خاص الهديل:
عام ١٩٧٥ حينما اغتيل معروف سعد ، كان هناك لدى المستوي السياسي و الأمني المطل حينها بعمق على الوضع اللبناني، سؤالا ملحا وهاما يبحث عن اجابة عنه ، وهو لماذا اختيار معروف سعد بالتحديد ليكون هدفا للاغتيال في تلك المرحلة ؟؟..
.. وبعلم البحث عن الحقيقة في الاغتيالات والتفجيرات الارهابية الكبيرة، فإن الإجابة عن سؤال لماذا حدث هذا الاغتيال او التفجير (؟؟ )، يؤدي للإجابة عن سؤال من المستفيد ومن المنفذ؟؟..
بمعنى اخر ، فإن نقطة البداية في اي تحقيق في الجرائم السياسية الكبيرة يجب أن يبحث عن الهدف السياسي المطلوب تحقيقه منها؛ ومعرفة الهدف السياسي سيقود إلى معرفة الجهة المنفذة.
انذاك وجد الباحثون في ملف اغتيال معروف سعد ان الذين اختاروه بعينه كهدف لهم، إنما أرادوا من ذلك، تحقيق امرين إثنين أساسيين في تلك الفترة السياسية :
الأولى يتعلق برمزية معروف سعد الزعيم الشعبي الذي يتبعه شارع يتفاعل عاطفيا بسرعة مع الحدث المتصل به ؛ ولما كان المطلوب ان تسفر جريمة الاغتيال عن استفزاز بيئات شعبية هناك صعوبة في ضبط انفعالاتها، وأن يستتبع الجريمة ردود فعل امنية وسياسية في الشارع اللبناني المطلوب تفجيره؛ فإن معروف سعد كان يمثل واحدة من ابرز الشخصيات التي يحقق اغتيالها هذه الأهداف: تفجير الشارع امنيا وعدم ابقاء ردود الفعل سياسية.
الأمر الثاني الأهم هو العلاقة القوية التي تربط معروف سعد بالعامل الفلسطيني النشط والوازن امنيا وسياسبا انذاك في لبنان .. وأغلب الظن ان مخططي اغتيال سعد رإوا حينها انه عبر اغتياله يمكنهم توريط كل البيئة السياسية المستهدفة بردود فعل انفعالية تؤدي الى اشعال فتيل الحرب؛ فإغتيال سعد وفق هذا ” المنطق التأمري” يؤدي الى توجيه “رسالة اعلان حرب على القوى الشعبية اليسارية المسلمة”، وبنفس الوقت ” رسالة اعلان حرب على حلفائهم الفلسطينيين” .. و بالنظر للرابط الديموغراقي والاقتصادي العميق بين مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة للفلسطينيين، الواقع في جوارها والذي يعتبر سياسيا المخيم الأهم في لبنان، كان طبيعيا ان يصبح الفلسطيني متورطا موضوعيا في مسلسل ردود الفعل على اغتيال معروف سعد الذي يمثل استهدافه في الواقع ” لحظة إشعال فتيل الحرب الأهلية والطائفية والمسيحية – الفلسطينية ، الخ.. “..
السؤال المهم والملح حاليا هو هل نحن الآن في لحظة تشبه لحظة إغتيال معروف سعد؛ بمعنى اخر هل المطلوب اغتيال شخصية لها مواصفات ان اغتيالها يستتبع “تفحير الشارع”، وليس فقط تفحيرا سياسيا.. وايضا يؤدي اغتيالها إلى تفلت بيئات شعبية وزانة من الصعب ضبطها ، وايضا يؤدي اغتيالها إلى استفزاز و توريط العامل الديموغرافي الخارجي الأهم والوازن والمقيم في لبنان ؛ واذا كان هذا العامل عشية الحرب الأهلية اللبنانية هو الفلسطينيين، فهل اليوم هو ” النازح السوري” ؟؟.
بكلام موجز، فإنه اذا كان المطلوب فوضى أمنية تؤدي لحرب أهلية تكرر ما حدث بعد اغتيال معروف سعد ، فحينها يمكن توقع اغتيال شخصية لها مواصفات سعد ، وذلك لجهة ان اغتيالها يجعل الشارع يتفجر، ويجعل بيئات شعبية وازنة تخرج عن السيطرة، و يؤدي اغتيالها إلى توريط العامل الديمواغرافي الخارجي الأهم المقيم في لبنان، وهو هذه المرة السوري.
.. أما إذا كان هدف الاغتيال المتوقع هو احداث “هزة سياسية كبيرة” ، ولا تنزل تداعياتها إلى الشارع، فإنه في هذه الحالة يصبح من المتوقع ان يتم استهداف شخصية سياسية يؤدي مقتلها إلى توجيه رسالة تحذير للاخرين من أفراد الطبقة السياسية، بأن عليهم فعل شيئ من أجل وقف دولاب الاغتيالات الذي بدأ يقترب منهم جميعا. والسؤال هنا، من هي هذه الشخصية اللبنانية التي فيها مواصفات ان اغتيالها يؤي الى اخافة بقية السياسيين اللبنانيين؟!.