الهديل

هل سبق أن سمعت بإعادة تدوير الكهرباء؟

 

دفعت أزمة الطاقة التي تضرب أوروبا الحكومات إلى استكشاف سبل لإعادة تدوير الكهرباء المستخدمة في تصفُّح الشبكات الاجتماعية، وإجراء مكالمات المؤتمرات، وبث مقاطع الفيديو، من أجل استخدامها في تدفئة المنازل والمكاتب.

 

إذ يشهد استخدام مراكز البيانات المتعطشة إلى الطاقة نمواً هائلاً، مما يشكل ضغطاً على المسؤولين الأوروبيين من أجل توجيه الحرارة الفائضة التي تولدها الدارات الإلكترونية إلى شبكات التدفئة البلدية، حسب ما ذكرته صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، الخميس 29 ديسمبر/كانون الأول 2022.

 

كما أوضحت أنه بعد سنوات من نقاش فكرة الاستفادة من الحرارة المتبقية بدلاً من تنفيسها في الهواء الطلق ببساطة، بدأت العديد من تلك المشروعات تتحول إلى واقع ملموس.

 

حرارة مراكز البيانات للتدفئة

بدأت شركات أمازون، وأبل، ومايكروسوفت ربط مراكز البيانات الكبرى بأنظمة تدفئة المناطق في أيرلندا، والدنمارك، وفنلندا خلال العام الماضي، أو أعلنت عن خططها في هذا الصدد. كما قالت شركة ألفابت إنها تُقيِّم فرص استرداد الحرارة من مراكز بياناتها في مختلف أرجاء أوروبا.

 

فيما بدأت شركة ميتا استرداد بعض الحرارة الفائضة من مراكز بياناتها في أودنس بالدنمارك، وذلك منذ عام 2020. وتعمل الشركة الأم لـ”فيسبوك” على توسيع تلك القاعدة حالياً، مع خطط لتوفير الحرارة الفائضة اللازمة لتدفئة نحو 11 ألف منزل، اعتباراً من العام المقبل.

 

هناك عدد من مشغلي مراكز البيانات الآخرين الذين يوفرون الحرارة لشبكات الكهرباء، خاصة في شمال أوروبا. وتُعَدُّ Equinix من المشغلين الذين يفعلون ذلك، حيث تُوسّع مشروعها لتدفئة المناطق في هلسنكي حالياً، كما تعمل على مشروعات جديدة بألمانيا ودول أخرى.

 

حسب الصحيفة الأمريكية، هناك 10 مراكز بيانات توفر إمدادات الحرارة في هولندا اليوم، إضافة إلى 15 مشروعاً قيد البناء أو البحث حالياً، بحسب جمعية مراكز البيانات الهولندية.

 

تحفيزات لبيع الحرارة الفائضة

يقول مسؤولو قطاع الطاقة والتقنية إن أسعار الطاقة ارتفعت على خلفية الحرب الأوكرانية، مما زاد الحوافز المالية التي تشجع شركات التقنية على الاستثمار في الأنظمة اللازمة لبيع الحرارة الفائضة.

 

حيث أوضح ستيجن غروف، المدير الإداري لجمعية مراكز البيانات الهولندية: “أصبحت حالة عمل شبكات التدفئة بالحرارة المتبقية فكرةً مثيرةً للاهتمام اليوم فجأة، وذلك أكثر مما كان الوضع عليه قبل عامين”.

 

لا شك في أن الضغط العام من أجل زيادة كفاءة الطاقة في مراكز البيانات كان من بين الدوافع الرئيسية، وفقاً لتصريحات مسؤولين تنفيذيين في الصناعة.

 

حيث دخل الاتحاد الأوروبي في المراحل الأخيرة من المفاوضات على التعليمات الجديدة لكفاءة الطاقة، التي ستُلزم مشغلي مراكز البيانات بإجراء دراسات الجدوى الخاصة باستخدام الحرارة الفائضة لتدفئة المنازل والمكاتب.

 

انتشار الفكرة في أوروبا

علاوةً على أن الحكومات الوطنية والمحلية من فرنسا إلى الدنمارك قدمت الحوافز الضريبية، أو جعلت الاستفادة من الحرارة المهدرة شرطاً أساسياً لصدور تراخيص البناء الجديدة.

 

إذ قال تيمو بيسبا، نائب رئيس التدفئة والتبريد في شركة الطاقة الفنلندية Fortum Oyj: “تُعتبر الفكرة الأساسية جيدةً وبدأت في الانتشار الآن”.

 

كما تشارك تلك الشركة في مشروع لجمع الحرارة المهدرة من مركز بيانات أمازون في دبلن، كما تعمل مع مايكروسوفت على إعادة تدوير الحرارة المهدرة من اثنين من مراكز البيانات الضخمة المخطط لبنائها في فنلندا.

 

فيما تشكل مراكز البيانات 1% تقريباً من استهلاك الكهرباء عالمياً، وذلك بحسب بيانات ورقة منشورة في دورية Science العلمية عام 2020، وظل ذلك المعدل ثابتاً بدرجةٍ كبيرة رغم تضخم الخدمات السحابية في السنوات الأخيرة.

 

لكن صناع السياسة في الاتحاد الأوروبي يقولون إن ارتفاع كثافة مراكز البيانات واستخدامها المتزايد في السنوات الأخيرة يعنيان أنها أصبحت تستهلك مزيداً من الكهرباء، مما رفع حجم استهلاكها إلى نحو 3% أو أكثر من استهلاك الكهرباء في بعض الدول.

 

بينما تستطيع مراكز البيانات الموجودة بالقرب من أنظمة تدفئة المناطق أن توفر قرابة الـ50 تيراواط/ساعة من الحرارة الفائضة سنوياً، وفقاً لدراسة مشروع ReUseHeat الممول من الاتحاد الأوروبي.

 

أفادت بيانات موقع Eurostat بأن تلك الطاقة تكفي لتغطية ما يتراوح بين 2% و3% من الطاقة التي استخدمتها منازل الاتحاد الأوروبي للتدفئة في عام 2020.

Exit mobile version