الهديل

من فجّر مرفأ بيروت ومن يجرؤ على الكلام؟

 

 

كتب عوني الكعكي:

بالرغم من مرور حوالى سنتين ونصف السنة على تفجير المرفأ، وبالرغم من كل المناشدات لأهالي الضحايا الذين يستمرون منذ اللحظة الأولى للانفجار بالمطالبة بالكشف عن الجهة التي فجّرت المرفأ… ظلّت النتيجة لا جواب. أما المراحل التي مرّت فيها هذه القضية والأفلام المموّهة التي عملت حولها بدءاً من عملية التلحيم في المستودع الى عملية رحلة الباخرة التي نقلت المواد المتفجّرة الى عدم السماح للباخرة بدخول مرفأ بيروت فظلّت بعيدة الى تتبع مسيرتها قبل الدخول الى بيروت، فلم تكشف شيئاً فقد قيل بأنّ الباخرة “روسوس” المحمّلة بنيترات الأمونيوم غادرت “باطومي” في جورجيا في 27 أيلول عام 2013… ثم توقفت في العاصمة اليونانية أثينا لمدّة 4 أسابيع… ثم رست هذه الباخرة في مرفأ بيروت في 21 تشرين الثاني 2013.

وقيل أيضاً بأنّ “روسوس” تم بناؤها عام 1986. كما قيل أيضاً بأنّ الباخرة باتت قديمة، ففي تموز من عام 2013 وفي مرفأ أشبيلية الاسباني وجد المفتشون في السفينة 14 نقصاً أو مخالفة. وعام 2012 انتقلت ملكيتها الى رجل الأعمال الروسي ايغور غريشوشكين المقيم في قبرص..

المصيبة الثانية هي: كيف تعامل القضاء اللبناني مع القضية، وهو يبدو مغلوباً على أمره وغير قادر على وضع أي اتهام؟.. والكارثة الحقيقية ان عدداً كبيراً من المسؤولين ومن الذين لهم علاقة بالمرفأ على الصعيد الاداري وعلى الصعيد الأمني الذين لا يزالون في السجن، والقضاء غير قادر على محاكمتهم بانتظار أن تحلّ قوة ربانية، تستطيع أن تقول الحقيقة.

المصيبة الثالثة: أن ليس هناك أي مسؤول عن المرفأ من إداريين أو مسؤولين في الجمارك أو قوى الأمن أو أي جهاز أمني آخر يجرؤ على الاعتراف بحقيقة ما جرى.

الحقيقة واضحة… لكن لا أحد يجرؤ على الإفصاح عنها. وهنا لا بد أن نسجّل للدكتور سمير جعجع وضوحه في حديثه الأخير حين قال: “دول العالم لا تساعدنا على كشف حقيقة تفجير مرفأ بيروت، لأنها لا تريد أن “تزعل” إيران.

إظن ان هذه المعلومة الصريحة والواضحة تضع الاصبع على الجرح.

فهل يا ترى نتوصل الى معرفة من استقدم النيترات؟ ومن خزّنها؟.. ولماذا؟

وَلْنَعُدْ بداية الى الخبر الذي نشرته وكالة الصحافة الفرنسية بُعَيْد تفجير المرفأ مباشرة نقلاً عن الاذاعة الاسرائيلية بأنّ إسرائيل هي التي قصفت ودمّرت “متفجرات” في مرفأ بيروت كانت مخزنة…

تلا ما نشرته وكالة الصحافة الفرنسية تصريح رئيس الأركان الاسرائيلي يومذاك غادي ايزنكوت “إنّ إسرائيل فجّرت مستودعاً للذخائر في مرفأ بيروت يتبع لحزب الله، لافتاً الى انها لم تكن تعرف أنّ فيه كميات هائلة من الأمونيوم المتفجّر”.

بعد ذلك كله، صمت الاسرائيليون ولم يعودوا يتحدثون عن هذا الأمر. لكنّ المراقبين يؤكدون ان اسرائيل قصفت المرفأ بصاروخ واحد أولاً، أحدث حريقاً بسيطاً، لكن اسرائيل عادت وقصفت المرفأ بقنبلة ذرية صغيرة أحدثت هذا الدمار والتكسير في المنطقة الشرقية، وهو دليل على صحة هذه الفرضية، وما نفبها إلاّ خوفاً من الاعلام لقصفها مكاناً مدنياً.

هذا يعني ان المواد المتفجّرة أي “النيترات” لها علاقة بإيران، كما أعلن الدكتور جعجع، من هنا نفسّر تصريح السيد حسن نصرالله بعد التفجير آمراً مواطنيه ومحبيه بالاسراع الى أخذ “التأمين”، ما يعني انه حاول بسرعة “لفلفة” الموضوع.

كذلك لو توقفنا عند الذين قتلوا بطريقة غامضة لا بل يدور حولها شكوك، نبدأ في المصوّر الصحافي الذي قتل وهو خارج من منزله في الكحالة، واسمه جوزيف بجاني، فلماذا قتل؟ وما هي الصوَر أو اللقطات التي صوّرها وتم إخفاؤها؟ طبعاً كثير من الاسئلة ولا أحد يملك جواباً لها.. إلاّ ان عملية القتل لها علاقة بانفجار المرفأ.

الثاني: ضابط الجمارك العقيد منير أبو رجيلي الذي قتل أيضاً بطريقة غامضة مصاباً بضربة في الرأس في منطقة قرطبا… وتضمنت مسيرة ابو رجيلي المهنية رئاسة شعبة المكافحة في المجلس الأعلى للجمارك.

الثالث: العقيد الراحل في الجمارك اللبنانية جوزيف سكاف الذي وُجد ميتاً عام 2017، وقد صرّح أهله يومذاك، إنّ وفاته لم تكن طبيعية بل هي جريمة قتل عن سابق تصوّر وتصميم.

الرابع: مقتل المفكّر والاعلامي البارز لقمان سليم الذي اغتيل في جنوب لبنان بعد اختفائه ليل 3 شباط، وهو الذي كان انتقد التحقيق الفاشل في المرفأ..

أخيراً، كنت أتمنى أن يتوقف الجميع عن الكلام، وبالأخص نائب رئيس “القوات” النائب جورج عدوان عن مطالبته بالكشف عن حقيقة تفجير المرفأ، وأن يكتفي بكلام رئيس “القوات اللبنانية” الذي كان الوحيد الذي تجرّأ على اتهام إيران وجماعتها بالتسبّب بتفجير المرفأ.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version