أعلنت شركة مايكروسوفت الأسبوع الماضي عن المرحلة الثالثة من شراكتها طويلة الأمد مع شركة (OpenAI) المطورة لروبوت ChatGPT من خلال استثمار متعدد السنوات بمليارات الدولارات. وستساعد هذه الشراكة في إبقاء الشركتين في طليعة ما يُعرف باسم (الذكاء الاصطناعي التوليدي) Generative AI، وهي التقنيات المستخدمة في روبوت ChatGPT التي تساعد في إنشاء تنسيقات المحتوى المختلفة مثل: النصوص والصور والموسيقى ببساطة من الأوامر النصية.
وقد أفادت تقارير سابقة أن مايكروسوفت تخطط لإطلاق نسخة من متصفح الويب التابع لها بينج (Bing) تستخدم فيها (ChatGPT) للإجابة عن استعلامات البحث، في خطوة يمكن أن تغير طريقة البحث التقليدية. وقد يصبح Bing قادرًا على تقديم تجربة بحث تتفوق فيها على محرك البحث جوجل.
في هذه المرحلة، لا نعرف بالضبط ما قد تبدو عليه نتائج البحث التي تستند إلى الذكاء الاصطناعي في محرك البحث Bing. ومع ذلك، يتوقع الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي تغيّرًا كبيرًا من حيث كيفية تقديم محرك البحث إجابات، وكيفية تفاعل المستخدمين مع محرك البحث.
لن يقتصر التغيير على محرك البحث Bing، فقد أفادت بعض التقارير خلال شهر يناير 2023 أن شركة مايكروسوفت تتطلع إلى إضافة روبوت الدردشة ChatGPT في مجموعة من تطبيقات أوفيس المكتبية، وهي: الوورد (Word)، وبوربوينت (PowerPoint)، وأوتلوك (Outlook). وهذه خطوة قد تغيّر كيفية عمل أكثر من مليار شخص وتُسهّل إنجاز المهام اليومية. على سبيل المثال: عند دمج روبوت Chatgpt في تطبيق Outlook يمكنك أن تطلب منه كتابة بريد إلكتروني حول موضوع معين.
من الناحية الأخرى، تعمل جوجل وشركة (DeepMind) التابعة لها لسنوات على نماذج ذكاء اصطناعي مماثلة لروبوت Chatgpt. لكنها اختارت عدم الكشف عنها للجمهور بشكل صريح بسبب المخاوف من الإجابات الخاطئة والمتحيزة، فعلى سبيل المثال: أطلقت مايكروسوفت في عام 2016 روبوت دردشة يُسمى (Tay) وأوقفته عن العمل في غصون 16 ساعة من إطلاقه بسبب انتقادات لاذعة للشركة بعد أن بدأ الروبوت بنشر تغريدات عنصرية مسيئة، ووفقا لمايكروسوفت فإن السبب في ذلك المستخدمين الذين علموا الروبوت إجابات مسيئة.
حتى ChatGPT، الذي يلتزم بقواعد لإنشاء محتوى إيجابي وودود، يمكن التلاعب به لإنتاج استجابات مزعجة باستخدام مطالبات معينة، لذلك فشركة (Open AI) نفسها حذرت من أن ChatGPT يمكن أن يعطيك إجابات خاطئة، حيث يمكن أن تبدو إجاباته موثوقة ولكنها خاطئة.
ومع ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة DeepMind في مقابلة له مع (Time) هذا الشهر إن شركته تدرس إطلاق إصدار تجريبي خاص من روبوت الدردشة الخاص بها، الذي يُدعى (Sparrow) في وقت ما في عام 2023.
وبهذا يبدو أن الاستفادة من تقنية الذكاء الاصطناعي التي تعمل بها شركة OpenAI والشراكة معها، هي الطريقة التي تحاول بها مايكروسوفت التفوق على جوجل. ومع ذلك، لا يزال محرك بحث جوجل اليوم هو الرائد بلا منازع في السوق كما هو الحال منذ عقود، حيث يستحوذ على 84% من حصة سوق البحث العالمية، مقارنة بمحرك البحث Bing الذي استحوذ على نسبة 9% فقط – على الرغم من نموه في السنوات الأخيرة – في عام 2022.
ما مدى ذكاء ChatGPT؟
ChatGPT عبارة عن روبوت محادثة معقد انتشر على مستوى العالم بعد إطلاق الإصدار التجريبي منه في أواخر نوفمبر كأداة مجانية عبر الإنترنت يمكن لأي شخص متصل بالإنترنت الوصول إليها. تصدّر روبوت الدردشة الذي يستند في عمله إلى الذكاء الاصطناعي عناوين الصحف ويرجع الفضل في ذلك جزئيًا إلى إمكانياته القوية التي ظهرت في المحادثات التي يجريها مع المستخدمين.
إن التقنية الكامنة وراءه ليست جديدة تمامًا، ولكن لم يتمكن أي روبوت محادثة حتى الآن من جذب الانبهار بالطريقة التي فعلها ChatGPT. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن OpenAI قدمت تجربة استخدام أفضل في نموذج GPT-3.5 وهو ما يُعرف باسم ChatGPT.
GPT-3.5 هو نسخة محسنة من GPT-3، الذي ظهر لأول مرة في عام 2020 وقد دُرّب GPT-3 على 570 جيجابايت من البيانات النصية. وبالمقارنة مع النسخة السابقة GPT-2، فإن GPT-3 تمتلك بيانات أكثر 100 مرة. وهذه الزيادة في كمية البيانات غيرت بشكل كبير سلوك النموذج GPT-3 فقد أصبح قادرًا على أداء مهام أكثر.
يمكن لروبوت ChatGPT الرد على مستخدميه بإجابة واحدة واضحة مقارنة بعدد لا يحصى من الروابط التي تقدمها محركات البحث التقليدية. كما يمتلك قدرات تتجاوز بكثير محركات البحث التقليدية، مثل القدرة على إنشاء نص جديد، وشرح المفاهيم، وإجراء محادثة متبادلة مع المستخدم، وما إلى ذلك .
على الرغم من كل الميزات التي يحملها هذا الروبوت، لا يمكن الاعتماد كُليًا على المعلومات الصادرة منه. وقد أقرت شركة OpenAI بنقاط ضعف الروبوت في إصداره الحالي. حيث أشار الرئيس التنفيذي سام التمان في منشور له في تويتر الشهر الماضي أن روبوت ChatGPT يفتقر إلى المصداقية الكاملة، ومن الخطأ الاعتماد عليه في أي شيء مهم في الوقت الحالي.