خاص الهديل:
ماذا يعني باللغة الديموقراطية مصطلح “مرشح غير جدي”، ومصطلح “مرشح جدي”، وأيضاً مصطلحات “مرشح غير معلن”، و”مرشح طبيعي” و”مرشح مضمر”، الخ..
من وجهة نظر القاموس الديموقراطي، فإن هذه المصطلحات ليس لها ترجمة تؤدي إلى جملة مفيدة؛ وبمفهوم الأعراب في “أصول الفقه الديموقراطي”، فإن هذه المصطلحات “ممنوعة من الصرف”، وعليه فهي مصطلحات تستعمل فقط في الديموقراطية اللبنانية التي وصفها ذات مرة سليم الحص بأنها “حرية زائدة” وليست ديموقراطية!!! وبالتالي يستعمل اللبنانيون هذه المصطلحات لمرة واحدة كل ست سنوات، ثم تصبح غير صالحة للإستعمال خارج نطاق موسم انتخاب فخامة الرئيس..
..وهذا يعني، في مجال آخر ولكنه متصل، أنه كان يجب على ميشال معوض أن لا يقبل الانخراط في لعبة معراب والمختارة بجعله “مرشحهما غير الجدي” لرئاسة الجمهورية.
.. ربما كان سمير جعجع صادقاً في ترشيحه له، ولكن أيضاً كان على ميشال معوض أن يدرك أن جعجع صادق أيضاً بطرح إسمه من باب المناورة والمساومة عليه، للوصول إلى مرشح تسوية جدي.. وجعجع، كما يعرف معوض أيضاً ، مضطر للسير بهذا التكتيك، نظراً لظروف موازين القوى غير المواتية لمعراب، سواء داخل البرلمان، أو داخل ١٤ آذار، وحتى داخل قوى المعارضة الجديدة نفسها التي ظن جعجع لوهلة طويلة أنها قريبة منه.
إن ميشال معوض استعجل بترشيح نفسه، لأنه مستعجل للحصول على لقب “مرشح سابق لرئاسة الجمهورية”، ولكن فات ميشال معوض أن موقفه هذا، سيجعله ليس فقط “مرشحاً سابقاً لرئاسة الجمهورية”، بل سيجعله أيضاً “مرشحاً غير جدي سابق لرئاسة الجمهورية”.
وفات ميشال معوض إدراك المعنى الذي طالما حرص الموارنة من أعضاء نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية، على مداراته، ومفاده تجنب الترشح للرئاسة عندما تكون طبخة الرئاسة لا تزال “شايطة”، بالمعنى اللبناني (أي غير ناضجة).. فالموارنة المعنيون كل ست سنوات بخوض غمار معركة الرئاسة، يعتقدون بثقة أن “حظوظ المرشح لرئاسة الجمهورية كما شرف المرأة، لجهة أنه يشبه عود ثقاب الكبريت الذي يحترق مرة واحدة”!!.
إن “بسكولوجيا” خوض انتخابات رئاسة الجمهورية، كما يمارسها سياسيو الموارنة، لا تختلف في تطبيقاتها عن ممارستهم لانتخابات “المخترة”، في قرية نائية في جبل لبنان ومرد ذلك أنهم ينظرون إلى لبنان “من منطق ريفي”، و”بعيون فلاح ريفي”، ومن مضمار أن “القناصل” هم جزء من عائلات الضيعة الناخبة التي تحركها نكايات واستفزازات، وليسوا قوى عالمية تحركها مصالح وغايات.
وفي هذه الأيام، كما كان الحال غالباً خلال مواسم انتخاب فخامة الرئيس، تتفاعل بورصة الترشح لرئاسة الجمهورية، بالتناغم مع إيقاع ما يسربه القناصل عن مدى استعداد الخارج لافتتاح المشهد الانتخابي. ففي حال قالت أخبار القناصل التي تتغير من ساعة لساعة، أن “العتبات العالية” الدولية والإقليمية لا تزال غير مهتمة بانتخابات الرئاسة، فإن بورصة الترشيحات داخل لبنان، يتراجع نشاطها، ويصبح المرشحون غير الجديين المتداولة أسمائهم في الإعلام، وفيرين، وبأعداد جيوش نمل فوق ثقب على بيدر حنطة، ويصبح أيضاً الرئيس نبيه بري أكثر حماسة للدعوة إلى جلسات عدم انتخاب الرئيس الأسبوعية، وتفيض أريحيته داخلها للتندر مع سامي الجميل وعليه.. أما فيما لو تسربت أقل الأخبار عن وجود حراك خارجي لانتخاب فخامة الرئيس، فإنه في الحال تتعاظم الإشارات من القوى الداخلية التي تعبر عن وجود مرشحين جديين لديهم، وبنفس الوقت يتعالى السجال الصراخي بين جبران باسيل وحزب الله، وكذلك من جانبه، ينشط وليد جنبلاط بين عين التينة ومقرات أخرى يزورها سراً لترتيب إعادة تموضعه الانتخابي خارج مربع معراب – ميشال معوض.
وخلال الساعات ال٤٨ الماضية تسربت معلومات سرعان ما تحولت لقناعة لدى أحزاب البلد، تفيد بأن الخارج ضرب موعداً لانتخاب فخامة الرئيس، وهو حزيران القادم؛ وعليه، فإنه بإنتظار هذا الموعد ستسود حالة ركود شاملة على محور انتخاب رئيس جديد، وسيقلل من رتباتها سجالات تحصل بين باسيل وحزب الله، وبين ميشال عون ونبيه بري، وبين أجنحة قوى التغيير .. وأيضاً ستحصل “مشاهد اثارة”، تتعلق بتمديد لموظف مهم وكبير هنا، أو موظف كبير، ولكنه قليل الأهمية، هناك ..