الهديل

ما لا تعرفه عن تاريخ العلكة الذي بدأ قبل 10 آلاف سنة

العلكة، أو chewing gum، هي واحدة من تلك الأشياء التي صارت ترافق معظم الناس، سواء كنا نمضغها أو لا، فإن معظمنا يتعامل معها بشكل يومي، بعد أن صارت الهدية المفضّلة للأطفال، أو السلاح السري الذي نحتفظ به في حقائبنا ضد رائحة الثوم والبصل، كما أنّها المادة اللزجة التي تجعلنا نمشي على الأرصفة بشكلٍ غير مستقيم؛ تفادياً لبقايا العلكة من الالتصاق بملابسنا وأحذيتنا.

العلكة بدأت قبل 10 آلاف سنة!

مع ذلك، فإنّ العلكة ليست شيئاً مُستحدَثاً في العصر الحديث، فقد تم استخدام العلكة بأشكال مختلفة منذ العصور القديمة.

 

هناك أدلة على أن سكان شمال أوروبا كانوا يمضغون لحاء البتولا منذ 10 آلاف سنة، ربما للتمتع بها وكذلك للأغراض الطبية، مثل تخفيف آلام الأسنان، إذ عثر العلماء أقدم حمض نووي بشري يبلغ عمره نحو 10 آلاف عام، في علكة كان يمضغها الناس بالدول الاسكندنافية خلال فترة العصر الحجري.

 

في أمريكا الجنوبية، كان شعب المايا القديم يمضغ مادة تسمى الشيكل وتشبه العلكة، مشتقة من شجرة sapodilla (السابوديلا)، من أجل إرواء العطش أو محاربة الجوع.

 

كما استخدم شعب الأزتيك أيضاً مادة الشيكل، وكانت لديهم قواعد حول قبولها الاجتماعي. يشير جينيفر ماثيوز، مؤلف كتاب Chicle: The Chewing Gum of the Americas، إلى أنه لا يُسمح إلا للأطفال والنساء العازبات بمضغه في الأماكن العامة.

 

كما يمكن للنساء المتزوجات والأرامل مضغه على انفراد لتنشيط أنفاسهن، بينما يمكن للرجل مضغه سراً لتنظيف أسنانه.

 

أمّا في أمريكا الشمالية، فكان السكان الأصليون يمضغون الصمغ التجاري لشجرة التنوب الذي يشبه العلكة، وهي ممارسة استمرت مع المستوطنين الأوروبيين الذين تبعوا ذلك.

 

تطور العلكة في القرن الـ 19

في أواخر الأربعينيات من القرن الـ19، طوّر جون كيرتس أول صمغ تجاري لشجرة التنوب عن طريق غليان الراتنج، ثم تقطيعه إلى شرائح كانت مغطاة بنشا الذرة لمنعها من الالتصاق ببعضها البعض.

 

بحلول أوائل خمسينيات القرن الـ19، كان كورتيس قد شيد أول مصنع للعلكة في العالم، في بورتلاند بولاية مين.

 

كما اتضح فيما بعد، أن راتنج التنوب ليس مثالياً لإنتاج العلكة، إذ لم يكن طعمه رائعاً، وأصبح هشاً عند مضغه، هذا الإشكال جعل كورتيس وآخرين ممن قفزوا إلى تجارة العلكة بعد ذلك، إلى إضافة مكونات للعلكة مثل شمع البارافين.

 

جاء التطور الرئيسي التالي للعلكة عندما وضع المخترع في نيويورك، توماس آدامز، يديه على بعض الشيكل من خلال الرئيس المكسيكي المنفي أنطونيو لوبيز دي سانتا آنا، الذي كان يطمح إلى تطوير الشيكل ليتحوّل إلى بديلٍ للمطاط.

 

بدأ آدامز في تجربة الشيكل، ولكن عندما فشل عمله في تحقيق النتائج المرجوة، تخلى سانتا آنا عن المشروع. أدرك آدامز في النهاية أنه بدلاً من محاولة إنشاء بديل مطاطي، يمكنه استخدام الشيكل لإنتاج نوع أفضل من العلكة.

 

أسس أدامز شركة بحلول أواخر ثمانينيات القرن الـ18، كانت تصنع العلكة في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، وكان الشيكل، الذي تم استيراده إلى الولايات المتحدة من المكسيك وأمريكا الوسطى، بمثابة المكون الرئيسي في مضغ العلكة حتى استبدله معظم المصنّعين بمكونات اصطناعية بحلول منتصف القرن الـ20.

 

العلكة تكتسح العالم في القرن الـ20

في القرن الـ20، جعل العلكة William Wrigley أحد أغنى الرجال في أمريكا، بدأ ريجلي عمله كبائع صابون في مسقط رأسه فيلادلفيا، وبعد انتقاله إلى شيكاغو عام 1891، بدأ في تقديم حوافز لأصحاب المتاجر لتخزين منتجاته، مثل العلب المجانية من مسحوق الخبز مع كل طلب. عندما أثبت مسحوق الخبيز نجاحاً أكبر من الصابون، باع ريجلي ذلك بدلاً من ذلك وأضفه في عبوات مجانية من العلكة كترويج.

 

وفي عام 1893، أطلق علامتين تجاريتين جديدتين للعلكة، هما Juicy Fruit وWrigley’s Spearmint. نظراً لأن مجال العلكة أصبح مزدحماً بالمنافسين، قرر ريجلي أنه سيجعل منتجاته تبرز من خلال الإنفاق بشكل كبير على الإعلان والتسويق المباشر.

في عام 1915، أطلقت شركة ريجلي حملة أرسلت فيها عينات مجانية من العلكة الخاصة بها إلى ملايين الأمريكيين المدرجين في دفاتر الهاتف على سجلاتها التسويقية.

 

لعبت المنافسة أيضاً دوراً في تطوير العلكة، فمثلاً أراد فرانك فلير، الذي كانت شركته تصنع العلكة منذ حوالي عام 1885، شيئاً مختلفاً عن منافسيه وأمضى سنوات في العمل على منتج يمكن أن يتحول إلى فقاعات.

 

في عام 1906، قام بصنع علكة أطلق عليها اسم Blibber-Blubber، لكنها أثبتت أنها لزجة للغاية.

 

في عام 1928، ابتكر موظف في شركة Fleer اسمه Walter Diemer أخيراً صيغة ناجحة لأول علكة تجارية، أطلق عليها اسم Dubble Bubble.

 

ومع بداية نضوب أشجار السابوديلا المكسيكية بحلول ثلاثينيات القرن الماضي، بدأ مصنعو العلكة في التحول إلى قواعد اصطناعية أرخص مصنوعة من البلاستيك والشمع ومواد أخرى، وبحلول عام 1980، لم تعد الولايات المتحدة تستورد أي شيكل من المكسيك.

 

ومع مرور السنوات بدأت العلكة تأخذ شكلها الحديث من خلال 3 مكونات، راتينج للمضغ، وشمع للنعومة، ومطاط صناعي يحافظ على مرونته.

 

وفي عام 1996 سجلت سوزان مونتغمري ويليامز، رقماً قياسياً في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأكبر فقاعة علكة تم نفخها على الإطلاق، وكان قطرها 66 سم.

 

لكن الشيكل عاد مرة أخرى ليحجز مكاناً له في صنع العلكة، ففي سنة 2009 أطلقت شركة مكسيكية صغيرة تسمى Chicza أول علكة في العالم قابلة للتحلل الحيوي.

Exit mobile version