الهديل

خاص الهديل : لماذا يمارس باسيل مع حزب الله لعبة: “عرف الحبيب مكانه فتدللا”؟؟؟..

خاص الهديل:

 

يعمل جبران باسيل على أن يحجز له مقعداً حول طاولة احداث العام ٢٠٢٣، وذلك بعد أن استهلك كل أدواره خلال الأعوام الستة التي قضاها “عمه” في رئاسة الجمهورية. 

ويعتقد جبران باسيل، أو يريد من الناس أن تعتقد بأنه الناخب الأقوى والأهم في استحقاق انتخاب “فخامة الرئيس المسيحي الاول”، وذلك كتعويض له عن أنه لن يكون هو “فخامة الرئيس المسيحي الأول” في لبنان؛ ولذلك وضع باسيل منذ عدة أشهر، وحتى قبل أن يخرج عمه من قصر بعبدا، خارطة طريق رسم فيها تكتيكات وأهداف كيفية تعامله مع الإستحقاق الرئاسي.. وأول خطواته وفق هذه الخارطة، تبدأ من نقطة إعلان رفضه الصريح والحاد لترشيح سليمان فرنجية، ومن ثم وبنفس الحدة، تمر بنقطة رفض ترشيح العماد جوزاف عون، وتصل أخيراً إلى مبتغى باسيل، أي إلى نقطة “إرغام”، أو بمعنى أدق “جذب” حزب الله للتفاوض معه، ولكن ليس على انتخاب سليمان فرنجية، بل على معادلة سياسية واضحة في ذهن باسيل، وهي أن يجعل نصر الله يتشارك معه في تسمية رئيس آخر للجمهورية ينتقيه باسيل؛ وليس أن يتشارك باسيل مع نصر الله في تسمية هذا الرئيس الذي يسميه نصر الله. وسيتموضع “باسيل” بخصوص هذه الجزئية وراء شعار “حق المسيحيين باختيار نوابهم ووزرائهم وأيضاً اختيار الرئيس المسيحي، ولذلك يجب على نصر الله أن يترك لباسيل خيار تسمية الرئيس المسيحي، بحيث يكون لحزب الله حق الموافقة عليه أو رفضه، وليس بأي حال حق تسمية الرئيس المسيحي..   

ويراهن باسيل على أنه في حال نجح بإقناع نصر الله بهذه المعادلة، فسيصبح حينها قادراً على التفاوض مع فخامة الرئيس الجديد وفق شروطه، وذلك انطلاقاً من كون أن له اليد الطولى في لعبة تسمية الرئيس المحظوظ مع نصر الله، وليس العكس.

ومن وجهة نظر باسيل فإن مطالب نصر الله من فخامة الرئيس الجديد، تتعلق بأمورٍ إستراتيجية غير متصلة بتفاصيل مغانم السلطة؛ فيما باسيل يريد من فخامة الرئيس الجديد ومن عهده، أموراً تتصل بمغانم السلطة وبحصصه من الوزارات والإدارات، الخ.. وعليه فإن نوعية مطالب نصر الله من العهد، لن تتصادم مع نوعية مطالب باسيل منه، ما سيسمح له أن يكون وحيداً أمام مائدة اطباق السلطة خلال تفاوضه مع رئيس العهد الجديد. 

وما يمكن الإشارة إليه بوضوح هنا، هو أن باسيل يسعى للتالي: يريد أن يصبح نصر الله شريكه في تسمية الرئيس الذي سيحرص باسيل على أن يكون له الحصة المصلحية الأكبر في تسميته، وهكذا يصبح فخامة الرئيس الجديد مضطراً للموافقة على مطالب باسيل الذي سيكون له الفضل الأكبر في إيصاله لقصر بعبدا، كون باسيل بعد اتفافه مع نصر الله على الاستحقاق الرئاسي وعلى مجمل ترتيبات الوضع المقبل بينهما، سيصبح له مكانة هي الأهم في الاستحقاق الرئاسي، إذ أنه عملياً سيفاوض رئيس العهد الجديد من كونه لا يملك فقط أصوات كتلته النيابية، بل أيضاً وأساساً “قوة الوعد الصادق الشيعي” الذي منحه له نصر الله ليس كمرشح وحيد للرئاسة كما فعل مع عمه، بل كناخب رئيسي للرئيس المسيحي الأول.

 إن ما تقدم يشكل جوهر خطة باسيل وعمه عون، بخصوص ما يجب أن يكون عليه موقف حزب الله من دور باسيل في الاستحقاق الرئاسي. ويرى العم والصهر أن باسيل من حقه المطالبة بتعويض من حزب الله نتيجة أهميته له، وبسبب مواقفه منه التي كلفته خسائر دولية وداخلية. وهذا التعويض المطلوب ليس أقل من إيصاله للرئاسة، وإذا تعذر ذلك الآن، فإيصاله إلى مكانة يصبح فيها الناخب الأقوى للرئيس المسيحي، وهذا يتطلب أن يصبح باسيل هو من يقول لنصر الله “اتبعني” في اختيار الرئيس المسيحي الأول، وليس العكس!!. 

ويجدر هنا فتح هلالين لإدراج ملاحظة لا بد منها، ومفادها أنه هناك عدة مسلّمات تتحكم في العلاقة بين حزب الله، وبخاصة بين السيد حسن نصر الله من جهة، وبين جبران باسيل من جهة ثانية، وهي مسلّمات لا يمكن القفز عنها رغم أن الإعلام يتجاهلها:

المسلّمة الأولى مفادها أنه لا مستقبل لحزب الله مع اتفاق مار مخايل بمعناه المسيحي، من دون جبران باسيل.. بمعنى آخر ليس هناك شخصية مسيحية داخل تيار العونيين قادرة أن تحل مكان باسيل في تلبية مصالح حزب الله في اتفاق مار مخايل غير جبران باسيل الحاصل على دعم العم عون رمز هذا التيار.  

..وهذه حقيقة يدركها حزب الله بالعمق، وهذا ما يفسر لماذا قرر نصر الله خلال الإنتخابات النيابية أن ينخرط الحزب بكل قواه لمساعدة باسيل على أن يكون لديه الكتلة النيابية المسيحية رقم واحد فوق الساحة المسيحية وأن لا يتفوق عليه جعجع بشكل كاسح. 

المسلّمة الثانية هي أن باسيل لم يعد له مستقبل سياسي يعتد به في البلد من دون حزب الله. لقد أصبح باسيل مسيحياً له معنى واحداً، وهو صلته القوية بنفوذ ما يسمى بفائض القوة لدى حارة حريك التي يؤمن بعض المسيحيين بأنها قوة يمكنهم استخدامها للدفاع عن امتيازاتهم في لبنان؛ وليس فقط للدفاع عن وجودهم في منطقة تشبه الرمال المتحركة.  

وعليه فإن صورة مار مخايل اليوم بخلفيتيها ذات الصلة بوضع باسيل وبوضع حزب الله الداخلي، تقول امرين إثنين أساسيين مهمين: الأول أنه لا مستقبل سياسي مسيحي لباسيل من دون استمرار علاقته مع الحزب عبر دوره في اتفاق مار مخايل، والثاني أنه لا بديل للحزب عن مار مخايل كغطاء مسيحي له. ولا بديل له عن باسيل لاستمرار اتفاق مار مخايل كجسر لتبادل المصالح الشيعية بقيادة حزب الله – المسيحية بقيادة العونية السياسية.

Exit mobile version