الهديل

شقير يكشف للمرّة الأولى الكثير من الخفايا

 

 

بصراحته وجرأته المعهودة قارب رئيس الهيئات الإقتصادية الوزير السابق محمد شقير الكثير من الملفات الأساسية والتي تطال بالعمق مستقبل البلد لا سيما على المستويات السياسية والإقتصادية والحياتية.

 

وبالإستناد الى علاقاته مع مختلف الافرقاء في الداخل وإطلاعه الواسع على خبايا الأمور وبالإستناد أيضاً الى علاقاته ولقاءاته مع عدد كبير من السفراء المعتمدين في لبنان، أبقى على تفاؤله بحصول إنفراج يقلب المسار في البلد في العام 2023.

إلا أن شقير لم يغفل ولا لحظة متطلبات نهوض البلد وتعافيه التي باتت حاجة ماسة لا يمكن تخطيها، واضعاً خارطة طريق تبدأ بإنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة مروراً بالتوقيع على إتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة وفي طليعتها قطاع الكهرباء، وصولاً الى إعتماد الخصخصة والمكننة الشاملة.

 

وإذ نوه شقير بدور الهيئات الإقتصادية التي بذلت جهوداً جبارة لم تبذلها في تاريخها خلال الثلاث سنوات الماضية، وضع الوسام الأكبر على صدر القطاع الخاص الذي إستطاع التأقلم مع الأزمة، لتبقى المشكلة الأكبر في القطاع العام.

 

كلام شقير جاء في مقابلة مع Leb Economy، حيث أكد أنّ “الهيئات الإقتصادية بذلت خلال السنوات الثلاث الأخيرة جهوداً كبيرة لم تبذلها خلال أي مرحلةٍ سابقة في تاريخها، حيث عقدت الهيئات إجتماعات مكثّفة نظراً للمرحلة الدقيقة والحرجة التي مر فيها لبنان ولمواجهة تداعيات الأزمة الإقتصادية وتفشي وباء كورونا وكذلك المشاكل الكثيرة الناتجة عن الإجراءات والقوانين والموازنات والخضّات في علاقات لبنان الخارجية”.

 

وتمنى شقير أن “تتحول إجتماعات الهيئات الإقتصادية من إجتماعات لمواجهة ومعالجة المشاكل إلى إجتماعات للبحث في إمكانية تطوير الإقتصاد الوطني وزيادة تنافسيته وتنافسية القطاعات المختلفة وكذلك تقوية العلاقات الإقتصادية مع الدول الأخرى وتنظيم مؤتمرات ومعارض في الخارج ومسائل مهمة مختلفة”.

 

وكشف شقير عن أن ابرز الأمور التي قامت بها الهيئات الإقتصادية في العام 2022 هو التصدي لمشروع تغيير هوية لبنان الإقتصادية، و”هذا أمر مهم جداً، فإذا لم يبقَ في لبنان نظام إقتصادي حر، لن يبقى لبنان الذي نعرفه وستتغيّر هويّته ونمط حياته”.

 

وإذ أعلن شقير عن أنّ “الهيئات الإقتصادية ستصدر قريباً تقريراً يتضمّن تفاصيل نشاطها وعملها في العام 2022″، شدّد على أنّ “الهيئات تعمل بصمت، فهي لا تأخذ الأمور بشعبوية ولا تعتمد المزايدات بل تعالج المسائل بطريقة دبلوماسية وبالفكر وبالعلم وبحسب القوانين والأنظمة المرعية الإجراء”، مؤكداً ان تمسك الهيئات بهذا النمط من الممارسات والعمل في كل ما تقوم به، هو لترسيخ العمل الديموقراطي الحر والحفاظ على الهيكل وعلى صورة الدولة وعلى كل مقوماتها ومؤسساتها”.

 

وفي ردٍ على سؤال، أكد أنّ “الهيئات الإقتصادية راضية عن عملها رغم انها في مكان ما لم تحقق النتائج المرجوة، فهناك الكثير من الأمور التي لم تُنجز ولا تزال على جدول أعمالها، حيث سعت الهيئات على سبيل المثال إلى إعادة العلاقات مع المملكة العربية السعودية الى طبيعتها، لكن لم تصل إلى النتيجة المرجوة وهي لم تنسَ هذا الموضوع وتتابعه كما تتابع مواضيع مهمة أخرى”، عازياً هذا الأمر الى إستمرار المناكفات السياسية التي عطلت وشلّت إدارات الدولة ومؤسساتها.

كما أشار الى أنّ “الخلاف السياسي أدى إلى عدم إتخاذ إجراءات لمعالجة الأزمة الإقتصادية طيلة 3 سنوات. “فلبنان ليس أول دولة بالعالم تتعرض لأزمة، لكنها أول دولة لا تتخذ إجراءات لمعالجة أزمتها طيلة 3 سنوات”.

 

ولفت شقير إلى أن “القطاع الخاص تمكّن من التأقلم مع الأزمة لتبقى المشكلة الأكبر في القطاع العام، علماً إنه في كل دول العالم وعند الأزمات يدعم القطاع العام القطاع الخاص، لكن لبنان البلد الوحيد الذي شهد ظاهرة معاكسة حيث ساند القطاع الخاص القطاع العام خلال الأزمة” .

