إذا كنت تبحث عن النجاح في الحياة، فعليك معرفة أن الأمر لا يقتصر فقط على قدراتك الفكرية. فالنجاح يرتبط مباشرةً بـتطوير ما يُعرف بـ”الذكاء العاطفي” (EQ) الذي يساعدك على بناء شبكة علاقات أقوى، وتحقيق أهدافك المهنية والشخصية.
ليس من الضرورة أن يكون أذكى الأشخاص هم أكثرهم نجاحاً في الحياة؛ ولا بدّ أنك تعرف أكاديميين بارعين ومثقفين، ولكنهم مع ذلك غير أكفاء اجتماعياً، وغير ناجحين في العمل أو في علاقاتهم الشخصية.
فالقدرة الفكرية، أو نسبة الذكاء الخاص بك (IQ)، ليستا كافيتين بحدّ ذاتهما لتحقيق نجاحك في الحياة. يحتاج الأمر إلى الذكاء العاطفي، والعمل على تطويره باستمرار.
لكن، ما هو الذكاء العاطفي؟
يُمكن تعريف الذكاء العاطفي بأنه القدرة على فهم واستخدام مشاعرك وعواطفك بطرقٍ إيجابية؛ من أجل تخفيف المشاعر السلبية، كالقلق والتوتر والإحباط، والقدرة على التواصل مع المحيطين بك بفاعلية أكبر.
ما يعني أن الذكاء العاطفي هو بشكلٍ أو بآخر القدرة على فهم وتنظيم المشاعر، مع إدارتها بالشكل الصحيح. وكلّ ما سبق يُعتبر ميزة نفسية، من شأنها أن تعزز قدرتك على القيادة والتعاون مع الآخرين، وزيادة إنتاجيتك.
يُقال في علم النفس إنه يمكن، في فترةٍ لا تتجاوز 7 دقائق، معرفة ما إذا كان الشخص الذي نتعامل معه ذكياً عاطفياً أم لا. لكن، ما السمات التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار لتحديد مدى الذكاء العاطفي للأفراد المحيطين بنا؟
في تقريرٍ نشرته مجلة “La Mente Es Maravillosa” الإسبانية عام 2021، تقول الكاتبة فاليريا سباتير إن الذكاء العاطفي يختلف عن الذكاء المعرفي، ويتمحور بشكلٍ أساسي حول القدرة على التعبير عن المشاعر والسيطرة على الانفعالات، والتكيّف مع المواقف المختلفة.
ويؤكد الخبير في الذكاء العاطفي دانيال غولمان أنه من السهل أن نتعرّف إلى الشخص الذي يملك ذكاءً عاطفياً منخفضاً، مقارنةً بغيره. فهذه الفئة من الناس تتسم بالسلوك الصاخب، الذي ترافقه سرعةً في الانفعال وانجرافاً خلف المحفزات، مع صعوبة في تكوين علاقاتٍ اجتماعية ناجحة.
أما بالنسبة إلى السمات التي تكشف عن الشخص الذي يملك الذكاء العاطفي، فهي تتراوح ما بين التالي:
التعاطف.
الإنصات الجيد للآخرين.
عدم إهمال التواصل البصري.
المحاججة بأسلوبٍ واثق، مع احترام أفكار الآخرين.
فهم ما يدور حولنا، وإظهار ردود أفعالٍ إيجابية تثري النقاش.
الأخذ بعين الاعتبار ردود أفعال الآخرين، وعدم التقليل من قيمتها.
التحكم بالمشاعر على اختلافها.
لكن في الإجمال هناك ما يُعرف بـ”قواعد الذكاء العاطفي” التي، وإن اتبعتها بشكلٍ ملتزم، فيُمكنها أن تساعدك على تطويره.
كيف تعمل على تطوير الذكاء العاطفي؟
من أجل بناء ذكاءٍ عاطفي جيد، عليك اتباع عددٍ من المبادئ أو الإرشادات والبدء في تطبيقها على أرض الواقع أيضاً. إليكم 10 قواعد بسيطة:
1. قاعدة التجديد
هناك خطأ شائع بأن دماغ البالغين راكدة، ولا تملك القدرة على التغيير. لكن العلماء اكتشفوا مؤخراً أن ذلك غير صحيح، وأن الدماغ يمتلك خاصية رائعة تُعرف بـ”المرونة العصبية”.
