العالم الهولندي “كان يعلم” والآتي قد يكون أقوى… هل للذكاء الاصطناعي دور في التنبؤ بالزلازل؟
شغل فرنك هوغربيتز، العالم الجيولوجيّ الهولنديّ العالم واللبنانيين بالتغريدة التي نشرها قبل ثلاثة أيام، عن وقوع زلزال ضمن دائرة البلدان الآتية: تركيا ولبنان وسوريا والأردن.
كلام هوغربيتز كان محطّ تساؤلات الكثيرين، من ذوي الاختصاص في الجغرافيا والبيئة والزلازل، حتّى أنّه عاد وأكّد تغريدته، مفتخراً أنّه “كان يعلم”. علماً أنّ هناك إجماعاً لدى الخبراء يؤكّد عدم إمكان التنبّؤ بالزلزال قبل حدوثه.
رأي خبير
طوني نمر، دكتور اختصاصيّ في الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت، يستغرب تنبّؤات الخبير الهولنديّ، ويقول عبر “النهار” إنّه لا يملك المعطيات التي دفعت الخبير الهولنديّ إلى قول ما قاله. ومن باب التحليل أو التقدير، قد يكون هناك شيء ما له علاقة بـ”الذكاء الاصطناعيّ”، استطاع هوغربيتز من خلاله، معرفة ما سيحدث مسبقاً، خصوصاً أنّه عملياً نحن في منطقة زلزاليّة عبر التاريخ، وهناك كثير من الزلازل موثّقة تاريخياًّ، وبمساعدة الكمبيوتر أو برنامج معيّن عبر الذكاء الاصطناعيّ يمكن لهوغربيتز أن يقوم بجمع كلّ المعطيات حول الزلازل التاريخية التي حصلت في المنطقة، ويضيف إليها المعطيات الحالية للزلازل التي تحصل اليوم على الفوالق الموجودة والصفائح في منطقتنا، إضافة إلى معرفة الفارق في الوقت الذي تحصل فيه الزلازل عادة عبر التاريخ وفي أيّ منطقة، ما أدّى به إلى الخروج بمقاربة أنّ الزلزال المقبل سيكون في تركيا ودول الجوار”.
قد يذهب البعض إلى التفكير بنَسب الزلزال إلى عامل اصطناعيّ مفتعل، ناتج على سبيل المثال عن تجارب عسكرية أو نووية في عمق البحر، وهو أمر ليس بمستبعد بحسب الخبراء، ولكن، “مراكز رصد الزلازل الموجودة في العالم يمكنها رصد ومعرفة ما إذا كان الزلزال طبيعياً أم اصطناعياً، من خلال الإشارات التي تظهر لدى المرصد، وبالتالي، بحسب نمر، ما حصل اليوم هو زلزال ناتج عن عوامل طبيعية وليس اصطناعيّاً”.
ويوضح أنّه في منطقتنا، الزلازل الاصطناعية لا تحصل عادة. ويضيف: “المنظمة الدولية لحظر السلاح النووي، على سبيل المثال هي التي تراقب التجارب النووية التي تقوم بها كوريا الشمالية المغلقة على العالم، فتعرف تحديداً بأيّ وقت وأيّ تاريخ أُجريت التجربة النووية، وذلك عبر ما يُعرف بالـ seismogram، أي عبر الذبذبات الزلزالية، التي تبيّن حقيقة الصورة وما اذا كانت طبيعية أو اصطناعية، خصوصا أنه ليس كلّ تجربة نووية تحت الأرض تعطي آثارها فوق الأرض”.
دور الذكاء الاصطناعيّ
الخبير في الأمن السيبرانيّ والتحوّل الرقميّ رولان أبي نجم، لا يستبعد أن يكون فرنك هوغربيتز قد استخدم الذكاء الاصطناعيّ للتنبّؤ بموعد وقوع الزلزال في تركيا، إذا كان خبراء الزلازل يعتمدون ما يُسمى بالـ Pattern، أو النمط، بمعنى متابعة تفاصيل حدث يقع بشكل دوريّ، ونتيجة تغيّرات معينة أو نتيجة ارتباطه بعوامل معينة.
