الهديل

ملتقى بيروت عقد ندوة عن أزمة الكهرباء… بيضون: نطالب بتأليف لجنة تحقيق نيابية في ملف الكهرباء

 

 

 

عقد “ملتقى بيروت” في مقرّه ندوة عن أزمة الكهرباء تحدّث فيها مدير عام الاستثمار سابقاً في وزارة الطاقة الأستاذ غسان بيضون وحاورته الإعلامية في تلفزيون “الجديد” السيدة ريمان ضو، حضرها النواب الأستاذ فؤاد مخزومي واللواء أشرف ريفي والأستاذ فيصل الصايغ وشخصيات سياسية وثقافية واجتماعية.

 

بدأت الندوة بكلمة لرئيس الملتقى الدكتور فوزي زيدان رحّب فيها بالحضور وجاء فيها: يعاني اللبنانيون منذ أكثر من عقدين من الزمن تقنيناً في التيار الكهربائي، حتى أصبح أمراً ثابتاً في حياتهم. وعلى رغم الوعود الكاذبة من المسؤولين الذين توالوا على وزارة الطاقة منذ عشر سنوات وحتى اليوم بأننا سنحصل على الكهرباء 24/24 إلا أنّ الثابت هو فسادهم واختفاء الأموال المخصصة لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء في جيوبهم، وازدياد فترات التقنين حتى وصلنا اليوم إلى 24/24 انقطاع للتيار.

 

وأردف قائلاّ بأنّ كلفة إعادة تأهيل قطاع الكهرباء وتطويره بعد الحرب الأهلية وصلت إلى حوالى 1,8 مليار دولار من دون معالجة النقص المتزايد في التغذية والحدّ من النزف المتزايد في الخزينة، أو الاعتماد على معامل الانتاج الفاقدة القدرة وعلى شبكات التوزيع المهترئة أو تنظيم جباية عادلة وشاملة.

 

وقال بأنّ إنتاج لبنان من الطاقة الكهربائية يقدّر بين 1800 و2300 ميغاوات، بينما يقدّرحجم الطلب حالياّ بـ4000 ميغاوات، بما يؤدّي إلى انقطاع التيار 10-12 ساعة يومياً، كما أنّ الطلب على الطاقة يزداد بنسبة 7% سنوياً. وتقدّر الخسائر الفنية في نقل الكهرباء بـ15% في حين تتجاوز الخسائر غير الفنية، مثل السرقة والجباية غير المنتظمة إلى 20% من الكميات المنتجة.

 

وأنّه من أجل انتظام هذا القطاع يجب رسم خطة مستقبلية تؤدّي إلى التوازن المالي في كهرباء لبنان بالتوازي مع طاقة 24/24 من خلال اعتماد استراتيجية المحروقات كأساس لتوليد الكهرباء، بأقل التكاليف الممكنة والمتوافرة، ورسم استراتيجية فاعلة تلحظ إعادة النظر قي التعرفة والجباية ووقف السرقات.

 

وطالب بالإسراع بإنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء، تكون مهماتها: الإشراف على تنفيذ الخطط الموضوعة، ومراقبة طريقة إجراء المناقصات لإنشاء وتأهيل المعامل وعمليات التوزيع، وتهيئة كهرباء لبنان إدارياً وقانونياً للتشركة بين القطاعين العام والخاص، في ميادين الإنتاج والتوزيع والجباية.

 

وختم قائلاً: بأنّ أزمة الكهرباء قضت على مدّخرات اللبنانيين وأثّرت سلباً على حياتهم وعلى الاقتصاد الوطني، ويحتاج حلّها إلى رجال مسؤولين يتمتعون بالكفاءة والخبرة والنزاهة والرؤى المستقبلية، ويضعون مصلحة لبنان واللبنانيين فوق كل اعتبار.

 

وبعد انتهاء زيدان من كلمته، بدأ الاستاذ غسان بيضون مداخلته باستعراض المراحل التي مرّت بها أزمة الكهرباء اعتباراً من أحداث 1975 التي ألحقت الأضرار بمنشآت المؤسّسة وشبكتها وأدّت إلى تراجع أدائها وعجزها عن تأمين الإنتاج الكافي.

 

وانتقل إلى مرحلة النهوض التي انطلقت من خلال البند الخاص من قطاع الطاقة من خطة النهوض وإعادة الإعمار والتي انتهت أواخر التسعينات ببناء معملين جديدين بقدرة إجمالية بلغت 900 ميغا، على أن يتمّ تشغيلها على الغاز وتحقيق وفر بمئات ملايين الدولارات سنوياً، غير أنّ توفير الغاز من مصر اقتصر على 11 شهراً ثمّ توقّف لعدم الالتزام بدفع المستحقات المترتّبة على لبنان. وقد رافق هذا النهوض رفع التعرفة وتحقيق التوازن المالي للمؤسّسة وتأمين التغدية لحوالي العشرين ساعة في بيروت والعديد من المناطق.

 

هذا النهوض كان يجب أن يستكمل بتطبيق القانون 462/2002، وتعيين الهيئة الناظمة المنصوص عليها في القانون لإعطاء تراخيص وأذونات للقطاع الخاص لتلبية الزيادة على الطاقة، غير أنّ هذ التعيين لم يحصل. واعتباراً من العام 2005، شهدت البلاد أزمات أمنية وسياسية استمرت حتى العام 2009، لم تكن الظروف مؤاتية لتركيز الحكومات على معالجة أزمة الكهرباء. واستعاضت عن ذلك بمنح المساهمات وسلف الخزينة لتأمين استمرارية القطاع.

