الهديل

الدكتور فوزي بو رسلان للهديل : فلتقم الدولة بخصخصة القطاعات الأساسية لحل أزمة المودعين

خاص الهديل:

 

ماذا يقول الدكتور فوزي بو رسلان “رئيس مجموعة رسلان الإقتصادية” للهديل حول الوضع الإقتصادي الحالي وماذا ينتظرنا مالياً واقتصادياً خلال المرحلة المقبلة؟

* كيف ترى الوضع المالي بعد تخلف لبنان عن دفع ديونه المستحقة الى الخارج وهل سيكون المودع ضحية هذه الخطوة؟

– المودع عندما يضع أمواله في المصرف يعتبرها أمانة عنده سواء من خلال اتفاق مسبق أو عندما يريد المودع سحبهم ساعة يشاء، في البداية لا بد أن نتحدث عن الهندسات المالية التي وضعها الدكتور رياض سلامة فنحن نعلم أن البنك المركزي يصدر الـ”البوندز”، ويبعونها الى المصارف لقاء فوائد معينة، أي أن هذه العملية تأتي لمصلحة الدولة، والدكتور سلامة لم يخترع شيئاً من عنده واستطاع تأمين ذلك، مما أدى الى إيجاد ديون دولية بالـ”بوندز” بالإضافة الى الديون الداخلية. 

الدكتور حسان دياب رفض دفع الديون، وكانت قيمتها مليار و200 ألف دولار وهي عبارة عن ديون مستحقة، وفي الوقت نفسه كنا نملك 37 مليار دولار كاحتياطي، وهذه كانت غلطة كبيرة، وهذا الأمر لا يلام عليه دكتور سلامة، ولا المودعين، فالمودعون في عالم آخر، لأن ليس المودعين جميعاً يعرفون حقوقهم وواجباتهم، لذلك تعود المسؤولية على من هم في السلطة، فمنذ ثماني سنوات لم يكن لدينا حكومة، ولا رئاسة ثم لحقتها ست سنوات من الكوارث، ويقال أن الدكتور حسان دياب كان يريد دفع “البوندز” إلا ان الرئيس لم يكن يريد ذلك. 

والمودعون ليس لهم علاقة بذلك هم يريدون أموالهم فقط لا غير. العرض الذي قدمه الدكتور سعادة الشامي الذي لم نسمعه منه رسمياً ولكن من بعض الصحف والنواب، أنه عرض على البنك الدولي من أجل الغاء ديون لبنان بأن يتحمل المودعون 55% من الخسائر و45% تقسم بين البنوك والدولة والبنك المركزي، وهذا ليس قانونياً ولا إنسانياً. لأن المودع عندما وضع امواله في تصرف الدولة والدولة من واجبها أن ترد له أمواله وأن تفي ديونها. ومن واجب البنك المركزي أن ينشط العملة الوطنية وعملية الصرافة وغيرها، وعليه أن يعمل على المحافظة على العملة الوطنية فهو يعمل عند الحكومة ولا يتصرف من عنده، إلا اذا كان هناك طلب من الحكومة.

* كيف تصف الوضع المالي حالياً؟

– لدينا الآن احتياطي ما بين 7 و8 مليار دولار أين ذهبت الى 30 مليار؟ الاستيراد بلغ عام 2022 40 % من الكتلة النقدية بالرغم من انخفاض الكتلة الشرائية عند الناس، فأين ذهبت الأموال فنحن للاسف نستورد الى لبنان وسوريا وهذا واقع اقتصادي سيء، لأنه ليس هناك دولة في العالم تقدم على هذا التصرف فواجب المصارف أن تدفع للمودعين أموالهم وواجب الدولة أن تسدد ديونها للمصارف، ويعود البنك المركزي الى تنشيط الدورة الاقتصادية، لأن الوضع الاقتصادي في البلد لا يمثله وزير الاقتصاد أو وزير المالية وحتى رئيس الحكومة وإنما الحكومة مجتمعة بالاضافة الى المجلس النيابي ورئاسة الجمهورية، وجميعهم مجتمعين يستطيعون القيام بهذه الخطوة.