ويقول أبي نجم لـ”النهار”: “اذا افترضنا أنّه تمّ إدخال كلّ الداتا المتعلقة بالزلازل والبراكين والهزات وغيرها ضمن نظام معيّن، بالإضافة إلى إدخال كلّ المعطيات التي سبقت وقوع هذا الزلازل وما بعده، معطوفاً على المعلومات التي يتمّ إدخالها اليوم أيضاً إلى الـSystem بشأن هذه الزلازل، يمكن للذكاء الاصطناعيّ أن يحلّل تاريخياً ما حصل سابقاً، وأن يربط العوامل القديمة بالمعطيات الجديدة ليخرج باستنتاج أنّ الزلزال يمكن أن يحدث في هذا التاريخ أو ذاك”.
ويشرح أنّ الذكاء الاصطناعيّ، عبارة عن Big data، أي على سبيل المثال، كلّ البيانات المتعلقة بموضوع الزلازل بأيّ شكل من الأشكال، كالتواريخ التي حصلت فيها منذ القِدم، والأحداث التي سبقتها، والعوامل التي أدّت لاحقاً إلى الاستنتاج على أنّها سبب وقوع الزلزال، كالحفر مثلًا في عمق البحر، او إجراء تجارب نووية… عندها تكون مهمّة الذكاء الاصطناعي تحليل هذه البيانات، مضافاً إليها المعطيات الجديدة التي تتوفر باستمرار والتي يتمّ إدخالها بالـSystem، كحرارة الأرض أو دوران الأرض وغيرها من المعلومات، فيقوم بناء على المعطيات الجديدة والقديمة بتحليلها”.
وبالتالي، بحسب أبي نجم، فإنّ “الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن بيانات تتمّ برمجتها في نظام محدّد. بمعنى آخر، برنامج مهمّته قراءة البيانات وتحليلها”. ويشدّد على أنّ قوّة الذكاء الاصطناعيّ تكمن في قدرته على تحليل كمية ضخمة من البيانات قد تعود إلى 100 سنة، ومن ثمّ يقوم بالتنبّؤ Prediction استناداً إلى أرقام ودراسات”.
تغريدات العالم الهولنديّ
إشارة إلى أنّ الباحث الهولندي في شؤون الزلازل فرانك هوغربيتز تنبأ قبل 3 أيام بوقوع زلزال بقوة 7.5 درجات بمقياس ريختر، وسيضرب جنوب منطقة تركيا وسوريا والأردن ولبنان، وكتب سلسلة تغريدات أخرى تشرح ما يحصل.
ويقول في تغريدته الجديدة: “قلبي مع كلّ من تضرّر في زلزال تركيا. كما قلت سابقاً، عاجلاً أم آجلاً سيحدث ذلك في المنطقة كما حصل في عاميّ 115 و526. هذه الزلازل تسيقها هندسة كوكبيّة حرجة كما حدث في يوميّ 4 و5 شباط”.
وأشار إلى أنّه “من المهمّ مراقبة النشاط الزلزاليّ القويّ الإضافيّ في وسط تركيا والمناطق المجاورة. والسبب أنّ الهزات الارتدادية تستمرّ عادة لفترة من الوقت بعد حدوث زلزال قويّ.”
وعلّق بتغريدة أخرى مرافقة منذ 4 سنوات “هذه أقوى هزّة ارتدادية حتى الساعة، وستستمرّ هذه الارتدادات في المنطقة لبعض الوقت وتتراوح قوتها بين 4 إلى 5 درجات ولكن من الممكن حدوث هزّة أقوى”.
كما كشف الخبير هوغيربيتز عبر قناته في يوتيوب SSGEOS عن احتمال حدوث زلزال في المنطقة الممتدة من آسيا نحو المحيط الهندي. وشرح من خلال رسم بياني أنّ هذه المنطقة قد تشهد اهتزازات عنيفة بين تاريخ 4 و6 شباط وقد تتخطّى قوّتها الـ 6 درجات.