الهديل

“الطقوس اندثرت”.. هكذا بدا منزل شيرين أبو عاقلة في أول “ميلاد” بعد رحيلها

 

استُبدلت شجرة الميلاد التي كانت تزين منزل الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة ومنزل شقيقها، بأخرى صغيرة إلى جوار قبرها. كذلك، فقد زُيّنت شجرة الميلاد في مكتب الجزيرة بمدينة رام الله هذا العام بصور شيرين المختلفة، لكن الطقوس التي كانت حاضرة منذ عقود غابت هذا العام، وربما في قادم الأعوام، لأن “لا شيء سيعوض فقدانها”، وفقا لتعبير شقيقها أنطون أبو عاقلة.

 

 

 

 

Last year, on this day we were in New York for Christmas with Shireen! Cannot believe she won’t be here to celebrate with us in two weeks, it was her favorite time of the year. We made sure to put up a Christmas tree next to her. ❤️‍🩹 #JusticeforShireen pic.twitter.com/oKNXY8W2gG

 

 

 

— Lina Abu Akleh (@LinaAbuAkleh) December 12,

وعن تلك الطقوس، تحدث شقيقها الوحيد للجزيرة نت قائلاً إن “اجتماع العائلة خلال فترة الميلاد المجيد تراث سنوي لن نحييه هذا العام بسبب اغتيال شيرين”.

أما التحضيرات التي تشمل شراء الهدايا وتزيين الشجرة فغابت بشكل كامل، وأشار أنطون إلى أنها المرة الأولى التي لا تزين بها العائلة شجرة الميلاد، ويقرر بها السفر مع أسرته خارج فلسطين، لأنهم لن يستطيعوا البقاء في الوطن وأيقونة العائلة التي كانت توزع الفرح دُفنت، ودُفنت معها ابتسامات العائلة.

أنطون وابنته لينا تحدثا بإسهاب عن حرص شيرين على شراء هدايا الميلاد لكل فرد من أفراد العائلة، ولكلبها “فلفل”، وأكثر ما يؤلمه هو حرص شيرين كل عام على أن يجتمعوا خلال فترة الأعياد، لأن ذلك قلّما يحدث في ظل طبيعة عمله التي تتطلب التواجد خارج البلاد، ودراسة أبنائه الثلاثة في الخارج أيضا.

الأمنية الوحيدة لم تتحقق

 

وعن ذلك قال: “أمنيتها في الميلاد المجيد كانت تقتصر كل عام على تمنّي دوام نعمة العائلة، لأن اجتماعنا كان جلّ اهتمامها وعلى رأس أولوياتها.. فكيف سنعتاد الاحتفال دونها؟”

الكنيسة والأصدقاء وشاشة الجزيرة ستفتقد شيرين خلال فترة الأعياد كذلك، كما أكد شقيقها الذي ختم حديثه للجزيرة نت بالإفصاح عن أمنيته التي استجدت في الميلاد المجيد هذا العام، وهي “أن تتحقق العدالة لشيرين”.

 

ومن حيث ختم والدها، استهلت لينا حديثها بالقول إن أمنيتها الوحيدة هي “إغلاق ملف شيرين القضائي بعد تحقيق العدالة لها بتقديم من قتلها للمحاكمة”.

وتطرقت لينا لثقل هذه الأيام بالتحديد على العائلة، لأن شيرين كانت تنتظرهم بلهفة كل عام للاجتماع في العيد، وتقول: “دائما كانت متحمسة لشراء أجمل الهدايا لنا.. تضعها كل عام حول شجرة الميلاد، ولفلفل نصيب من الألعاب الجديدة.. الهدايا منها مميزة لأنها كانت تفعل كل شيء بحب، وتهتم بالتفاصيل الصغيرة”.

 

 

 

وتستذكر لينا أن شيرين كانت دائما تحث أبناء شقيقها الثلاثة على طلب كل ما يحتاجونه، وأن يعتبروا ذلك هدية منها، “كانت تفرح لفرحنا ولا تريد سوى أن ترانا سعداء”.

 

 

 

اندثرت الطقوس برحيلها

 

 

 

 

 

لن تمرّ فترة الميلاد بشكل أفضل على مراسلة الجزيرة وصديقة شيرين المقربة نجوان سمري، لأن الراحلة كانت تحرص خلال شهر كانون الأول من كل عام على إحضار طبق “البربارة” وكعك العيد بشكل شخصي لمنزل نجوان التي كانت ترافق شيرين كل عام لاختيار الفستان الذي سترتديه لهذه المناسبة.

 

 

 

تقول نجوان لـ”الجزيرة نت”: “نسافر إلى إسطنبول قبل حلول الميلاد كل عام، وهناك نركز على شراء ملابس شيرين الخاصة بالعيد. قبل عامين زارتني في منزلي مع كلبها فلفل قبل الانطلاق لعشاء الميلاد العائلي، وطلبت منها أن يلتقط أحد صورا لها بالفستان الجديد مع شجرة الميلاد، ونشرت إحداها على صفحتها في فيسبوك.. تؤلمني الصور وتشعل بي الحنين لذكرياتي معها”.

 

 

 

وقد دفع الحنين نجوان لزيارة قبر شيرين لمعايدتها قبل حلول الميلاد المجيد، ولتبادل أطراف الحديث الصباحي معها في ذكرى ميلادها الأولى التي لم تكن شيرين أول من يهنئها بها. “هذه هي المرة الأولى التي أنجح بها في التغلب على مشاعري والوصول إلى قبرها. جربت ذلك سابقا لكنني فشلت. يصعب عليّ زيارتها في هذا المكان، لكنني تحدثت معها لدقائق ثم غادرت مسرعة”.

 

 

 

 

 

وتضيفت نجوان: “كانت شيرين تنتظر بلهفة إجازة عيد الميلاد، وتعطي متسعا كبيرا من الوقت للاحتفال مع عائلتها الصغيرة ولأداء واجبها الديني في الكنيسة، كما كانت تشعل فترة الأعياد فيها الحنين لوالديها خاصة في عيد الفصح الذي كانت تقطع به مسافات طويلة مشيا على الأقدام بسبب إغلاق الطرق، لزيارة قبر والديها اللذين ترقد بجوارهما الآن”.

 

 

 

لم تطرق شيرين باب منزل نجوان لتعطيها كعك العيد، ولن تفعل ذلك في الأعوام القادمة، كما لن تحتفظ نجوان بحصة شيرين من الحلوى في عيدي الفطر والأضحى كما اعتادت أن تفعل، وسيتوقف خيط الذكريات عن نسج أخرى جديدة، لكن الصديقة الوفية أرشفت في ذاكرتها عميقا كل اللحظات الاستثنائية التي عاشتها مع شيرين لسنوات طويلة.

 

يرقد جثمان الراحلة قرب باب الخليل (أحد أبواب البلدة القديمة) غير بعيد عن شجرة ميلاد ضخمة أضيئت في القدس قبل أسابيع إيذانا بانطلاق احتفالات الميلاد المجيد، لكن شيرين لم تحظ بفرصة التغطية ولا الاحتفال هذا العام، لكنها حظيت بشجرة صغيرة إلى جوار قبرها، وبمشاعر استثنائية من عائلتها وأصدقائها، وبإعجاب الملايين بإنسانيتها ومهنيتها

 

 

Exit mobile version