أزمة الدولار بالعراق.. تفاقم يومي وتحذيرات من طول استمرارها
على مدى أكثر من شهرين وسعر صرف الدينار العراقي يتراجع أمام الدولار الأميركي بوتيرة تصاعدية وبشكل شبه يومي، حيث وصل سعر الصرف الخميس والجمعة، إلى عتبة 170 ألف دينار، وبلغ في بعض الأسواق والبورصات المالية نحو 175 ألف دينار لكل 100 دولار، وهو رقم قياسي لم يسبق تسجيله من قبل.
التذبذب في سعر الصرف بات يقض مضاجع العراقيين وبات شغلهم الشاغل لانعكاساته الكارثية على أوضاعهم المعيشية وقدراتهم الشرائية، التي تتراجع يوميا على وقع ارتفاع أسعار السلع والمواد والخدمات الأساسية، طردا مع تراجع قيمة الدينار مقابل الدولار.
تقلبات سعر الصرف باتت على مدار الساعة، رغم محاولات البنك المركزي العراقي للسيطرة عليها والعودة لسعر الصرف الرسمي المعتمد بحدود 146 ألف دينار لكل 100 دولار، وهو ما يدفع المراقبين والخبراء الاقتصاديين لدق ناقوس الخطر من أن ما يجري سيزيد من زعزعة للاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد، وسيرفع من معدلات الفقر والبطالة والغلاء المرتفعة أصلا.
ماذا يحدث؟
يقول رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية الدكتور رائد العزاوي، في لقاء مع موقع اقتصاد سكاي نيوز عربية:
* انخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي باتت أزمة خطيرة تكاد تطحن المواطنين وخاصة من الطبقات المتوسطة والفقيرة، على وقع انفلات معدلات التضخم وارتفاع الأسعار، حيث أن العملة العراقية وصلت لحد الانهيار، وهو ما يفاقم من صعوبة الأوضاع المعيشية والاقتصادية، في ظل نسب البطالة العالية وارتفاع أسعار السلع البسيطة الأساسية والخدمات .
* من الواضح أن الصراع المحتد بين واشنطن وطهران بات ينعكس على العراق اقتصاديا وبشكل خانق، حيث أن خطوات البنك الفيدرالي الأميركي قادت لكبح تدفق الأموال بالدولار لإيران من العراق، رغم وجود طرق عديدة طبعا لتهريبها لهناك، ومع الأسف العراقيون حكومة وشعبا هم من يدفعون ثمن هذا الأمر .
مطالب أميركية
* رغم المحادثات بين الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي العراقي لتدارك ومعالجة الأزمة، لكن يبدو أنه لم يتم التوصل بعد لحلول ملموسة لها، حيث ثمة مطالبات من الطرف الأميركي بوقف التحويلات المالية الكبيرة وغير المبررة لإيران، ولضبط عمليات دخول الدولار وخروجه من العراق .
ضغوط إيرانية
* بالمقابل يبدو أن ثمة ضغوطا إيرانية ومن قبل جهات سياسية عراقية محسوبة على طهران، للدفع باتجاه الإبقاء على عمليات تهريب الدولار لإيران، ولا يقتصر المستفيدون من ذلك على الجانب الإيراني فقط، بل أن ثمة دول أخرى تستفيد من تهريب الدولار من العراق كسوريا وتركيا .
جهود الحكومة العراقية
* حكومة السوداني تحاول جاهدة اتخاذ خطوات لمعالجة الأمر ووقف نزيف الدولار، لكنها بحاجة لدعم سياسي داخلي لا زال ضعيفا وغير واضح المعالم، حيث لا تريد القوى السياسية المتنفذة القيام بإصلاحات اقتصادية حقيقية ولا تريد وقف تهريب الدولار من البلاد، وهو ما يمثل مشكلة كبرى أمام رغبة السوداني للقيام بتلك الإصلاحات وتطبيقها، ومن يدفع الثمن في المحصلة هو المواطن العراقي كما نشاهد الآن مع أزمة الدينار .
* ورغم أن أسعار الصرف قد ترتفع أكثر فأكثر، لتلامس عتبة 180 ألف دينار وما فوق مقابل كل 100 دولار، وهو ما سيثقل كاهل المستهلكين ومحدودي الدخل خاصة، حيث الغلاء الفاحش وما يستجره من مشكلات اجتماعية وأمنية خطيرة.
وتسبب التقلب في سعر الدينار مقابل الدولار في حالة من الغضب الشعبي، إذ نشبت مظاهرات حاشدة نهاية شهر يناير الماضي أمام مقر البنك المركزي العراقي، احتجاجا على الانخفاض المستمر لسعر صرف الدينار أمام الدولار.
وطالب المتظاهرون الحكومة العراقية بضرورة التحرك واتخاذ إجراءات سريعة للسيطرة على سعر الدينار الذي انخفض إلى مستويات حادة وغير مسبوقة.
السعر الرسمي
كان البنك المركزي العراقي قد قرر في شهر ديسمبر من العام 2020، تعديل سعر صرف الدولار الأميركي أمام الدينار العراقي، إذ بلغ سعر شراء الدولار من وزارة المالية 1450 دينارا، أما سعر بيعه للمصارف 1460 دينارا لكل دولار، فيما يكون سعر البيع للمواطن 1470 دينارا لكل دولار.