كتبت النهار:
عشية يوم مفصلي في مسار التحقيق العدلي في جريمة انفجار #مرفأ بيروت والمواجهة القضائية التي فجرتها عملية تواطؤ واسعة سياسية – قضائية لشل المحقق العدلي طارق البيطار وإزاحته نهائيّاً واجهاض التحقيق ودفنه بدا صعباً التكهّن بما ستؤول اليه التطورات يوم غد الاثنين في ظل تعذر رسم السيناريو الاستباقي للإجراءات التي قد تتخذ أن من جانب البيطار وان من جانب المدعي التمييزي العام غسان #عويدات. واذا كانت إجراءات الاستدعاءات التي حددها البيطار معروفة سلفا سواء حضر المستدعون أم تخلّفوا عن الحضور، فإنّ المحظور الأكبر الذي يمثل بقوة منذرا بتداعيات خطيرة تخرج عن المالوف هو أن يقدم عويدات على مغامرة إصدار مذكرة توقيف في حق المحقق العدلي وهو ما تحذر منه جهات قضائية وقانونية وسياسية باعتبارها ستكون ذروة الانقلاب على التحقيق والمحقق ولا أحد يدري إلى أين ستودي بحالة الاحتقان السائدة.
ولكن المناخ الداخلي حيال هذه المواجهة اتسم بترقّب وانشداد إلى المجريات المحتملة وسط موقف بارز عبر عنه أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت في وقفتهم الشهريّة أمام تمثال المغترب مساء امس وشكل رسالة سلبية قوية موجهة الى عويدات تحديداً. وأعتبرت جمعيّة أهالي الضحايا، في بيان عقب الوقفة، أنّه “مرّة جديدة تَفضَح قضية مرفأ بيروت التدخلاتِ السياسيّة والخارجيّة في القضاء، والذي باتَ يهدّد كيان العدالة ويطعن في كرامة كل قاضٍ نزيه؛ وأمام المشهد الميلشياوي الذي شاهدناه في قصر العدل. قاضٍ يمشي في غرف العدل مدجج بالسلاح. فهل ذلك بسبب الخوف من العدالة؟ وقاضٍ ذات قرارات غير شرعية، غير قانونيّة بل هي سياسيّة خارجيّة وكيديّة وهو المتنحي عن قضية المرفأ لمصاهرته المطلوب للتحقيق النائب غازي زعيتر”.
واعتبرت أنّ “القُضاة ثلاثة، اثنان في النار، وواحد في الجنّة، الذي في الجنّة رجلٌ عرف الحقَّ فقضى به، فهو في الجنّة، ورجلٌ قضى للناس على جورٍ، فهو في النار، ورجلٌ لم يعرف الحقَّ، وقضى للناس على جهلٍ، فهو في النار”.
وتوجّهت الجمعية إلى مدّعي عام التمييز غسان عويدات بالقول: “أيّها القاضي غسان عويدات، أيّهم أنت من بين هؤلاء بعد قراراتك بإطلاق سراح الموقوفين دون الاطلاع على سير التحقيقات، والسماح للموقوف محمد العوف الهروب من وجه العدالة إلى أميركا، وهذا دليل قاطع على قرار خارجي، وإحالة القاضي البيطار للتفتيش القضائي وهو سيد ملف المرفأ، وهو قرار كيدي سياسي”. ودعت “كل من ارتضى أن لا يتصرّف كقاضٍ، ورهن نفسه لخدمة السلطة السياسية واللاعدالة، أن يبادر إلى الاستقالة تمهيدًا إلى المحاسبة والمساءلة، لأنه لم يعد يشبه القضاة، وهو من ساهم في ضرب هيبة القضاة”. ولفتت الجمعيّة، إلى “أننا نود أن نُذكر وزير العدل هنري خوري بمحاولتهِ لِطمس التحقيقات وخلق قاض رديف أو قاض منتدب، وقد أبدعتم بالتسميات، لكنها باءت بالفشل، لأننا لك بالمرصاد، فسعيك بات مفضوحًا، خاصة مع تصرّفاتك الميلشياويّة مع نواب الشعب في مكتبك، فطلبك غير قانوني مع وجود قاضي التحقيق طارق البيطار”. وشدّد الأهالي، على “أننا ما زلنا نُطالب باستقلاليّة القضاء وكَف يد السياسيين عنه، وأصبحنا اليوم نطالب الدولة بإعادة الموقوفين الذين لم تنته جهة التوقيف من قبل القاضي بيطار، ونطالب أيضاً بتنفيذ كل مذكرات التوقيف السابقة وأي تبليغات أو مذكرات حاليّة وفوراً، وكما نطالب أن يسري القانون على جميع المطلوبين مثلما شمل أهالي ضحايا تفجير المرفأ”.