 

خلال العام 2010 وافقت الحكومة لوزير الطاقة في حينه على ورقة سياسة القطاع التي اقترحها وتلاها صدور القانون 181/2011، الذي وفّر اعتمادات بقيمة مليار و200 مليون دولار واشترط تعيين مجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان والهيئة الناظمة. وكذلك وافق مجلس الوزراء لوزير الطاقة على الاستعانة بالبواخر ومقدّمي الخدمات لفترة انتقالية مدتها 3-4 سنوات. غير أنّ سوء الإدارة ونهج الاستهتار بالقوانين والاستئثار بالسلطة والرغبة بالسيطرة على الاستثمار بالقطاع لعشرات السنوات حال دون نجاح تنفيذ الخطة والوصول بالتغذية إلى 24/24 بنهاية 2015. وعاد القطاع والأزمة إلى حيث كانت لا بل أسوأ، بعد إضاعة فرص ثمينة وانقلاب الظروف التي أدّت إلى الانهيار المالي والاقتصادي وإفلاس الخزينة والوصول إلى حافة جهنم.

 

أما عن الحلول والإمكانيات المتاحة اليوم والمطلوب من الحكومة والمجلس النيابي لمعالجة الأزمة، عرض بيضون وجهة نظره لهذه الناحية. وانتقد الحكومة الحالية وسابقاتها في تبنّيها خطط الكهرباء المتلاحقة في بياناتها الوزارية دون أن تعرف مضمونها. واعتبر أنّ هذه المقاربة كانت بعكس المنطق. واقترح الانطلاق في أيّة معالجة للأزمة ومشاكل القطاع يجب أن يبدأ بالخروج بتفكير الحكومة من صندوق الخطط، وتحريرها من أسرها وتحرير الوزارة من النهج الذي حكمها اعتباراً من العام 2009. وفشلت في تحقيق أيّ تفدّم.

 

وفي معرض انتقاد القرارات الحكومية الخاطئة، ذكّر بيضون بالقوانين التي أولت مجلس الوزراء صلاحيات الهيئة الناظمة وكان آخرها القانون 129/2019 الذي انتهت مفاعيله بتاريخ 30/4/2022. وبالرغم من ذلك وافق مجلس الوزراء بتاريخ 5/5/2022، على نتائج استدراج نوايا كان أجراها الوزير أبي خليل خلال العام 2017، وأسفرعن قبول 11 تجمّع شركات لتولّي إنتاج الطاقة الشمسية في مختلف المناطق لتأمين إنتاج بسيط يتراوح بين 120 و180 ميغا واشترط القرار عدم إعطاء تراخيص خلال ثلاث سنوات، فيكون وزير الطاقة نجح بوضع بجيبه مفتاح حلّ الطاقة الشمسية الوحيد المتاح اليوم.

 

وأكّد بيضون أنّ مبادرة المواطنين في تركيب ألواح الطاقة الشمسية سبقت مؤسّسات الدولة في التوجّه نحو هذا الحلّ، الذي كان يفترض تخصيص الأراضي الشاسعة والصالحة لإنشاء معامل الكهرباء على الطاقة الشمسية، وإجراء مناقصات تؤمّن الطاقة لمجموعات قرى متجاورة. وأضاف بيضون أنّ البلد بحاجة لإعادة درس وتوحيد الإطار القانوني المشتّت الذي يرعى شؤون القطاع وإقرار لامركزية الطاقة والإجازة للبلديات الكبرى، بما فيه بلدية بيروت، ولاتحادات البلديات بإنتاج الطاقة بالتعاون مع القطاع الخاص.

 

وذكّر بيضون بالمحاولات والدراسات والعروض الخاصة بتأمين الكهرباء لمدينة بيروت وأبدى استعداده بالمشا ركة في أيّة لجان يمكن أن تتشكّل لهذا الغرض.

 

وحول تحديد المسؤوليات عن فشل تنفيذ الخطط والأعباء التي تكبّدتها الخزينة بنتيجتها، اقترح بيضون لجنة تحقيق برلمانية وإجراء تحقيق جنائي تتولّى التحقيق والتدقيق وترتيب المسؤوليات.

 

وفي معرض التعليق على خطة الطوارىء ورفع التعرفة والبحث عن تمويل المحروقات بسلفة خزينة جديدة، أبدى انتقادات عديدة حول عدم قانونية ما يحصل وتوقّع فشل هذه المحاولات. واقترح على مجلس الوزرء تجميد التعرفة والمباشرة بإعادة درسها لا سيّما أنّ البنك الدولي قدّم مليون دولار لهذه الغاية إضافة إلى درس الأوضاع المالية لمؤسّسة الكهرباء.

 

وبعد اقتراح استعانة مجلس الوزراء بقدامى إداريي كهرباء لبنان من المشهود لهم بالخبرة والكفاءة بصيغة هيئة استشارية، ختم بيضون باقتراح الاهتمام في المرحلة الحاضرة بتحضير القانون المناسب بانتظار استقرار الوضع الاقتصادي واستعادة الثقة بالبلد.

 

ثمّ ألقى النائب مخزومي مداخلة تقنية وقانونية مطوّلة وقيّمة، كما كانت هناك مداخلات للنائب ريفي وبعض الحاضرين.

Exit mobile version