استخدم العلماء في المملكة المتحدة نوعاً ثورياً جديداً من العلاج الجيني لمعالجة مريضة صغيرة مصابة بانتكاس سرطان الدم في الخلايا التائية. وأثار تطبيق هذه التقنية -وهي الأولى من نوعها في العالم- الآمال في أنها يمكن أن تساعد قريباً في معالجة سرطانات الأطفال الأخرى والأمراض الخطيرة، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
إذ خضعت أليسا، من مدينة ليستر بوسط إنجلترا، للعلاج الكيميائي وزرع نخاع العظم في محاولة للتخفيف من سرطان الدم، لكن دون جدوى. ومع عدم توفر المزيد من العلاجات، كانت التوقعات بالنسبة للطفلة البالغة من العمر 13 عاماً قاتمة.
“نشعر أننا فوق السحاب”
لكن بعد تلقي حقنة من الخلايا التائية المُتبرَع بها، وتعديلها باستخدام تقنية جديدة تُعرَف باسم تحرير القاعدة، تتعافى أليسا وكانت في مرحلة هدأة (أي اختفاء نسبة كبيرة من علامات السرطان وأعراضه) منذ ستة أشهر. بينما قالت والدتها، كيونا: “لأكن صادقة، نشعر أننا فوق السحاب. إنه لأمر مدهش”.
ويستعد الآن فريق مستشفى Great Ormond Street في لندن، الذي عالج أليسا، للاستعانة بـ10 أشخاص آخرين من مرضى سرطان الدم في الخلايا التائية، الذين استنفدوا أيضاً جميع العلاجات التقليدية، لإجراء مزيد من التجارب، التي في حال نجاحها ستبشر بتطبيق علاج الخلايا القاعدية المُعدَّلة على المرضى المصابين بأنواع أخرى من سرطان الدم وأمراض أخرى.
طريقة جديدة للعلاج
بدوره، قال عالم المناعة البروفيسور وسيم قاسم، أحد قادة المشروع: “هذه هي هندسة الخلايا الأكثر تطوراً لدينا حتى الآن، وهي تمهد الطريق لعلاجات جديدة أخرى، ومستقبل أفضل للأطفال المرضى في نهاية المطاف”. وسيقدم البروفيسور قاسم نتائج التجربة في اجتماع الجمعية الأمريكية لأمراض الدم في نيو أورلينز، نهاية هذا الأسبوع.
يُذكر أن ابيضاض دم الخلايا التائية هو سرطان يصيب فئة من خلايا الدم البيضاء تعرف باسم الخلايا التائية. وتفشل هذه الخلايا في النمو على النحو الواجب وتنمو بسرعة كبيرة؛ مما يتداخل مع نمو خلايا الدم في الجسم. وتشمل العلاجات القياسية زراعة نخاع العظام والعلاج الكيميائي. لكن في حالة أليسا، فشلت هذه الأدوية في وقف تقدم المرض وبدا أنَّ خيارها الوحيد هو الرعاية التلطيفية.
لكن التقدم الأخير في العلاج بالخلايا قدم طريقة جديدة لمعالجة حالتها. ويشمل جمع الخلايا التائية من متبرع سليم وتغييرها حتى تتمكن من قتل الخلايا التائية الأخرى؛ بما في ذلك خلايا سرطان الدم. وأجرى العلماء هذه العملية باستخدام التعديل القاعدي، الذي يسمح لهم بإدخال تغيير واحد في مليارات الأحرف من الحمض النووي التي تشكل الشفرة الجينية للشخص.
خطوة كبيرة إلى الأمام
ويمكن أن تحقق تقنيات العلاج الأخرى مثل هذه التغييرات الدقيقة، لكنها مرتبطة بمزيد من الآثار الجانبية. لكن هذه تمثل مشكلة أقل في تقنية تحرير القاعدة؛ مما سمح لفريق مستشفى Great Ormond Street بإجراء سلسلة من التغييرات المنفصلة على الخلايا التائية المُتبرَع بها.
وكانت هذه التعديلات المعقدة ضرورية لضمان أنَّ الخلايا التائية المُعَاد تنظيمها تهاجم فقط الخلايا التائية المصابة باللوكيميا، ولا تدمر بعضها البعض بـ”نيران صديقة”. كما أنها سمحت للخلايا بأداء وظائفها بعد العلاج الكيميائي ومنعتها أيضاً من التأثير على الخلايا الطبيعية.
في السياق، قالت والدة المريضة، كيونا: “قال الأطباء إنَّ الأشهر الستة الأولى هي الأهم. لا نريد أن نكون مُتطلّبين للغاية، لكننا ظللنا نتمنى لو أنَّ بإمكانهم التخلص منه مرة واحدة وللأبد، فستكون حينها بخير. وربما نكون على حق”.
النقطة الحاسمة هي أنَّ علاج أليسا كان يعتمد على الخلايا التائية المُتبرَع بها التي يمكن تعديلها؛ لذا فإنَّ مطابقة المتبرعين ليست مشكلة.
في حين قالت الدكتورة لويز جونز، من مجلس البحوث الطبية الذي موّل المشروع: “هذا علاج خلوي عالمي جاهز للاستخدام، وإذا كررنا هذا النجاح، فسيمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في هذه الأنواع من العلاجات”.