اكتشف فريق من الباحثين ما لا يقل عن اثنين من المعادن الجديدة لم يسبق لهما مثيل على الأرض في نيزك يبلغ وزنه 15 طنا تم العثور عليه بالصومال، وهو تاسع أكبر نيزك يتم العثور عليه على الإطلاق.
وفي ندوة استكشاف الفضاء يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وصفت النتائج من قبل كريس هيرد أستاذ قسم علوم الأرض والغلاف الجوي وأمين جامعة ألبرتا (University of Alberta).
هذا ما يجعل الأمر مثيرا
لعب خبراء جامعة ألبرتا -وهي من أبرز معاهد التعليم الحكومي في كندا- دورا رئيسيا في تحديد وتسمية المعدنين اللذين لم يسبق لهما مثيل على الأرض، ويبدو أن هناك بالفعل معدنا ثالثا محتملا قيد الدراسة حاليا.
وجاء المعدنان -اللذان تم العثور عليهما- من شريحة واحدة بسعة 70 غراما تم إرسالها إلى جامعة ألبرتا لتصنيفها علميا. ولاحظ هيرد أنه إذا حصل الباحثون على المزيد من العينات من النيزك الضخم، فهناك فرصة للعثور على المزيد.
وبحسب البيان الصحفي للجامعة يقول هيرد “عندما تجد معدنا جديدا، فهذا يعني أن الظروف الجيولوجية الفعلية، وكيمياء الصخور كانت مختلفة عما تم العثور عليه من قبل”.
وأضاف “هذا ما يجعل الأمر مثيرا: في هذا النيزك المحدد لديك اثنان من المعادن الموصوفة رسميا يعتبران جديدين تماما على العلم”. ومن المتوقع -حسب العلماء- أن المعادن الجديدة المكتشفة بالنيزك قد تكشف عن أدلة على تكوين الكويكبات.
نيزك العلي
وتم العثور على النيزك بالقرب من العلي، بمنطقة هيران في الصومال، وتم تسميته باسم هذه البلدة “العلي” (El Ali). وصنفه العلماء على أنه نيزك حديدي، وهو نوع مصنوع من الحديد النيزكي المرقط بقطع صغيرة من السيليكات.
وأطلق العلماء على المعدن الأول “إلالييت” (elaliite) نسبة إلى اسم النيزك، وتم تسمية المعدن الثاني “الكينستانتونيت” (elkinstantonite) نسبة إلى ليندي إلكينز تانتون (Lindy Elkins-Tanton) المدير الإداري لمبادرة جامعة ولاية أريزونا بين الكواكب والمحقق الرئيسي بمهمة ناسا القادمة، والتي سترسل مسبارا إلى الكويكب “سايكي” (Psyche) الغني بالمعادن، للحصول على أدلة على كيفية تشكل كواكب نظامنا الشمسي.
وطبقا لما ورد بالبيان الصحفي للجامعة، فقد “قامت ليندي بالكثير من العمل حول كيفية تشكل نوى الكواكب، وكيف تتشكل نوى الحديد والنيكل، وأقرب نظير لدينا هو النيازك الحديدية. لذلك كان من المنطقي تسمية معدن باسمها والاعتراف بإسهاماتها في العلوم”.
معدن جديد
بالتعاون مع باحثين بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، صنف هيرد وزملاؤه “العلي” على أنه نيزك حديدي من أكثر من 350 نيزكا في تلك الفئة بالذات.
والنيازك الحديدية تتكون في معظمها من سبيكة من النيكل والحديد، وهي من أقدم مصادر الحديد التي استخدمتها البشرية. ويسمى الحديد المستخرج من هذه النيازك الحديد النيزكي.
وتمثل النيازك الحديدية ما يوازي 5.7% من عدد النيازك التي تم العثور عليها، ويمثل حديد النيازك تقريبا 90% من كتلة جميع النيازك المعروفة.
وأثناء فحص قطعة النيزك، لفتت تفاصيل المعادن الجديدة انتباه العلماء. وبينما كان هيرد يحلل النيزك لتصنيفه، رأى شيئا لفت انتباهه ولذلك قام باستدعاء أندرو لوكوك رئيس مختبر مسبار الإلكتروني الدقيق بجامعة ألبرتا للاستعانة بخبرته في المجال. وبالفعل شارك في وصف المعادن الجديدة.
وكان تعرف لوكوك السريع على المعدنين الجديدين ممكنا نظرا لأنه تم إنشاؤهما صناعيا من قبل، لذلك كان قادرا على مطابقة تكوين المعادن الطبيعية المكتشفة حديثا من خلال مقارنة المعادن بنسخ منها تم تصنيعها مسبقا بالمختبر.
يقول هيرد “في اليوم الأول الذي أجريت فيه بعض التحليلات، حصلت على معدنين جديدين على الأقل، وكان ذلك غير عادي. معظم الأوقات، يستغرق الأمر الكثير من العمل أكثر من ذلك لتقول إن هناك معدنا جديدا”.
رؤى علمية مستقبلية
ويواصل الباحثون فحص المعادن الجديدة لتحديد ما يمكنها إخبارنا به عن ظروف تشكلها بالنيزك. ويقول هيرد “هذا مجال خبرتي، كيف تستخلص العمليات الجيولوجية والتاريخ الجيولوجي للكويكب الذي كانت هذه الصخرة جزءا منه. لم أعتقد أبدا أنني سأشارك في وصف المعادن الجديدة تماما من خلال العمل على حجر نيزكي”.
ولاحظ هيرد أيضا أن أي اكتشافات معدنية جديدة يمكن أن تسفر عن استخدامات مثيرة في المستقبل. ويقول “عندما تكون هناك مادة جديدة معروفة، يهتم العلماء بها أيضا بسبب الاستخدامات المحتملة في مجموعة واسعة من الأشياء بالمجتمع”.
ويخطط الفريق حاليا لمزيد من دراسة النيازك لفهم الظروف التي تشكل فيها الكويكب الأصلي. وبينما لا يزال مستقبل النيزك غير مؤكد، يقول هيرد إن الباحثين تلقوا أخبارا تفيد بأنه تم نقله إلى الصين بحثا عن مشتر محتمل.
ومع ذلك، فقد تكون الرؤى العلمية المستقبلية من نيزك “العلي” في خطر، حيث أشار العلماء إلى أن نقل النيزك إلى الصين بحثا عن مشتر محتمل قد يحد من وصول العلماء إلى صخرة الفضاء للتحقيق فيها.