خاص الهديل:
يبدو لافتاً الهدف الذي وضعته كلير ليجاندر المتحدثة بإسم الخارجية الفرنسية للاجتماع الدولي الخماسي من أجل لبنان الذي سيعقد غداً في باريس، وهو – أي الهدف – “تشجيع الطبقة السياسية على تحمل مسؤولياتها”..
من حيث الشكل والمضمون، يبدو هدف اجتماع باريس غريباً، وغير مألوف، وربما سوريالياً أيضاً.. فماذا يعني أن تجتمع خمس دول من أكبر وأهم دول العالم والإقليم، من أجل أن تقنع الطبقة السياسية في لبنان كي تعمل من أجل إنقاذ بلدها(!!)..هل هذا يعني أن هذه الدول تريد إفهام العالم أنها تريد الحل في لبنان، ولكن الطبقة السياسية في لبنان لا تساعدها على تحقيق هذا الحل؟؟ وهل هذا يعني أن هذه الدول الخمس تحولت إلى جمعية إرشاد وإقناع وتوعية، بدل أنها دول تملك وجهة نظر ونفوذ وقرار؟؟
..ربما يمكن تصديق أن باريس تريد الحل في لبنان، ولكن زعماء لبنان الذين وعدوا ماكرون بالسير معه وفق خارطة طريق تم وضعها في قصر الصنوبر بحضوره وحضور ممثلي الأحزاب الستة، حنفوا بوعودههم معه، ورموا اتفاقهم معه في سلة مهملات عدم الهيبة الفرنسية في المنطقة، ولكن لا يمكن لعاقل أن يصدق أنه في حال اجتمعت واشنطن وباريس والرياض والقاهرة والدوحة على إرادة سياسية واحدة تجاه الحل في لبنان، فإن زعماء لبنان سينجحوا في التهرب من هذا الحل.. وحتى حزب الله سيواجه حينها إحراجاً بالتهرب من الحل الدولي، خاصة إذا كان حلاً وسطياً.
..وعلى هذا، فإن الهدف الذي وضعته ليجاندر لاجتماع باريس، يعني أمراً واحداً، وهو أن الدول المشاركة فيه ليست على رأي واحد تجاه الأزمة في لبنان، أو تجاه كيفية حل الأزمة اللبنانية، أو حتى تجاه ما إذا كان المطلوب في هذه اللحظة وهذا التوقيت، حل الأزمة اللبنانية، أو الاكتفاء بإعطاء حبة أسبرين للوجع اللبناني، وذلك عن تسهيل انتخاب فخامة الرئيس تمهيداً لتشكيل حكومة تدير “ستاتيكو الأزمة الراهنة” وتطيل عمرها.
..لو أن بيان إعلان عقد اجتماع باريس الذي صرحت به ليجاندر، تضمن تلويحاً وتهديداً بأن الدول الخمس المجتمعة في باريس، ستفرض عقوبات على “الأحزاب اللبنانية الستة” في حال لم تسهل مهمة اجتماع باريس بحل الأزمة اللبنانية؛ لكان ذلك سيدفع للاستنتاج بأن اجتماع باريس هو بداية “الحل الدولي – الإقليمي في لبنان”، ولكن قول ليجاندر أن مهمة الدول الخمسة هي إقناع و”حث” الأحزاب الستة (وهم الطبقة السياسية اللبنانية) على تحمل مسؤولياتهم لإنقاذ بلدهم، إنما يعني أن اجتماع باريس هو مؤتمر يحاول فيه الدوليون “رفع العتب عنهم” تجاه ما يحدث في لبنان، وربما هو أيضاً اجتماع تحاول فيه واشنطن والسعودية رفع العتب الفرنسي عنهما من خلال القول للإليزية: ها نحن أتينا إلى باريس وحاولنا معك، ولكن الطبقة السياسية السداسية في لبنان لا تزال غير جاهزة لالتقاط حبل الانقاذ الدولي..
..وإذا كان المكتوب يقرأ من عنوانه، فإن العنوان الذي وضعته ليجاندر لاجتماع باريس لا يشجع على توقع نتائج مفيدة للبنان؛ بل ما يمكن توقعه هو استثمار فرنسي بخاصة ودولي إعلامي في أزمة تتجه لتصبح منسية إقليمياً ودولياً.