كتب عوني الكعكي:
نشرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية موضوعاً مثيراً للجدل، وهو ان هناك 12 رجل أعمال من الأثرياء الروس، اغتيلوا في ظروف غامضة، وأطلقت الصحيفة عليهم اسم «أوليغارشية». فماذا يعني هذا المصطلح، ومن هي هذه الجماعة؟
إنهم باختصار ينتمون الى فريق سياسي معيّـن، وتجمعهم الأمور التالية:
– هم ينتمون الى فئة برلمانية وضباط عسكريين رفيعي المستوى، وصحافيين بارزين، وصناعيين ومموّلين من الصف الأول، ومسؤولي شركات نفطية بارزة، باختصار إنهم فئة من نخبة الأغنياء الروس.
وكشفت صحيفة «ذا صن» (البريطانية) أنّ مقتل المليونير يوري فورنوف جاء في ظروف غامضة جداً. وبحسب مصادر إعلامية فإنّ الغموض في موت كل هؤلاء، لا يتوقف عند هذا الحد، بل إنّ وفاة حالتين غامضتين لقتلى الأوليغارشية وأفراد من عائلاتهم تثير تساؤلات عدّة.
الحالة الأولى هو فلاديسلاف أفاييف الموظف السابق في الكرملين والنائب السابق لبنك غاز بروم… وقد وجد مقتولاً مع زوجته وابنته البالغة 13 عاماً في 18 نيسان 2022.
الحالة الثانية، مقتل سيرغي بروتوسينيا الذي وجد مقتولاً مع زوجته وابنته (18 عاماً) في بلدة يوريت دي مار بإسبانيا.
إضافة الى ما تقدّم وجود ليونيد شولمان «منتحراً» في الحمام، وهو الرئيس السابق لشركة غاز بروم المعروفة باستخراج الغاز الطبيعي ومعالجته ونقله، وهو نفسه كان رئيساً لقسم النقل في الشركة.
وبعد يوم واحد فقط من غزو أوكرانيا مات فجأة الكسندر تيولياكوف (61 عاماً)، وهو المدير المالي لشركة غاز بروم نفسها، وكان موته في مرأب (موقف) منزله بالقرب من سان بطرسبورغ.
وفي 28 شباط عثر على ميخائيل واتفورد الملياردير الذي جمع ثروته من النفط والغاز، مشنوقاً في موقف سيارات منزله في لندن.
كما قيل في 24 آذار من العام نفسه، إنّ الملياردير فاسيلي ميلنيكوف (43 عاماً) انتحر في شقته في نيجني نوفغورود.
أمّا في 4 تموز فعثر أيضاً على يوروي فورونوف (61 عاماً)، وهو رئيس مؤسّسة شريكة لمجموعة غاز بروم ميتاً في مسبح منزله في سان بطرسبورغ برصاصة في رأسه.
في العاشر من أيار وُجِدَ الكسندر سوبوتين (43 عاماً)، وهو مسؤول سابق في مجموعة النفط الروسية «لوك أويل» ميتاً بحقنة بسم الضفدع. اما في الأول من أيلول فقتل مرميّاً من النافذة رافيل فاغانوف، وهو من أقدم قادة شركة «لوك اويل». وفي العاشر من الشهر نفسه قتل إيفان بيتشورين خلال نزهة له في قارب، وكان مديراً لشركة تطوير الشرق الأقصى والقطب الشمالي الروسية، وكُلّف من الرئيس بوتين بتحسين موارد الطاقة.
وفي 21 أيلول توفي أناتولي جيراشينكو (72 عاماً) في ظروف غامضة، وهو خبير وعالِم روسي رائد في مجال الطيران.
وآخر هؤلاء سقوط ديمتري زيلينوف عن السلالم، وهو قطب العقارات الروسي، إشارة الى ان هذا العالِم انتقد الغزو الروسي لأوكرانيا بشدّة.
نعود الآن الى محاولة كشف أسرار هذه الوفيات التي تبدو انها عمليات قتل متعمّدة، لنشير الى ما ذكره موقع «فوكوس»، الى ان هناك توتراً شديداً في العلاقات بين موسكو وأوليغارشية روس، نشأ بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. ففي خطاب ألقاه منذ مدة ليست بعيدة، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، انتقد فيه الأوليغارشية الذين يعيشون في الخارج. وقال حرفياً: «أنا لا أحكم على أولئك الذين لديهم ڤيلات في ميامي أو في الريڤييرا الفرنسية. لكن المشكلة تكمن في أن تفكيرهم هناك وليس في روسيا».
أضف الى ذلك ان بوتين نفسه قال بعد فرار عدد من الأثرياء الروس الى الخارج على متن طائرة خاصة بعد وقت قصير من اجتياح روسيا لأوكرانيا، بأنّ هناك حاجة لتطهير ذاتي للشعب الروسي.
هذا العدد من المعروفين والعاملين في مجال النفط، يعتبر موتهم حالات مشبوهة، خاصة وأنّ عدداً كبيراً من هؤلاء يرتبطون بشركات كبرى تعمل في قطاع الطاقة الروسي.
ويمكن القول أخيراً… إنّ الأوليغارشية الروسية، عادت مرّة أخرى الى دائرة الضوء، وأصبحت مثار جدل دولي مع تصاعد الأزمة بين روسيا وأوكرانيا والغرب. وقد يكون من أسباب هذا التوتر بين موسكو والأوليغارشية تشديد الغرب من عقوباته على البنوك الروسية والعديد من الأفراد… فهل وفاة هذا العدد (12) حتى الآن من نخبة الاوليغارشية الروسية، يعود الى قرار اتخذه بوتين للانتقام من هؤلاء لتأييدهم الفاضح والواضح لأوكرانيا وإدانتهم الغزو الروسي لها؟ ربما، والأيام المقبلة ستكشف أموراً قد تبدو غامضة في هذه الأيام.