الهديل

خاص الهديل: رئاسة الجمهورية: موارنة الأمس.. وموارنة اليوم!!!

خاص الهديل:

 

في حال نجح حزب الله في اقناع جبران باسيل بالسير بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؛ فحينها سيصبح انتخاب فرنجية محتملاً جداً..

وفي حال اقتنع حزب الله بأن فرنجية ليس له حظوظ برئاسة الجمهورية؛ فحينها سيصبح توجه السيد حسن نصرالله نحو ترشيح العماد جوزاف عون لانتخابات الرئاسة أمراً وارداً كثيراً..

وفي حال نجح الكاردينال الراعي في أخذ ميشال عون وسليمان فرنجية وجبران باسيل وسمير جعجع إلى جلسة اعتراف رئاسية في بكركي، تنتهي بحل ماروني لرئاسة الجمهورية، فإن ذلك سيؤدي إلى خلط أوراق معادلة الرئاسة، وأخذها من حضن الثنائي الشيعي إلى حضن بكركي..

ولكن الحل الماروني لأزمة الرئاسة يفترض اجتماع أقطاب الموارنة في بكركي، وعدم خروجهم من هناك إلا بعد خروج الدخان الأبيض إيذاناً بأن سليمان فرنجية وجبران باسيل وسمير جعجع وميشال عون توصلوا لتفاهم على اسم فخامة الرئيس العتيد.

والواقع أن هذا الشكل من لقاء الأقطاب في بكركي الذي يتطلبه “الحل الماروني” يجعل انتخاب فخامة الرئيس الماروني أشبه بانتخاب “بطريرك لقصر بعبدا”، وليس رئيساً للجمهورية. والأمر الذي لا يلتفت إليه الموارنة اليوم، هو أن تعاطيهم مع ملف رئاسة الجمهورية يشوبه الكثير من الخفة؛ فطريقة تنافسهم تظهر أنهم أداروا ظهرهم للقيم الديمقراطية في حل خلافاتهم وفي مسألة قناعتهم بتداول السلطة ديموقراطياً، كما أن إصرارهم المباشر وغير المباشر على انتخاب رئيس بالتسوية المسبقة وليس بالانتخاب، يوضح أن الموارنة في طريقهم الى اغتيال القيمة المعنوية الثمينة التي وقفت وراء جعل موقع رئاسة البلد الديموقراطي الوحيد في العالم العربي، للموارنة بحسب العرف الذي له في بلد الميثاقية قيمة تساوي عملياً قيمة الدستور.

…واستدراكاً، ما يجدر على المورانة التنبه إليه هو أن رئاسة الجمهورية لم تعد وسيلة حكم الموارنة للبنان بصلاحيات واسعة، بل بقي منها بعد الطائف، نصيباً غير مفتوح من صلاحيات الحكم، ولكن الأهم هو أنه بقي منها كل رمزيتها المعنوية الكاملة التي تدلل على موقع الموارنة المهم داخل الحالة المسيحية العربية، وأيضاً موقع المسيحيين في لبنان داخل المسيحية المشرقية.

خلال الجمهورية الأولى كان الموارنة يتفاخرون بالقول أنهم كل ست سنوات يستطيعون بكل اقتدار أن يقدموا من بين صفوفهم فخامة رئيس جمهورية ماروني مسيحي تجمع على نخبويته كل البرجوازية الإسلامية في لبنان وأيضاً في المنطقة. وهذا يعني ان الموارنة لم يحصلوا على رئاسة الجمهورية في بلد الأرز المميز بدوره الثقافي والريادي في المنطقة، لإظهار التسامح الإسلامي إزاءهم، بل لأنهم يضيفوا لواقع المنطقة معنى نخبوياً إضافياً عملياً ورمزياً، الخ..

ما يجدر على الموارنة التنبه له اليوم هو أن قيم الديموقراطية شكلت حماية لهم في لبنان، وأقله بالشكل يجب أن يحافظ الموارنة على أن يتم الإتيان برئيس للجمهورية بالانتخاب وليس حصراً بالتسوية التي تسبق الانتخاب.. وقد تكون الملاحظة هنا قاسية وفجة، ولكن من الأفضل الإشارة إليها من باب التنبيه؛ ومفادها أنه إذا أصبحت رئاسة الجمهورية تأتي للموارنة بالتسويات الخارجية والداخلية؛ فإنه يسهل حينها توقع أن تذهب رئاسة الجمهورية من الموارنة بالتسويات الداخلية والخارجية.

…يقال أن من يعش بالسيف يموت بالسيف.. وعلى وزن هذا القول المشهود يصبح صحيحاً القول “ما يأتي بتسوية يذهب بتسوية”…

فهم هذه الفكرة تحتم أن يعيد موارنة هذه الأيام قراءة ما كان يقوله منح بك الصلح عن موقع تخصيص رئاسة الجمهورية للموارنة، وذلك رداً على مسيحيين كانوا يطالبون بأن يتم إدراج نص في الدستور يقول ان رئاسة الجمهورية تمنح للموارنة، وذلك حتى يضمن المورانة بقائها معهم الى الأبد.

رد المفكر السياسي منح بك الصلح قائلاً بما معناه أن الميثاقية في لبنان هي دستور مكتوب وعرف محفوظ، ولذلك هي روح ونص.. ومن مصلحة الموارنة ان تبقى طائفة رئاسة الجمهورية عرفاً و روحاً ولا تصبح نصاً؛ لأن النصوص المكتوبة تتغير بتغير الحبر والقلم، ويتم تعديلها بإحلال جملة مكان جملة.. أما الروح فيبقى مكانها ولا يأخذ وديعتها إلا الله.

مشكلة الموارنة اليوم أنهم يتعاملون مع موقع رئاسة الجمهورية على نحو يضر بموقعها المعنوي الثمين، وعلى نحو يسلط الضوء عليها بوصفها نصاً خلافياً بين الموارنة أنفسهم قبل الآخرين، وبالتالي يمكن حل هذه المشكلة عبر تغييره أو حتى الاستغناء عنه أو مد أمد الشغور الرئاسي.. وبالنتيجة لا يتصرف موارنة هذه الأيام بما يوحي أن رئاسة لبنان هي روح ميثاقية تعطي لبلد الأرز “مصالح حضارية”.

Exit mobile version