 

وإعتبر شقير أنّ المراوحة الحاصلة حالياً جريمة موصوفة، وكذلك الأمر بالنسبة لعدم معالجة الظلم الواقع بموظفي القطاع العام. وقال “لبنان يخسر موظفي القطاع العام من ذوي الكفاءة يومياً في وقت أضحت المؤسسات والوزارات فارغة من الموظفين”، محذراً من أنه في حال لم يحصل أي إجراءات سريعة لترتيب وضع القطاع العام وإعادة هيكلة الرواتب، فإن هذا القطاع سيشهد المزيد من التدهور كما سيكون هناك شبه إستحالة بالقبول بوظيفة القطاع العام وسنواجه مشكلة عند التعيينات”.

 

وتمنى شقير إنتخاب رئيس جمهورية سريعاً وتشكيل حكومة جديدة لتستطيع معالجة هذا الوضع لأنه لا يمكن للقطاع الخاص أن يحيا دون القطاع العام.

 

ووفقاً لشقير “هناك نسبة ضئيلة من القرارات المتعلقة بالخروج من الأزمة مرتبطة بالخارج، لكن معظم قرارات المعالجة هي داخلية وللأسف لم يطبّقها لبنان. وهذا الأمر مثلاً ينطبق على أزمة الكهرباء التي شكلت كارثة للمؤسسات والمواطنين على حد سواء، سائلاً: هل يعقل أن يستورد لبنان في العام 2022 ما يقارب الـ2 مليار دولار مستلزمات طاقة شمسية في حين أن إصلاح الكهرباء يحتاج إلى نفس المبلغ تقريباً؟.

 

وقال “فعلياً لبنان أفلس بسبب الكهرباء التي كبّدته تكلفة قاربت الـ45 مليار دولار. لهذا نأمل من أي حكومة جديدة أن تأخذ في أولى أولوياتها أزمة الكهرباء لأننا إذا لم نعالجها سنفقد ثقة جميع الأطراف والدول”.

 

وفي ردٍ على سؤال، أكد أنّ “لبنان بحاجة إلى صحافة إقتصادية متخصصة لأن مستقبل لبنان هو في الإقتصاد، لذلك لا بد من وجود صحافة إقتصادية متخصصة تعتمد المهنية والشفافية التي تنشر الحقائق فقط لإعادة بناء الثقة بالبلد ونيل ثقة المواطن والمغترب اللبناني الذي لا يستثمر بالعاطفة بل يتسثمر حين تنتظم الأمور وتقر قوانين جديدة وتقارب المواضيع الإقتصادية بصدق”.

 

وفي ردٍ على سؤال حول ماذا تغيّر في محمد شقير بين تشرين الأول 2019 وعام 2022، أكد شقير أنّ “الشخص مهما تعرّض للظلم إذا كان واثقاً من عمله وضميره مرتاح لا يخاف من أي أحد”.

 

وقال “خلال الأزمة لم يتعرّض أي شخص للضغوطات التي تعرضت لها في الشارع أو بأماكن أخرى، لكن بالنهاية الحقيقة سطعت وهذه المرحلة أضحت خلفي ووضع محمد شقير اليوم في البلد وخاصة في بيروت أفضل مما كان عليه قبل الأزمة لأنني عملت بصدق وبقيت قرب الناس وإحترمت كل الآراء”.

 

أضاف “في العام 2023 ، أنا مؤمن بالتفاؤل لأن موضوع ترسيم الحدود مسألة كبيرة وما كان ليحصل لولا حاجة الخارج لغاز المنطقة والحاجة لإستقرار لبنان، فهناك اليوم قرار خارجي بأن يبقى لبنان صامداً”.

 

وتابع شقير “مررنا بثلاثة أمور صعبة وأعتقد أننا تخطيناها، وهذه الأمور تتعلق بالجيش والقوى الأمنية حيث كان هناك قرار بالحفاظ على الجيش والقوى الأمنية وهذه المسألة لمسناها أميركياً وأوروباً وعربياً. كما كان هناك قرار بعدم تراجع قطاع التعليم، فكل القطاعات مهما تراجعت يمكن إعادة بناءها بإستثناء العلم. إضافة إلى أن قطاع الإستشفاء الذي مرَّ بمرحلة صعبة لكنه بقي بمستويات جيدة، وعدد كبير من الأطباء الذين غادروا لبنان عادوا إليه اليوم”.

 

وشدد شقير، قائلاً “نريد إنتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن”، وأضاف “إذا كان هناك قرار للخروج من الأزمة ووضع حد للفساد وهدر أموال الدولة، يكفي إتخاذ قرارين هما: المكننة والخصخصة، أما فشعار محاربة الفساد فيبقى شعار الكاذبين. فإذا لم نقم بالخصخصة والمكننة لن نتمكن من محاربة الفساد وهذا ما حصل في كل دول العالم”.

 

ودعا شقير أن يهدي الله من يعرقل إنتخاب رئيس جمهورية، مؤكداً أن “الحديث عن أن الأمور تسير دون وجود رئيس أمر خاطئ بشكل كبير”.

 

وأكد أنّ “لا شيء يخيفنا في العام 2023 إلا الواقع الإجتماعي إذ لا نستطيع الإستمرار وسط هذا الحال، فالمواطنين يعانون وهم صبروا وأثبتوا أن الشعب اللبناني شعباً جباراً، يحب الحياة، ومؤمن بلبنان ومستقبله. وفي الواقع إستمرار الأزمة لوقت أطول جريمة بحق المواطنين والوطن”.

 

 

 

 

 

Exit mobile version