أما في المشهد السياسي، فيبدو واضحاً أنّ المراوحة السياسية تحكم مجمل الوضع وليست هناك بوادر أي أمر داخلي أو خارجي لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي قريباً. وأمس، شدّد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على “ضرورة إلتزام الجميع بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، بدلاً من تعطيله بهدف فرض مرشح يريده الطرف المعطل”. وخلال لقائه في معراب، السفير البابوي لدى لبنان المونسنيور باولو بورجيا، أشار إلى أن “القوات تملك اكبر كتلة نيابية على الصعيدين المسيحي والوطني، ومع ذلك لم يترشح رئيس الحزب وذلك بهدف التسهيل، فدعم المرشح النائب ميشال معوض، الذي حصل على اكبر عدد من أصوات المعارضة”. وقال: إذا كان هناك من مرشح آخر يتمتع بمواصفات معوض ويمكنه الحصول على أصوات اكثر منه، فلا مشكلة لدى القوات ولدى معوض نفسه”، موضحاً أنّ “ما يهم القوات هو مرشح يتمتع بالحد الأدنى من الحضور والهيبة والحس السيادي والإصلاحي. ونوّه جعجع “بالعلاقات التاريخية مع الكرسي الرسولي”، متمنيا ان “يتمكن قداسة البابا من حشد اكبر دعم اقتصادي وانساني للبنان بما له من تأثير معنوي، لاسيما لدى الدول الصديقة والقريبة من الفاتيكان”.
في المقابل، تردّدت أصداء سلبية للغاية حيال كلام لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد تحدث فيه عن “شعبنا” مميزا جمهور “حزب الله” عن اللبنانيين الاخرين من خلفية استقوائية فقال: “إنّ أعداءنا يحاولون تحويل الاستحقاق الرئاسي في لبنان إلى منصة للإمساك برئيس للجمهورية ينفذ سياساتهم، ويستكمل مشروعهم لتضييق الخناق على المقاومة”. وشدّد خلال لقاء حواري في الجنوب، على “أننا لسنا نحن من يعطّل البلد، وإنما الذي يعطّله، هو من يضع يده عليه بنقده ومصارفه وسياساته وحصاره وعقوباته، ويمنع أن تصل الكهرباء إليه، وأن تأتي المساعدات إلى الشعب اللبناني”، لافتاً إلى أن الأزمة التي يعيشها لبنان، تُخرج أصواتاً تحت عنوان “بأنه لم نعد نحتمل”، ولكن هذه الأصوات تزرع التثبيط والإحباط عند الناس، وتخدم مشروع العدو الذي يريد أن ترتفع مثل هذه الأصوات لتسهم في تعديل موازين القوى”.
كما توجّه رعد للبعض في لبنان بالقول “من يريد أن يصرخ فليصرخ حتى يشبع، فنحن مطمئنون بأن شعبنا لن يصرخ، لأنه شريك معنا في المعركة، كما أننا لسنا مجموعة منفصلة عنهم ونفرض إرادتنا عليهم، ومن يقول إن المقاومة ترهن طائفة وتأخذ البلد إلى المكان الذي تريد، فإننا نقول له بأننا في المقاومة رهائن تطلعات الناس وخياراتهم، والمقاومة جاهزة لما تتطلبه هذه التطلعات من تضحيات”.
في غضون، ذلك تتفاقم تداعيات الازمات المالية والاجتماعية عشية أسبوع سيشهد الأربعاء المقبل اضرابا شاملا في كل لبنان بدعوة من الاتحاد العمالي العام. وأمس، نفّذ مرضى #السرطان في اليوم العالمي لهم، وقفة احتجاجية تحت المطر وفي البرد، أمام السرايا الحكومية مطالبين بعدم رفع الدعم عن أدويتهم لانه سيتسبب بـ”مجزرة” في وقت اكد وزير الصحة فراس الأبيض أنّ دعمها سيستمر. ويعقد مجلس الوزراء جلسة غداً الاثنين لمحاولة إيجاد حلول للأزمتين التربوية والاستشفائية الطبية. إلى ذلك، يدخل قرار التسعير بالدولار في السوبرماركت حيز التنفيذ غداً الاثنين لوضع حد لمشكلة قفزات الدولار علما ان المواطنين سيسددون فواتيرهم بالليرة بحسب سعر صرف اليوم. واكد وزير الإقتصاد أمين سلام “اننا ندرس قراراتنا قبل أن نتخذها وموضوع التسعير بالدولار درس مع اقتصاديين”، مضيفاً: “الاثنين المقبل سنضع الآلية الواضحة حول موضوع التسعير بالدولار، وفي الآلية التي ستصدر، سنجبر السوبرماركت ان تضع في كل يوم سعر الصرف على بابها”.