* ما هي الخطة الانقاذية المناسبة التي تراها للخروج من هذا الوضع؟

– نحن نعيش على أمل انتخاب رئيس لأن الوضع الاقتصادي الحالي والمصرفي بالإضافة الى الوضع النفسي هو وضع لا يطمئن على الإطلاق لأنه لا يوجد دولة. فالدولة هي عبارة عن أرض وشعب وحكم، أرضنا جميلة وشعبنا واع ومثقف، ففي أية مؤسسة هناك ما يسمى بالتنفيذ والمراقبة، الحكومات في لبنان تعتمد على سياسة الترقيع وأنا لا أتحدث عن الحكومة الحالية، بل عن الحكومات السابقة أيضاً، ففي سلطنة عمان يخططون كيف ستكون بلدهم في 2040وفي المملكة العربية السعودية تجاوزوا خطة 2030 وهم الآن يعملون على خطة 2040. أما نحن فنقوم بإصلاح ما قمنا به من أخطاء في السنوات الماضية لأنه قبل الست سنوات الأخيرة كان الدولار بـ1500 ليرة، وكانت المستشفيات تعمل والادوية متوفرة والمواد الغذائية وحليب الاطفال، ولكن بسبب الادارة السيئة تم القضاء على كل شيء بسهولة. إذا كان الأب لا يضع خطة ليسير عليها منزله واولاده سيخسر كل شيء فكيف بالبلد يجب ان يكون هناك قيادة حكيمة وأن يتحاشوا الدين الخارجي، الآن هم يطلبون من البنك الدولي قرضاً بقيمة 3 مليار دولار خلال فترة اربع سنوات، أي 750 مليار في السنة الواحدة.

المطار سجل هذا العام 600 مليون ربحاً صافياً والبورات الشرعية 900 مليون، فلتقوم الدولة بخصصة هذه القطاعات أي الكهرباء والبور والمطار فاذا قاموا بخصخصة 10% من المطار والبور والكهرباء عندها سيقومون بتأمين 6 مليار دولار وليس 3 مليار دولار فقط، لأن من سيشتري هذه الأسهم سيتطلع الى المستقبل ويكون هدفه الربح والدولة بدورها ستكون رابحة لأنها ستشارك في الأرباح بالإضافة الى الضريبة التي ستحصل عليها من القطاع الخاص الذي سيستثمر المؤسسة، لذلك فإن لبنان ليس بحاجة الى الاستنادة من الخارج لأنه بلد غني بموارده.

فقد كنت منذ فترة في أمريكا وكل القطاعات المنتجة هناك هي ملك للقطاع الخاص مثل الماء والكهرباء، ففي الولايات المتحدة يبلغ سعر الكليوات الواحد 80 سنتاً كذلك الحال في سلطنة عمان والامارات العربية المتحدة كل شيء هناك ملك للقطاع الخاص والدولة تجني أرباحاً طائلة من جراء الضرائب التي تجنيها، والقطاع الخاص يقوم بدراسة ويضع خطة بحسب السوق بهدف جني الارباح وهذا القطاع من صلب عمله هو تطبيق الخدمات وليس تطبيق القوانين لذلك فإن الوضع الاقتصادي بحاجة الى رأس للسلطة.

* هناك مقولة بأن لا اقتصاد من دون مصارف، ولا مصارف من دون مودع ما رأيك بهذه المقولة؟

– في البداية لا بد من الاشارة بأن بعض المسؤولين وبعض المتمولين و السياسيين قاموا بتحويل اموالهم الى دول اخرى مما أدى الى انخفاض الكتلة النقدية، فقد كان لدينا 187 مليار دولار في البنوك والبنك المركزي كان لديه احتياطي من 30 الى 32 مليار دولار وهذا الاحتياطي هو ليس للبنك، وإنما للمودعين والبنوك يضعون 15% في البنك المركزي كاحتياط، لذلك فهم يضمنون 100 الف دولار في حال أفلس البنك.

وللأسف نحن الآن في حالة بكاء على الماضي، ولا نتطلع الى العشر سنوات القادمة وهذه مسؤولية الحكم والحكومة بالاضافة الى المسؤولين التنفيذيين من دون ذلك لن يتحقق أي تقدم.

إذا كنت احب السعودية وسلطنة عمان والامارات فهذا ليس معناه انني اكره سوريا وإيران ولكن فليفعلوا شيئاً لكي يجعلونني أحبهم.

في النهاية نحن بحاجة الى تفكير جدي الى استراتيجية الى خطة والى رؤية لأنه من المستحيل ان نبقى في حالة ترقيع وحالة بكاء على الماضي دون النظر الى المستقبل.

Exit mobile version