتراكي هدنة في الجبل في هذه المرحلة، وليس مصالحة.. 

ويبدو أن جنبلاط قرر التحالف مع الهدنة القواتية على التفاعل مع الخطر الحالي البرتقالي على مكانته كزعيم ومرجعية احادية القطبية في الجبل. والواضح ان باسيل في هذا الظرف يريد إعادة ساعة العلاقة مع جنبلاط إلى ما قبل قبرشمون ٢٠١٩.. ويريد العزف على وتر تريده كل أحزاب الطبقة السياسية، وهو الايحاء بأنه يعمل من أجل العودة بعقارب الساعة السياسية في لبنان كي تسير إلى الوراء، ما يسمح بإعادة إنتاج التسويات التوافقية التي تؤمن مصالح أحزاب وزعماء الطوائف، وتقاسمهم للحكم، ولا تؤمن بالتأكيد مصالح مواطني الطوائف.

Exit mobile version