والمرونة العصبية هي قدرة الدماغ على إحداث تغييرات، بل المشاركة فيها. وبمزيجٍ من التفكير المركّز والتصرفات البنّاءة، يمكنك في الواقع “إعادة برمجة” عقلك واستجاباتك العاطفية. وهذه القاعدة مبنية على 3 خطوات:
التحفيز.
التدريب.
التطبيق.
2. قاعدة المكتب النظيف
يُنصح بتخصيص وقتٍ لتنظيف مكتبك (أو خزانة ملابسك، أو غرفتك) قبل أن تبدأ يومك. فهناك قاعدة علمية تُشير إلى أنه، حين تحاول إنجاز شيءٍ ما، كل عقبة تقف في طريقك من شأنها أن تزيد من صعوبة مهمتك.
وقضاء بضع دقائق في التنظيف والتنظيم سيساعدك على تصفية ذهنك، وهذا بدوره يمنحك شعوراً بالراحة. وفضلاً عن ذلك، يعطيك إنجاز التنظيف شعوراً بالثقة بالنفس، ويحفزك على التقدّم في يومك.
3. قاعدة L.A.U.G.H
إذا كنت مصاباً بـ”متلازمة المحتال”، فستستفيد من قاعدة L.A.U.G.H التي تخالف النصيحة الشائعة “Fake it until you make it”، أو “تظاهر به إلى أن تتقنه”.
تشجعك هذه القاعدة على تبني عقلية النمو، ومشاركة رحلتك مع الآخرين، وتعزيز رأيك الذي تتفرد به. والقاعدة تقول:
تعلَّم Learn.
طبِّق Apply.
افهم Understand.
تطوَّر Grow.
ساعد Help.
4. قاعدة الإقناع
هي قاعدة بسيطة جداً قائمة على 3 خطوات:
اطرح أسئلة استراتيجية.
قدّم براهين صحيحة.
اعرف متى تستسلم.
هذا النوع من الإقناع والتأثير لا ينطوي على أي تلاعبٍ أو خداع، بل يركز على التوعية وإنشاء شراكة مع الشخص الآخر.
5. قاعدة مايا أنجيلو
ما يُطلق عليه اسم “قاعدة مايا أنجيلو” هو في الواقع اقتباسٌ يُنسب غالباً إلى الشاعرة والمؤلفة الشهيرة، تقول فيه: “الناس قد تنسى ما قلته، وقد تنسى ما فعلته. لكنهم لن ينسوا أبداً كيف جعلتهم يشعرون”.
ووفقاً لموقع Inc.com، فإن هذه المقولة ربما قالتها شخصية أخرى، وليس أنجيلو. ولكن سواء كانت هي صاحبتها أم لا، فقد عاشتها بكل تأكيد. وتذكُّر هذه العبارة في علاقاتك قد يساعدك على رؤية الصورة الكاملة، وبناء علاقات أقوى.
6. التزم المصداقية من دون أن تؤذي
المصداقية الحقيقية أن تقول ما تعنيه، وتعني ما تقوله، مع الالتزام بقيمك ومبادئك. لكن يُمكن لشخصيتك أن تعيق تنفيذ ذلك بطريقةٍ لائقة.
على سبيل المثال، لو كنتَ تتمتع بدرجةٍ كبيرة من اللطف، فقد تكون ناشراً للسلام بالفطرة وتتمتع بدرجة عالية من التعاطف، لكن رغبتك في الحفاظ على السلام قد تدفعك ايضاً إلى إخفاء مشاعر “عدم التقبل” أو أن تقول أشياء لا تعنيها فعلاً. وقد تدفعك أيضاً إلى تحاشي المحادثات الصعبة- ولكن الضرورية- مثل حين يُطلب منك إعطاء نقد بناء.
في المقابل، إذا لم تكن من النوع اللطيف كثيراً، فلن تواجه مشكلة في أن تكون “صريحاً” وإخراج الناس من مساحتهم الآمنة والمُريحة. ولكنك أيضاً قد تكسب سمعة بأنك لا تتوقف عن استجواب الآخرين وانتقادهم، وسيتوقف الناس عن الاستماع إلى ما تقوله.
ولذا، سواء كنت لطيفاً أم لا، فعليك أن تزيد من نقاط قوتك وتخفف نقاط ضعفك. إذا كنتَ من النوع اللطيف، ارغم نفسك على التحدث والتعبير عن نفسك حين لا تشعر بالراحة، بل حين يقتضي الأمر ذلك.
أما لو كنت من النوع الأقل لطفاً، فاعمل على التعبير بطريقة يفهمها الآخرون ويكونون على الاستعداد للتعامل معها بجدية، واعتبارها محاولة للمساعدة وليس الأذية.
7. قاعدة لا تجزع
يُعرَّف الجزع بأنه “خوفٌ أو قلقٌ مفاجئ لا يمكن السيطرة عليه، وغالباً ما يتسبب في سلوكٍ بعيد عن العقلانية”.
الخوف طبيعي وصحي في بعض الأحيان. لكن من ناحية أخرى، فإن الجزع يمنع العقل من التفكير المنطقي، وقد يشلّ تفكيرك أو يقودك إلى قرارٍ تندم عليه لاحقاً. فكيف يمكنك إذاً مواجهة مخاوفك من دون جزع؟ عليك ببساطة أن تتعلم السيطرة على أفكارك.
وعوضاً من أن تسمح له بأن يشلّ تفكيرك، عليك أن تمارس الوعي الذاتي: أي أن تتقبل ردّ فعلك العاطفي والجسدي الطبيعي. وهذا يمكّنك من ممارسة الإدارة الذاتية (ضبط النفس) عن طريق تركيز أفكارك على ما هو مفيد في الموقف.
8. هدية الوقت
في عصر السرعة الحالي، إعطاء الوقت للأشخاص الذين تقدّرهم لا يُسعدهم وحدهم، بل يُسعدك أنت أيضاً. كل ما عليك أن تقوم به هو أن تختار شخصاً ترغب في منحه بعضاً من وقتك هذا الأسبوع.
خطّط للقيام بمشروعٍ لم تفعله عادةً مع هذا الشخص؛ قد يكون تناول وجبة وحدكما، أو قهوة، أو زيارة مفاجئة لأحد الأصدقاء المشتركين، أو حتى الذهاب في نزهة على الأقدام.
هي هدية وقت بسيطة نسبياً، لكنها تقطع شوطاً طويلاً في تقوية علاقاتك.
9. الغطاء الأمني
أمضت شركة جوجل سنوات في دراسة الطرق التي يمكنها من خلالها تقوية أداء موظفيها. واعتبرت أن الأمن النفسي، أي توفير بيئة تسمح للموظفين بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية، هو العامل الأول الذي يساهم في تحسين أدائهم.
والمشكلة بطبيعة الحال أننا غالباً ما نجد أنفسنا في بيئات عملٍ -أو خارج العمل- نشعر فيها بكلّ شيء ما عدا الأمان، ولهذا السبب نحتاج إلى “غطاء أمان”: أي شخص، أو مكان، أو شيء، يمنحك القوة والثقة التي تحتاجها لتكون على طبيعتك، فتقدّم أفضل ما لديك.
10. قاعدة الرفض
هذه القاعدة تتكون من 3 أجزاء:
لا ترفض نفسك، بل حاول.
إذا كان الجواب بالرفض، فاسأل عن السبب. قد يؤدي ذلك إلى حصولك على ما تريد، أو آخر قريب منه.
الرفض لا يحدد من أنت، إنما الطريقة التي تتعامل بها مع الرفض.
سيساعدك اتباع هذه الخطوات البسيطة على تحويل الـ”لا” إلى “نعم”، وتغيير الطريقة التي تنظر بها إلى الرفض بالكامل.